الدار البيضاء - جميلة عمر
أشاد الرئيس الغيني والحالي للاتحاد الأفريقي ألفا كوندي، الثلاثاء، بالملك محمد السادس، مثمنًا عاليًا مضامين الخطاب الذي ألقاه أمام قمة الاتحاد الأفريقي.وأكد الرئيس ألفا كوندي، خلال الجلسة الختامية للقمة الثامنة والعشرين للاتحاد الأفريقي التي احتضنتها العاصمة الإثيوبية على مدى يومين، أن الملك المغربي توجه إلى القمة بكل جوارحه، في وقت "يتعين فيه أن تأخذ أفريقيا زمام مصيرها بيدها". وشدد الرئيس الغيني، الذي يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي لولاية تستمر 12 شهرًا، على أنه يتعين على المنظمة القارية أن تعتمد على إمكانياتها ومواردها الذاتية من أجل التصدي للتحديات المطروحة.
وتميز اليوم الأخير من القمة الأفريقية المنعقدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بإلقاء الملك محمد السادس خطابًا أمام رؤساء الدول والحكومات الأفريقية توج عودة المغرب إلى أسرة الاتحاد. وجاء الخطاب الملكي أمام القمة الأفريقية حاملًا لرؤية ومنهج يقترحهما المغرب على شركائه وإخوانه في القارة الأفريقية للقطع مع انحرافيين لا يخدمان في شئ المستقبل الذي تتطلع إليه الشعوب الأفريقية ولا يمكّناها من امتلاك مصيرها ويتمثلان في استمرار استنزاف الثروات الطبيعية الأفريقية امتدادًا للمنطق الاستعماري من جهة وفي منظور إيديولوجي عالم-ثالثي قديم مضى زمنه وصار مصدر حجز وتدهور وهشاشة حيثما تم الارتهان له من جهة ثانية.
ويحض المغرب، على الانخراط في ديناميات الشراكة والتكامل في كل جهة من جهات القارة وعلى مستوى القارة ككل من أجل وضع مشاريع مشتركة، بالاستفادة من كافة المعطيات القارية والدولية المشجعة، تروم تثمين الثروات والرفع من القيمة المضافة وتسريع النمو وجعله ينعكس إيجابيًا على المواطنين الأفارقة ويرتقي بأوضاعهم ويوفر لهم الخدمات الأساسية التي ما تزال القارة تعاني من نقص كبير فيها بحسب المؤشرات الصادرة عن مختلف المنظمات الدولية. فالانكفاء والاستغراق في الحسابات الضيقة يضيع الفرص ويكون بلا فائدة، ما دامت أسواق الدول ضيقة ولا تتيح فرص نمو مستدام، وضرَره لا يقل عن ضرر السماح باستمرار استنزاف الثروات الطبيعية بطرق قديمة تنتمي إلى منظور لقسمة العمل على المستوى الدولي متجاوز بكل المقاييس.
وأوضح العاهل المغربي في خطابه أن الرؤية والمنهج اللذان تقترحهما المغرب أمام القمة الإفريقية، أنهما ليسا طارئين أو أملتهما المناسبة كما قد يتصور البعض، بل هما نتاج تجربة سنوات من العمل الذي قام به المغرب على أساس قيم ومنظور للتنمية المشتركة في غرب أفريقيا أولًا وبعدها في جهات أخرى من القارة، وخبراته المكتسبة ودروسه المستخلصة، وهما معا يستندان إلى قيم غلبت كفة التقاسم والتكامل والتضامن بدون تفاخر أو استعلاء ومنظور للاستثمار المشترك في الاحتياجات الأساسية للدول الأفريقية التي تساعدها على النمو والتنمية، بأبعادها الاقتصادية والبشرية، وتفتح أمامها وأمام ساكنتها آفاق الاندماج في العالم والسير في ركب تقدمه، وذلك مع احترام سيادتها وخصوصياتها والنأي بالنفس عن التدخل في شؤونها الداخلية أو ما شابه ذلك من الممارسات التي تنتمي لمنهج ورؤية آخرين ممن لم يتحرروا بعد من المخلفات الذهنية والنفسية للفترة الاستعمارية ومن ينقلون فشلهم إلى غيرهم أو يسقطونه إسقاطًا بشكل مرضي.
واستقبل الزعماء الأفارقة الملك محمد السادس، استقبالًا حافلًا في أديس أبابا، بالإضافة إلى الترحيب به قبل استكمال الأمور الإجرائية المتعلقة بالتحاق المغرب بهياكل الاتحاد الأفريقي، وبرمجة خطابه مما يدل على الدعم الإفريقي الواسع لاسترجاع مكانته في المنظمة القارية، الذي أفشل مناورات الخصوم وعرى تهافتها، وعلى التقدير الذي تحظى به المملكة وملك المغرب في القارة الأفريقية، والذي عبرت عنه التصفيقات الحارة لدى اعتلاء الملك محمد السادس منصة الخطابة بشكل لا غبار عليه.