طهران - المغرب اليوم
تنتهي مهلة الاقتراع في الانتخابات الإيرانية في منتصف ليلة الجمعة 28 يونيو بعد ثلاثة تمديدات لتحديد خليفة الرئيس القتيل إبراهيم رئيسي، ونظرا للدعوات المتكررة من قبل المرشد الأعلى لأوسع مشاركة شعبية في الاقتراع، فقد يظهر ذلك أن المشاركة الشعبية الواسعة هي القضية الأهم بالنسبة للنظام الإيراني.
ويرى محللون أن مجلس صيانة الدستور، ومن خلال تأييده أهلية المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان، مهد الطريق لعودة الإصلاحيين إلى صناديق الاقتراع والتراجع عن عزوفهم عنها.
ونقل الموقع الفارسي للإذاعة الفرنسية الدولية عن الخبير الاقتصادي الفرنسي تييري كوفيل، المختص بالشأن الإيراني منذ 20 عشرين عاما، قوله: "مجرد دعم شخصيات إصلاحية مهمة مثل محمد جواد ظريف لمسعود بزشكيان يؤكد حدوث أمر ما".
ويضيف كوفيل: "يقال عادة أن 15% من الشعب الإيراني يؤيد النظام و15% يعارضه، أما البقية هم ضمن الفئات الرمادية الغير راضية ولكنها تريد تغييرات هادئة، والسؤال الكبير هو هل سيتمكن بزشكيان من استقطاب هذه الفئة؟"
ولم يذكر تييري كوفيل في حديثه لموقع الإذاعة الفرنسية مصدر الأرقام التي ذكرها.
ويرى الناشط السياسي والباحث في مجال الأنثروبولوجيا، شورى مكارمي، أنه إذا فاز رئيس يتمتع بمواقف وخطاب أكثر ليونة وانفتاحا مقارنة بالرئيس إبراهيم رئيسي، فإن الشعب سوف يستغل هذه الفرصة فورا للحصول على المزيد.
النظام يشعر بالخطر
وكتب الجغرافي الفرنسي الذي يعتبر من أهم الخبراء في الشأن الإيراني في بلاده، برنارد هوركاد، مقالا مفصلا في مجلة "أوريان 21" الإلكترونية، ذاكرا: في الوقت الذي تستمر الحرب في غزة وتحدث تطورات إقليمية وتهدد التمردات الداخلية سلطة رجال الدين، فإن الانتخابات ليست شكلية، لأن النظام الإيراني يشعر بالخطر، ولهذا السبب فهو يعول على المشاركة الواسعة في التصويت.
ويعتقد هوركاد، أيا كان الرئيس المقبل، فانه سيؤثر على مصير المجتمع الإيراني وكذلك على موضوع فلسطين والقضايا الإقليمية.
ويضيف: بعد الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها إيران قبل عامين، بات النظام يعلم أن القمع وحده لم يعد كافيا بل استمرارية البقاء يتطلب الحد الأدنى من الدعم الشعبي.
ويؤكد برنارد هوركاد في مقاله، على وجود مرشح إصلاحي وحيد فيطلق على هذا الوضع اسم عملية "الانفتاح تحت السيطرة".
وخلص هوركاد، مستشهداً بنتائج الاستطلاعات التي أجراها البرلمان الإيراني، خلص إلى أن بلوغ نسبة المشاركة 50%، يتطلب إقناع ملايين الإيرانيين الذين شاركوا في احتجاجات "إمرأة، حياة، الحرية"، بالتوجه إلى صناديق الاقتراع "رغم رغبتهم في تغيير النظام، لكن من غير المعروف على الإطلاق حدوث هذا الأمر" على حد قوله.
ويضيف: ولكن في ظل اشتداد الانقسام والخلافات بين التيارات السياسية، ومحاولة كل تيار إلقاء اللوم في المأزق الحالي على الآخر، وفي ظل الفساد المستشري بين جميع هذه التيارات، يفكر الكل في إنقاذ سلطته ومصالحه، ونتيجة لذلك لا تقتصر الانتخابات الرئاسية على المنافسة بين الإصلاحيين والأصوليين فقط،.
وواصل يقول: يجب على الرئيس المقبل أيضا أن يتخذ موقفاً بشأن القضايا الإقليمية المهمة، مثل العلاقات الإقليمية وحرب غزة واتفاقيات إبراهيم، وإسرائيل.
احتمال الانتقال إلى الجولة الثانية
ويرى الكاتب أن الانفتاح على الغرب هو محور سياسات مسعود بزشكيان، والتي تتضمن التفاوض حول الملف النووي، ولكن يعتبر سعيد جليلي ممثل "السياسة الإسلاموية التقليدية"، فانتخابه سيؤدي إلى المزيد من المضايقات الثقافية، وخاصة المزيد من التشدد تجاه المرأة، وبالطبع سيغلق الطريق بوجه التفاوض مع أمريكا، وسيزيد معاداة جليلي لإسرائيل من خطر المواجهة المباشرة أو غير المباشرة من خلال حزب الله اللبناني.
ويقول بشأن المرشح الأصولي المحافظ محمد باقر قاليباف بأن فرصته للفوز ترتبط بالمشاركة المنخفضة في التصويت، وبالرغم من سلوكه المتنمر وكثرة الاتهامات له بالفساد، يرى البعض أن قاليباف يمكن أن يكون "أهون الشرين".
كما يشير برنارد هوركاد إلى احتمال اعادة الانتخابات في الجولة، فيكتب قائلا: في حال انحصرت المنافسة بين جليلي المتشدد وقاليباف المحافظ، عندها يحتمل أن تفضل "الأغلبية الصامتة" الباحثة عن الهدوء، رئيس بلدية طهران السابق قاليباف على المرشح المقرب من رجال الدين سعيد جليلي.
ويتابع هذا الخبير الفرنسي: إذا خاض بزشكيان المنافسة مع جليلي، ستقف كافة الشبكات المؤثرة المكونة من رجال الدين والأصوليين المعادين للولايات المتحدة إلى جانب سعيد جليلي، ولكن إذا أصبح التنافس بين بزشكيان وقاليباف، لن يفوز المرشح الإصلاحي إلا إذا ارتفعت نسبة مشاركة (الناخبين الرماديين) في التصويت.
وفي الختام يربط برنارد هوركاد إحتمال وفاة المرشد الأعلى بالدور الذي قد يلعبه رئيس الجمهورية في ملء الفراغ القيادي، فيرى بأن عدم وجود رجل دين بمستوى خبرة خامنئي وسلطته، ليفرض إرادته على رجال الدين والثوريين وأصحاب المصالح المتفرقين، يصبح رئيس الجمهورية هو الشخص الوحيد الذي يحظى ببعض الشرعية لقيادة البلاد في مثل هذه الحالة.
قد يٌهمك ايضـــــاً :