الدار البيضاء- جميلة عمر
استقبل الملك محمد السادس الجمعة 29 تموز/ يوليو الجاري في القصر الملكي بتطوان، عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب الذي قدم للملك التقرير السنوي للبنك المركزي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم سنة 2015.
وفي كلمته أمام الملك قال الجواهري إن نسبة نمو الاقتصاد الوطني في سنة 2015 بلغت 4.5%، وذلك بفضل موسم زراعي استثنائي، بينما بقيت وتيرة الأنشطة غير الزراعية بطيئة مما انعكس سلبا على سوق الشغل، فقد كان عدد المناصب المحدثة محدودا نسبيا وبلغ معدل البطالة 9.7% . وفي ما يتعلق بتطور الأسعار، سجل التضخم نسبة 1,6%، وعلى مستوى التوازنات الماكرواقتصادية، أوضح والي بنك المغرب أن الوضع استمر في التحسن لا سيما بفضل هبوط أسعار الطاقة، فانخفض عجز الميزانية إلى 4,4% من الناتج الداخلي الإجمالي وانحصر عجز الحساب الجاري في 2,2%، وأسهم هذا التحسن إلى جانب التدفقات المهمة من الاستثمارات الخارجية، في ارتفاع ملموس لاحتياطات الصرف.
وأبرز أن تزايد هذه الاحتياطات أدى إلى تراجع كبير في حاجات البنوك من السيولة؛ مما جعل بنك المغرب يقلص حجم تدخلاته في السوق موازاة مع مواصلة نهج سياسة تيسيرية، واستمر على الخصوص في تنفيذ برنامجه الرامي إلى دعم تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة، مشيرا إلى أن بنك المغرب عمل خلال سنة 2015 على إعداد جزء كبير من النصوص التطبيقية لتنزيل القانون البنكي الجديد، بما فيها تلك المتعلقة بالمالية التشاركية. وأكد الجواهري أن المغرب بفضل التوجيهات السامية للملك والمبادرات التي اتخذها أصبح لديه اليوم بنيات تحتية مؤسساتية واقتصادية واجتماعية مهمة أهلته إلى تحقيق تسارع ملحوظ في النمو وطفرة نوعية في مجال التنمية البشرية، غير أن وتيرة هذا التقدم بدأت تتباطؤ في السنوات الأخيرة، فتراجع نمو الأنشطة غير الزراعية وضعفت قدرة الاقتصاد على خلق فرص الشغل؛ مما يثير التساؤل حول مدى استطاعة النموذج التنموي الحالي مواصلة الاستجابة لحاجات المواطنين وتطلعاتهم؛ وهو نفس التساؤل الذي أثاره الملك أثناء خطاب العرش في تموز/ يوليو 2014، حين دعا إلى اعتماد مقاربة جديدة في إعداد السياسات العمومية تضع الرأسمال غير المادي على رأس الأولويات.
وقال الجواهري إن المغرب اليوم يحتاج إعادة النظر في نموذجه التنموي وأسلوب إعداد وتنفيذ سياساته العمومية؛ لأجل ذلك أقترح التوجه نحو اعتماد التخطيط الاستراتيجي كمقاربة لضمان رؤية شاملة ومتسقة، موضحا أن خيار الانفتاح الذي ينهجه المغرب، والذي عززته الرؤية المتبصرة للملك بتنويع شراكات المملكة، يحث على الانتقال تدريجيا نحو نظام صرف أكثر مرونة، مضيفا أن هذا التحول سيمكن من رفع قدرة الاقتصاد الوطني على امتصاص الصدمات الخارجية، مع تقوية ثقة الشركاء الأجانب، وسيتيح للسياسة النقدية الانتقال إلى نظام استهداف التضخم، وهو ما من شأنه أن يحسن إسهامها في النمو الاقتصادي.
ودعا الجواهري إلى تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية الجاري تنفيذها وعلى رأسها إصلاح منظومة التربية والتكوين بالإضافة إلى تنزيل مقتضيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، مضيفا أن الهشاشة التي تميز سوق الشغل تستوجب وضع إشكالية التشغيل ضمن الأولويات الوطنية، مع الحرص على ترجمة الاستراتيجية التي تم إعدادها في هذا المجال إلى آليات وبرامج فعالة. مشيرا إلى أن التحديات الكبرى التي يواجهها المغرب تستوجب تقوية الجبهة الداخلية ووضع الرهانات الاستراتيجية فوق الاعتبارات السياسية والفئوية، معتبرا ذلك السبيل الأنجع لبلوغ الطموحات التي يسعى إليها، ومنها على الخصوص ضمان ظروف عيش أفضل للمواطنين وفتح آفاق واعدة للشباب؛ وبهذه المناسبة قدم عبد اللطيف الجواهري للملك التقرير السنوي للبنك المركزي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم سنة 2015.