الرئيسية » أخبار محلية وعربية وعالمية
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في صورة في أمس في قصر الرئاسة في انقرة وهو يسعى بلا هوادة لتكسير أعدائه بعد محاولة الانقلاب

أنقرة ـ جلال فواز

اعتقل أكثر من 60 ألف شخص وعلقت وظائفهم في تركيا بعد أن أعلنت الدولة ثلاثة أشهر من حالة الطوارئ التي تخوّل الحكومة بإصدار قوانين جديدة دون الحاجة الى استشارة البرلمان، ولم يدخر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أي فرصة لتكسير اعدائه بقسوة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة يوم الجمعة على سلطته, وجاءت بعض الاقتراحات من طريقة تعامله القاسية ردًا على الانقلاب الذي قتل فيه 265 شخص انه هو ربما من فبركه لإعطائه الذريعة لتعزيز سلطته الاستبدادية أكثر، ولكن يشير المحللون أن هذا غير وارد لأسباب ليس اقلها ان الكثير من أصدقائه المقربين الذين قتلوا في الحدث، ولكن هذا لا يعني أن الرئيس لم يستفيد من الوضع لتخليص بلاده من أي شخص لا يتفق معه ومع قالبه وثقافته ويتماشى مع رؤيته الاستبدادية الخاصة.

وينتظر حوالي 6000 عسكري من بينهم عشرين جنرال المحكمة، وأقيل بالفعل 9000 ضابط وعلق عمل 3000 قاضي، وفقد 15 ألف معلم وظائفهم وعزل حوالي 1500 عميد من الجامعات التركية، ويكمن السؤال الذي يطرح نفسه كيف شارك المعلمون وأعضاء السلطة القضائية في محاولة الانقلاب التي طبخها ضباط الجيش والقوات الجوية؟


ويعود السبب من وجهة نظر النظام لأن كل هؤلاء من مؤيدي فتح الله غولن وهو رجل دين مسلم يعتبر خصما لأردغان ويعيش في المنفي في أميركا والذي ادعى أردوغان انه يخطط لمؤامرة ضده، ويمتلك غولن جمعية سرية من مؤيديه في جميع أنحاء تركيا ولديه شبكة من المدارس الخاصة، ولكن الحكومة التركية لم تتوصل حتى الآن الى أي دليل أن غولن كان وراء محاولة الانقلاب.


واستخدم أردوغان تدابير الطوارئ الجديدة لتطهير تركيا من كل من يعتبره " غير مرغوب فيهم" وذهب للقول أن العقاب ربما يصل الى اعادة عقوبة الاعدام الملغية في تركيا منذ سنوات، وذهب البعض في خضم هذه الأحداث الى مقارنة التطهير بثورة ماو الثقافية في الستينات والسبعينات في الصين عندما قرر ماو القضاء على النجاسة البرجوازية والعناصر الرأسمالية في المجتمع الصيني وتعزيز أيدولوجية بلده كبلد شيوعي نقي من خلال صراع طبقي عنف, ومات الملايين في هذه الثورة، ولكن يبدو أن الامر في تركيا لن يترك الكثير من المذابح، بل سيتبع أردوغان طريقة متوازنة أكثر تناسبا مثلما فعل هتلر في شباط/فبراير عام1933 عندما استغل هجوم متعمد على مقر البرلمان في رايخستاغ بحظر الحزب الشيوعي الالماني والذي كان يمتلك 17 مقعد في البرلمان.


ومنح بعدها البرلمان هتلر المزيد من السلطات الدكتاتورية وبعدها بعام قتل هتلر 85 معارضًا بيد قواته الخاصة في "ليلة السكاكين الطويلة" وأعلن على اثرها انه سيخلص الجسم الألماني من القرحة حتى يصل الى اللحم الحي." وهذا ما فعله أردوغان عندما تعهد بتنظيف جميع المؤسسات من فيروس أنصار عدوه فتح الله غولن، ولا عجب في أن بعض المعلقين على أحداث الأسبوع الماضي في تركيا وصفوها " حريق رايخستاغ".

واستخدم ستالين أيضا هجوما على نظامه في عام 1934 لإطلاق حملة تطهير شيطانية استمرت حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية، وفي تلك السنة قتل قناص المسؤول في الحزب الشيوعي سيرغي كيروف بإطلاق على رأسه من الجزء الخلفي، فقد كان الرجل ذو كاريزما وشعبية كبيرة، ورأي فيه ستالين تهديدا محتملا، ويعتقد البعض أنه هو من دبر الامر، وفي أعقاب هذه الأحداث كان أكثر من 150 ألف شخص معتقل بمعدل ألف في اليوم واختفوا في معسكرات واسعة من الاعتقال.

وقتل العديد منهم في أماكن متفرقة في جميع أنحاء المناطق المتجمدة في القطب الشمالي وسيبيريا، وأجبر الناجون على الاعتراف بجرائم وهمية بعد تعرضهم للضرب بالحديد بتعليمات من ستالين قبل أن  يلقوا مقتولين في المقابر الجامعية التي ما يزال يجري اكتشافها حتى اللحظة.

