الرياض ـ سعيد الغامدي
يزور الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي ولي العهد والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع السعودي- قصر الإليزيه الاثنين27 حزيران/ يونيو المقبل؛ لبحث القضايا المشتركة والتعاون بين البلدين. وسيكون في استقباله رئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا أولاند.
ويعقد ولي ولي العهد مباحثات ذات مستوى عال، لاسيما مع رئيس الوزراء مانويل فالس، ومع وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية جان-مارك آيرولت، ومع وزير الدفاع جان-إيف لو دريان. ويتناول الوفد السعودي وكبار المسؤولين السياسيين الفرنسيين العلاقات الثنائية الفرنسية السعودية من خلال درس آفاق التعاون الجديدة التي تندرج في إطار برنامج التحوّل الوطني 2020 الذي اعتمدته المملكة العربية السعودية من أجل تنفيذ "رؤية المملكة 2030". سيتمّ أيضًا التطرّق إلى الملّفات الإقليمية الهامة.
يرافق الأمير محمد بن سلمان وفد سعودي رسمي مهم، وهي زيارة العمل الثانية التي يقوم بها إلى فرنسا من أجل إثبات تميّز الشراكة الفرنسية السعودية الاستراتيجية الشاملة وتعميقها، وفق خطّة الإصلاحات الفريدة من نوعها والطموحة، ألا وهي "رؤية المملكة 2030" التي اعتمدت بتاريخ 25 نيسان/ أبريل الماضي ووفق خطّة العمل التي وافق عليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ورئيس الجمهورية الفرنسية، السيد فرانسوا أولاند بتاريخ 4 و5 أيار/ مايو 2015.
وستعقد لقاءات على هامش هذه المباحثات بين رؤساء شركات فرنسية ولاعبين اقتصاديين سعوديين من المستوى الرفيع بغية تشجيع الشركات السعودية على الاستثمار في فرنسا وتعزيز وجود الشركات الفرنسية في المملكة، تلك الشركات التي تتمتّع بخبرة تقنية وصناعية وثقافية معترف بها في كلّ أرجاء العالم. وأضافت السفارة في بيانها "أن ولي ولي العهد ووزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسي جان-مارك آيرولت، سيرأسان الاجتماع الثالث للجنة المشتركة الفرنسية-السعودية التي تلتئم بتاريخ 28 حزيران/ يونيو، وستتناول المناقشات الشراكة الثنائية الاستراتيجية الشاملة والملّفات الإقليمية".
وتثبت أن هذه اللجنة الثالثة التي تلتئم بعد اللجنة الأولى التي تمّ تنظيمها في باريس في شهر حزيران/ يونيو 2015 واللجنة الثانية التي انعقدت في الرياض خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2015، كثافة علاقات الثقة والصداقة التي تربط المملكة العربية السعودية وفرنسا. وتهدف أيضًا هذه اللجنة إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة الفرنسية/ السعودية وتعميق العلاقة المتمّيزة التي تربط البلدين في قطاعات مختلفة، مثل الدفاع والطاقة والصحة والزراعة والصناعة والنقل والبنى التحتية والثقافة والأبحاث والرياضة بل أيضًا الإعلام والبيئة والسكن والسياحة والتراث.
يذكر أن التجارة الفرنسية-السعودية بلغت 7 مليارات يورو عام 2015. كما تعد المملكة هي مورّد النفط الأوّل إلى فرنسا بينما تحتل فرنسا المركز الثالث كمستثمر أجنبي في المملكة، مع استثمارات أجنبية مباشرة تقدّر بأكثر من 15 مليار دولار. عقب انعقاد اللجتين المشتركتين الأوليين، وقّعت فرنسا والمملكة العربية السعودية عقودًا واتفاقات في شتّى القطاعات بقيمة إجمالية تتعدّى 20 مليار دولار. واجتمع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي في نيويورك أمس مع وزير الطاقة الأميركي إيرنست مونيز، وتطرق اللقاء إلى التعاون بين البلدين في عدد من المجالات منها البحثية والتقنية وكفاءات الطاقة والحوسبة والطاقة المتجددة. كما ناقش الطرفان الوضع الحالي في السوق البترولية ودعم الجهود المشتركة لاستقرار أسواق الطاقة وتوفير الطاقة والنفط للأسواق العالمية بصورة مستدامة.
وعقد الأمير محمد بن سلمانلقاءات عدة صباح أمس مع مجموعة من الشركات الاستثمارية الأميركية ومديري المحافظ المالية في بورصة نيويورك، وشارك في اللقاء عدد كبير من رؤساء كبرى الشركات مثل "داو كيمكال"و "فايزر" لصناعات الأدوية، وشركة "بلومبيرغ". ووصفت مصادر اللقاءات بأنها كانت مثمرة للغاية وناقشت آفاق وسبل تعزيز التعاون بين الشركات السعودية والأميركية، وجذب الشركات الاستثمارية الأميركية والشركات المالية للعمل في المملكة،والإسهام في خطة التحول الاقتصادي واستغلال الفرص التي توفرها "رؤية 2030" من فرص استثمارية.
