الرباط - المغرب اليوم
لا حديث اليوم للمحالين على التقاعد والواقفين على أبوابه من موظفي ومستخدمي القطاعين العام والخاص إلا عن مطلب إلغاء خصم الضريبة على الدخل من معاشات التقاعد. هذا لا يعني أن التداول حول هذه القضية وليد الساعة، بل كان جاريا على قدم وساق بين المهتمين والمعنيين المباشرين في المجالس الخاصة والوقفات الاحتجاجية التي تحفل بها شوارعنا بشكل لافت للنظر.
لكن مطلب المتقاعدين المتمثل في إلغاء الضريبة على الدخل تمكن من التسلل إلى داخل قبة البرلمان المغربي ليأخذ بعدا تشريعيا بفضل المجموعة الكونفدرالية بمجلس المستشارين التي تكفلت بطرحه كمقترح تماشيا وامتثالا لقرار صادر بهذا الشأن عن المكتب التنفيذي لمركزيتهم النقابية.
أجازت لجنة المالية بمجلس المستشارين، تعديلا يقضي بتطبيق خصم على الضريبة على الدخل التي تخضع لها معاشات المتقاعدين التي لا تتجاوز 168 ألف درهم، من 55 في المائة إلى 60 في المائة. غير أنه في الجلسة العامة لمجلس المستشارين بمناسبة مناقشة مشروع قانون مالية العام المقبل، تقدم مستشارو الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمقترح يقضي بإعفاء تام لمعاشات الضريبة على الدخل، وهو ما حظى بدعم من قبل مستشارين فرق مثل تلك التي تمثل حزب الاستقلال أو الاتحاد المغربي للشغل.
وأوضح عبد الحق حيسان، مستشار الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالغرفة الثانية، في تصريح لموقع إخباري أنه “تم اقتراح إعفاء معاشات التقاعد من الضريبة على الدخل في لجنة المالية، غير أنه اكتفى بتبني الخصم من 55 في المائة إلى 60 في المائة، غير أنه أعيد طرح الإعفاء في الجلسة العامة، حيث جرى التصويت عليه بالإيجاب”.
إسهاما منه بمزيد من التوضيح بخصوص هذا الموضوع، كتب محمد بوتخساين، الفاعل النقابي، تدوينة في الفيسبوك يشير فيها إلى أنه بعد أن تمكنت المركزية السالفة الذكر من “إقناع مجموعة من المستشارين بالتصويت على تعديلها المتمثل في إلغاء IR من معاشات المتقاعدين ،وقد نجحت في ذلك بالجلسة العامة المنعقدة يوم الجمعة 6 دجنبر 2019، انتهي دورها لأن النقابة إياها ممثلة بمجلس النواب الذي سيعود له الاقتراح في قراءة ثانية..”
يستفاد من تدوينة محمد بوتخساين أن العقبة الكأداء أمام هذا التعديل المقترح هي “أن تركيبة مجلس النواب منحازة كليا للباطرونا باستثناء نائبي فدرالية اليسار الديمقراطي وأكيد سيبذلان مجهودا لإقناع النواب للتصويت على مقترح إلغاء الضريبة على الدخل في قراءته الثانية.” ولا يمكن بأي حال من الأحوال الحكم على صاحب هذا الرأي بأنه عدمي خاصة عندما يقول في نفس التدوينة إن ترسانة القوانين و المقترحات التي مرت بمجلس النواب كلها كانت لصالح الباطرونا و ضد الطبقة العاملة و ضد الفقراء، مما يستوجب من المتقاعدين تعبئة شاملة و استثنائية لتنظيم وقفة حاشدة وضاغطة بالرباط تزامنا مع القراءة الثانية بالمجلس، لأنه مهدد بإسقاطه من طرف الأحزاب المشكلة لهذا المجلس و التي أغلبها صوتت ضد كل ما يخدم الكادحين و صوتت لصالح كل ما يخدم الأغنياء و على رأسهم حزب العدالة و التنمية الذي يصوت بالإجماع ضد مصالح الطبقة العاملة و من المنتظر أنه سيقوم بمجهودات استثنائية لإسقاط مقترح إلغاء الIR.
لكن الوقائع التي صاحبت وأعقبت أشغال لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب على مشروع قانون المالية لسنة 2020 يوم أمس الأربعاء بالأغلبية في قراءة ثانية تؤكد أن الأمور سارت في المسار الذي تصوره صاحب التدوينة حتى ولو أن الحكومة نجحت في إبعاد الحرج عن أغلبيتها البرلمانية عندما رفضت تعديلا للمادة المتعلقة بالمعاشات كان قد تقدم به مجلس المستشارين.
جاء هذا الرفض على لسان محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، بالارتكاز على الفصل 77 من الدستور الذي ينص على أن “للحكومة، في إطار توزان مالية الدولة، أن ترفض، بعد بيان الأسباب، المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان، إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة لقانون المالية إلى تخفيض الموارد العمومية، أو إلى إحداث تكليف عمومي، أو الزيادة في تكليف موجود”.
أما عن الردود التي خلفها لجوء الحكومة للفصل المذكور بين أوساط النواب البرلمانيين فيمكن أن نصوغ بشأنها بعض الملاحظات. بالنسبة لنواب الأغلبية، نجد أنهم أحجموا في غالبيتهم عن التعليق على هامش النازلة حفاظا على سلامة البيضة في”الطاس” أما من صدح منهم برأيه بحضور وسائل الإعلام فقد اختار الدفاع عن لجوء الحكومة إلى الفصل 77 من الدستور، حيث قال رئيس فريق البيجيدي، مصطفى الإبراهيمي، إن الحكومة لم تقم سوى بتفعيل الاختصاصات التي يخولها لها الدستور والنظام الداخلي لمجلس المستشارين. ألا يؤيد هذا الموقف ما ذهب إليه صاحب التدوينة من أن هذا الحزب يعارض مصالح الطبقة العاملة؟
بالنسبة لنواب المعارضة، ذهب هشام المهاجري، النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة إلى القول: “نريد تفسيرا لْهادْ الحُكْرة دْيالْ الحكومة على مجلس النواب، وقد كان عليها أن تدفع بالفصل 77 في مجلس المستشارين”، بينما قال عبد اللطيف وهبي: “نحن لم نتقدم بأي مقترح ولا ، لذلك كان على الحكومة أن تطعن في التعديلات المقدمة حولها في مجلس المستشارين، وليس في مجلس النواب”.
قد يهمك أيضًا :