ولا تقارن أفعال أردوغان بأي شكل من الأشكال بهذه الفظائع، ولكن بطبيعة الحالة هناك وجه شبه واحد وهو استخدام الهجوم على نظامه بلا رحمة لتعزيز سلطته أكثر، وكان سعيدا لمشهد شعبه وهو يتحدى الدبابات والجنود في الشوارع، ولكن هناك نمط ثابت في هذه القضية ففي كانون الاول/ديسمبر عام 2013 عزل العديد من الصحافيين والقضاة والمحامين ورجال الشرطة أو سجنوا عندما حاولوا التحقيق في فضائح فساد ضخمة شملت نجل أردوغان.

واستخدم التهديدات الارهابية لداعش المتخفي في عدة مدن تركية على الحدود مع سورية وحزب الماركسيين الأكراد وحزب العمال الكردستاني لسحق الأتراك الموالين للأكراد، بحرمانهم من الانتخابات الأخيرة.

ولا تبشر أي من هذه الأحداث بمستقبل تركيا، هذا البلد الديمقراطي الاسلامي الوحيد، فأردوغان يتصرف مثل الديكتاتور، وقد أبرم صفقة مع الاتحاد الأوروبي تلتزم بها تركيا بوقف تدفق المهاجرين والتي اذا ما انهارت ستؤدي الى تدفع عدد كبير منهم الى أوروبا.

وتمتلك تركيا ثاني أكبر جيش في حلف شمال الاطلسي ولكن فعاليتها العسكرية ضد داعش ربما ستتراجع بعد محاولة الانقلاب واعتقال العديد من الجنرالات على الرغم من أن أردوغان لم يكن واضحًا في جديته في محاربة المنظمات الارهابية والتي تكره الاكراد بنفس القدر الذي يكرههم هو بها.

ويجب عدم اغفال أن عضوية حلف شمال الاطلسي تنوطي على الاشتراك في القيم الديمقراطية وسيادة القانون، وهناك مخاوف من أن أردوغان سيتجه الى بوتن بعد تحسين العلاقات فجأة بين تركيا وروسيا بعد حادثة اسقاط الطائرة الروسية في سورية مؤخرًا.

ويبدو أن احتمال انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي بعيد، وسيكون أي انشقاق في قوة حلف شمال الاطلسي الذي يحرس الجناح الجنوبي الشرقي في أوروبا اكبر انتشار لبوتن، فالناتو يحتفظ بقاعدته في انغرليك بقنابل نووية لتخويف روسيا، وقد تغيرت الأحداث بسرعة بالغة في تركيا لذلك يجب على العالم أن ينظر الى ان محاولة أردوغان في فرض السيطرة مخيفة وستؤثر على الجميع. 

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وفد التفاوض الإسرائيلي ينهي مباحاثاته في الدوحة النّار و…
القيادة العامة في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تُسلم أسلحتها…
سقوط عشرات الشهداء في غزة و"القسام" تُعلن خوض معارك…
الجيش الأميركي ينفذ ضربة جوية في دير الزور بالتزامن…
" لوفيغارو " الفرنسية تكشف قصة هروب الأسد عبر…

اخر الاخبار

دعم ثابت لمخطط الحكم الذاتي ولسيادة المغرب الراسخة على…
وفد مغربي يُشارك في فعاليات حدث رفيع المستوى حول…
2024 سنة تأكيد الطابع الاستراتيجي للعلاقات المغربية الإسبانية
ناصر بوريطة يؤكد أن العلاقات بين المملكة المغربية والعراق…

فن وموسيقى

سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…
منى زكي تؤكد أنها تتأنى دائما في اختياراتها لأعمالها…

أخبار النجوم

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن…
زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
محمد رمضان يُشعل مواقع التواصل بمسابقة وجائزة ضخمة
أزمات قانونية تنتظر عمرو دياب في العام الجديد

رياضة

المغربي حكيم زياش لا يمانع الانضمام لصفوف الوداد في…
محمد صلاح ينفي شائعات التجديد مع ليفربول ويؤكد أن…
المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024
نجم منتخب البرازيل وريال مدريد فينيسيوس جونيور يفوز بجائزة…

صحة وتغذية

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة

الأخبار الأكثر قراءة

انفجار صواريخ بمواقع إسرائيلية حدودية و"سرايا القدس" تبث شريطا…
المروحيات الإسرائيلية تحلّق في أجواء الجنوب وترامب يمنح الضوء…
مجلس الحكومة المغربية يُصادق على مشروع قانون يتعلق بمدونة…
مجلس النواب المغربي يُصادق بالأغلبية على الجزء الأول من…
الولايات المتحدة تُسلم لبنان مسودة لمقترح هدنة لوقف إطلاق…