الرباط - علي عبد اللطيف
أصبح بإمكان عامة المواطنين تقديم مقترحات في مجال التشريع وفي المجال القانوني إلى البرلمان، بعدما أعدت الحكومة المغربية مشروع قانون تنظيمي يخوّل لجميع المغاربة الحق في تقديم التماسات في مجال التشريع إلى البرلمان. ويحدد مشروع القانون الشروط والكيفية الواجب التقيّد بها لممارسة حق تقديم الالتماسات.
وجاء هذا المشروع بعدما كان حق تقديم مقترحات ومشاريع القوانين مقتصرًا فقط على البرلمانيين والحكومة، دون غيرهما.
ويرتقب أن يثير هذا المشروع جدلًا كبيرًا في صفوف جمعيات المجتمع المدني باعتبارها المعنية الأولى بهذا المشروع، لأنه جاء بشروط، معقدة لممارسة هذا الحق في التشريع، وذلك عندما اشترط أن لا تقبل التماسات المواطنين المتعلقة بالتشريع إلا إذا حملت 25 ألف توقيع (25000)، من قبل المواطنين، وهو رقم كبير قد يحول دون إيصال بعض الالتماسات على شكل مقترحات أو استدراكات أو توصيات إلى المؤسسة التشريعية.
ويضيّق النص الخناق أكثر على الراغبين في تقديم الالتماسات إلى البرلمان، عندما يشترط ضرورة أن يكون الذين يتقدمون بهذه الالتماسات لهم الأهلية ويتمتعون بالحقوق السياسية، كما يشدّد النص على أنه لا تقبل الالتماسات التي يتقدم بها أشخاص ليسوا مسجلين في اللوائح الانتخابية العامة، أو الذين في ذمتهم ديون ناتجة عن الضرائب الجبائية.
ولا تقبل، وفق نص المشروع، الالتماسات التي تسعى إلى تحقيق مصلحة أصحابها فقط، مشدّدًا على ضرورة أن تسعى المقترحات المقدمة إلى تحقيق المصلحة العامة، وأن تحرر التوصيات والمقترحات في الملتمس بكيفية واضحة.
وأكدّ المشروع، أنّ هذه التوصيات لن تجد طريقها إلى مكاتب المسؤولين إلا إذا كانت مرفقة بلائحة تتضمن توقيعًا يسمى توقيعات "داعمي الملتمس"، والذي حدد المشروع عددها في 25000 (خمسة وعشرون ألفا) توقيع على الأقل.
وشدد المشروع على ضرورة إعداد مذكرة تكون مرفقة للملتمس توضح الأسباب الداعية إلى تقديم الطلبات أو التوصيات موضوع الالتماس.
ومنع مشروع القانون التنظيمي تقديم الالتماسات التي تمس الثوابت والمتمثلة في الدين الإسلامي، والوحدة الترابية للمغرب، أو النظام الملكي، أو الاختيار الديمقراطي للبلد، أو المكتسبات التي تم تحقيقها في مجال الحقوق والحريّات الأساسية، كما هو منصوص عليها في الدستور.
ودعا المتلمس إلى تجنب قضايا الالتماسات التي تتعارض مع المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، أو التي انضم إليها، ومنع أن يكون موضوع الملتمس "مندرج ضمن اختصاصات المجلس الوزاري، باستثناء تلك المتعلقة بالسياسات العامة للدولة".
وسيتم وفق المشروع إحداث لجنة تسمى "لجنة الملتمس" التي تتولى جمع التوقيعات وتعيين ممثل قانوني لها لتتبع الجوانب الإجرائية لإيداعه لدى مكتب مجلسي البرلمان المغربي (مجلس النواب ومجلس المستشارين) بعد استيفائه للشروط القانونية.
يُذكر أن الحكومة أصدرت هذا المشروع تنفيذًا لأحكام الفصل 14 من الدستور الذي ينصّ على الحق في تقديم التماسات في مجال التشريع من قبل المواطنين، وإغناء المبادرة التشريعية لأعضاء البرلمان وإعداد تشريعات جديدة أو مراجعة تشريعات قائمة في مختلف المجالات.
كما تم إعداد هذا المشروع من خلال استجماع خلاصة الحوار الوطني حول المجتمع المدني الذي دام قرابة عام ونصف، واستفاد من عدة تجارب أجنبية ناجحة، ومن المنظومة الحقوقية الدولية، وعدد من القوانين المغربية ذات الصلة.