الرباط-رشيدة لملاحي
تعهّد رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني باتخاذ إجراءات جديدة لمساعدة الفئات الفقيرة، وإنشاء برامج تهم هذه الفئة للنهوض بأوضاعها والحد من الفوارق الاجتماعية وتبسيط دعم الأرامل والتكافل الاجتماعي، حيث شدّد على أن للحكومة عزم كبير على مواصلة مختلف الإجراءات الكفيلة بمعالجة الاختلالات المسجلة اجتماعيًا، وتوفير الشروط اللازمة لضمان العيش الكريم للمواطنين والتوازن والاستقرار الاجتماعيين.
وأكد العثماني، خلال جلسة الشهرية في مجلس النواب "الغرفة الأولى من البرلمان المغربي"، على أن الجوانب الاجتماعية تتمثّل في صميم عمل الحكومة، وتشكل أهم أولوياتها، بالنظر إلى ارتباطها بحق المواطن في الاستفادة من الخدمات الاجتماعية ضمانا للعيش الكريم، مشيرًا إلى أن الحكومة منذ توليها تنظيم الشأن العام "جعلت البعد الاجتماعي في صميم السياسات العمومية، وهو ما تؤكده مكانة هذا الجانب في البرنامج الحكومي وقوانين المالية، آخرها ميزانية 2018 التي تقرّر تخصيص نصفها إلى القطاعات الاجتماعية، مع الحرص على مواصلة النهوض بالأوضاع الاجتماعية لكافة المواطنين في مختلف مجالات التربية والتدريب، والخدمات الصحية والعمل، ومحاربة الفوارق الاجتماعية، والتصدي للهشاشة والفقر ودعم الفئات الهشة وصيانة التماسك الاجتماعي والأسري، عبر تسجيل المكتسبات المنجزة، واقتراح جملة من الإجراءات والتدابير العملية الطموحة.
وتعهد العثماني بضرورة تطوير حكامة برامج الحماية الاجتماعية من خلال إرساء مبدئي الالتقائية وتكامل السياسات الاجتماعية العمومية وتطوير حكامة الدعم الاجتماعي وتعزيزه، بوضع نظام لرصد الفئات الفقيرة والهشة من خلال اعتماد قاعدة معطيات موحدة لضمان حسن الاستهداف، وكذا تطوير حكامة ومردودية منظومة الدعم الاجتماعي على مستوى المؤسسات، والنظم المعلوماتية، وآليات الدعم والاستهداف، وطرق التوزيع، والمراقبة. وفي هذا الصدد، كشف العثماني أن شروط تطبيق مبادرتي دعم الأرامل وصندوق التكافل العائلي،الذي بلغ عدد المستفيدات منه 77455 أرملة لحد الآن، تحسنت بتبسيط المساطر، ومراجعة وتيسير إجراءات وشروط الاستفادة، للرفع من عدد المستفيدات من هذا الدعم وتوسيع المستفيدين من التكافل العائلي لتشمل الأمهات المطلقات أو المهملات والأطفال في حال وفاة أمهاتهم المطلقات أو المهملات، وذلك حسب ما جاء في قانون مالية 2018، وفي تقدير العثماني، فإن منظومة الاستهداف لبرامج الحماية الاجتماعية، ستؤتي أكلها باعتماد مشروع مهيكل على المدى المتوسط يمتد من الفترة ما بين 2017 إلى 2021، يتمثل في "إرساء سجل اجتماعي موحد على الصعيد الوطني سيمكن من تسجيل الأسر المرشحة للاستفادة من إحدى البرامج الاجتماعية، ما سيسهل تمكين البرامج الاجتماعية من معطيات دقيقة عن الأسر المرشحة من خلال آلية تسجيل موحدة ومتجانسة على الصعيد الوطني، وذلك استحضارا للمعطيات الديمغرافية والسوسيو اقتصادية.
وأوضح العثماني، أنّ من أولويات الحكومة جعل هذا "السجل المدخل الوحيد للاستفادة من البرامج الاجتماعية، مادام سيحدد لكل أسرة ترتيبها في سلم المؤشر السوسيو اقتصادي ومدى أهليتها للاستفادة من البرامج الاجتماعية"، علمًا أنه رغم نجاح بلادنا في إحداث مجموعة من البرامج الاجتماعية الموجهة للفئات المعوزة والهشة والفقيرة، فإن توالي هذه البرامج لم يندرج في إطار تصور شمولي يضمن الانسجام والتكامل والإلقائية فيما بينها، مشيرًا إلى أنّه "قد ينتج عنه ارتباك في تدبير هذه البرامج وعدم تحقيق الأهداف المرجوة منها، وإما بسبب الاستفادة المزدوجة لبعض الأشخاص من برامج متشابهة الأهداف أو إقصاء آخرين منها رغم توفرهم على شروط الاستحقاق"، مشددًا على ضرورة التفكير في تحسين صيغة الاستهداف من برامج الحماية الاجتماعية.
وأكد العثماني أن تحسين الولوج إلى الخدمات الصحية تعد أولية للعمل الحكومي، ما يبرهن عليه ارتفاع الاعتمادات المخصصة للقطاع في ميزانية 2018 التي بلغت 14,79 مليار درهم مع تخصيص أكثر من 4 آلاف فرصة عمل، فإلى جانب توسيع التغطية الصحية في إطار نظام المساعدة الطبية، وتحسين الوصول إلى الأدوية والمستلزمات الطبية، فإن سياسة الحكومة في مجال الصحة للفترة ما بين 2017 و2021، "تهدف إلى مواصلة تعميم وتحسين الخدمات الصحية وتحسين ظروف استقبال المواطنين في المستشفيات عبر مواصلة برنامج خدماتي، واستكمال تعميم التغطية الصحية للفئات المستهدفة لتشمل المستقلين وأصحاب المهن الحرة مما سيمكن من تغطية أكثر من 90 في المائة من السكان في أفق 2021".
ودعمت الحكومة الوصول إلى السكن اللائق من خلال مواصلة تنفيذ مدن بدون صفيح ومعالجة السكن غير اللائق وبلورة العديد من البرامج التي تهدف إلى التأهيل الحضري، مع إعطاء الأولوية للمباني الآيلة للسقوط وضمان الإجراءات الكفيلة بتحسين ولوج الطبقات الفقيرة والمتوسطة إلى المساكن اللائقة مع توفير الخدمات والمرافق العمومية في المساكن الاجتماعية، أما في ما يتعلق بالعمل، فكشف العثماني أن مشروع المخطط الوطني للنهوض بفرص العمل، الذي تعتزم الحكومة تطبيقه في أفق 2021، ينتظر أن يساهم في الرفع من جودة الخدمات المقدمة للباحثين عن العمل، مادام ينطلق من تدابير مدرجة في البرنامج الحكومي سواء تعلق الأمر بدعم مناصب الشغل أو ملاءمة التعليم والتدريب مع متطلبات سوق العمل، وتحسين ظروف العمل ودعم البعد المناطقي في ذلك.