واستعرض الأمير محمد بن سلمان تفاصيل "الرؤية 2030" والخطة لطرح 5% من شركة "أرامكو" العملاقة بالطرح العام وإنشاء صندوق سيادي بقيمة تريليوني دولار.
وأشار عدد من المستثمرين الأميركيين إلى اهتمامهم ببرامج خصخصة القطاع العام في السعودية، وطرح نسبة من أسهم شركة "أرامكو" التي من المتوقع أن تسجل رقما سياسيا في تاريخ بورصة نيويورك من حيث حجم الاكتتاب والإقبال لو طرحت هناك.
وأبدت "جي بي مورغان"، و"مايكل كلاين"و "سيتي غروب" و "شركة الاستثمار المصرفي الذي تديره بنك بوتيك"، استعدادهم لتقديم المشورة في عمليات طرح جزء من أسهم شركة "أرامكو" في الطرح العام. وتجتذب أخبار هذا الطرح الكثير من البنوك الاستثمارية الأميركية، ومن المتوقع أن يحقق طرح شركة "أرامكو" أكثر من 150 مليار دولار من عائدات الاكتتاب بما يجعل اكتتاب "أرامكو السعودية" الأكبر في تاريخ البورصات الأميركية.
وأشار المحلل الاقتصادي ألكس ماغواير متخصص الاكتتاب وأسواق النفط في نيويورك، أن هناك اهتماما كبيرا بمتابعة الأنباء عن طرح شركة "أرامكو السعودية" ليس فقط باعتبارها أهم الشركات في قطاع الطاقة، لكن أيضا باعتبارها "أكبر الشركات في سياق الاقتصاد العالمي، وسيكون لنتائج الاكتتاب تأثير ضخم على سوق النفط؛ لأنه سيكون أكبر اكتتاب".
وكان الأمير محمد بن سلمان التقى مجموعة من رجال الأعمال السعوديين، وتناول الاجتماع الحديث حول تعزيز الشراكة، وفرص الاستثمار بما فيها استقطاب استثمارات واعدة لتوطين التقنية وتأهيل الكوادر البشرية الوطنية. ويؤكد الدكتور بول سوليفان البروفسور في جامعة جورج تاون والمتخصص في الدراسات الدولية ومنطقة الخليج بمركز العلاقات العربية الأميركية الدولية، أن "ما يقوم به الأمير محمد بن سلمان من اجتماعات ولقاءات لترويج (رؤية المملكة 2030) وجذب الاستثمارات الأميركية والغربية؛ سيمهد الطريق لمستقبل أفضل للسعودية"، ويقول "إنها خطة طموحة بشكل مذهل وفرص نجاحها حتى لو بلغ 60% فقط بحلول عام 2030 فهذا من شأنه أن يضع المملكة على أساس اقتصادي واجتماعي وسياسي قوي"
ويضيف سوليفان "تنفيذ الرؤية سيدفع اقتصاد المملكة من مرتبة أكبر 18 اقتصادا في العالم إلى المرتبة الخامسة عشرة مع ما يتم من إصلاحات لتعزيز القدرات التنافسية وزيادة حصة القطاع الخاص من 40% إلى 60% من الاقتصاد، وزيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية، وتحسين عمل الحكومة وزيادة حصة الشركات الصغيرة والمتوسطة، فضلا عن زيادة الاستثمار الأجنبي إلى حد كبير، زيادة الاستثمار في الإنتاج الموجه للاستهلاك، إضافة إلى خفض معدل البطالة إلى 4 في المائةوزيادة تطوير المنظمات غير الحكومية وتشجيع العمل التطوعي".
ويوضح الباحث الأميركي أنه لا أحد يمكنه التنبؤ بأسعار النفط في العام المقبل أو عام 2020 أو 2030 مع التباطؤ العام في الاقتصاد العالمي، بما في ذلك آسيا، وبصفة خاصة الصين، مع نمط نمو بطيء في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن خطط الحكومة السعودية للتحول الوطني و"روية 2030"، إضافة إلى الاتجاه إلى خصخصة أصول الدولة وبيع جانب من أسهم شركة "أرامكوالسعودية"، خطوات تؤكد أن السعودية لديها الكثير من الأصول المربحة للغاية ومئات المليارات من احتياطي النقد الأجنبي إضافي إلى 900 مليار برميل من احتياطي النفط التقليدي، والأصول المعدنية مثل الذهب والحديد والبوكسيت، ومواقع سياحية وأثرية وتاريخية لا حصر لها، إضافة إلى فرص استغلال الطاقة البديلة. ويستطرد الباحث بالقول "إن المملكة العربية السعودية تملك فرصا كبيرة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية، وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة؛ ولذا فإن السعودية لديها إمكانات هائلة للتنوع الاقتصادية والنمو مع موارد بشرية تلقت تعليما جيدا".