الدار البيضاء – جميلة عمر
أكدت المندوبية الوزارية المكلّفة بحقوق الإنسان، أنّ تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" بشأن أحداث الحسيمة، تضمّن ادعاءات ومغالطات عديمة الأساس بشأن تدبير ومعالجة السلطات العمومية للاحتجاجات التي شهدها هذا الإقليم والمناطق المجاورة له، موضحة أنّ السلطات المغربية "تسجّل رفضها لمضامين هذه الوثيقة، وذلك بناء على كون المنهجية المعتمّدة لإنجازها تنقصها المهنية المطلوبة والاستقلالية المفترضة في إعداد تقارير المنظمات الحقوقية ذات المصداقية، ولاسيما توخّي الدقة والقيام بالتحريات الميدانية بخصوص الوقائع والأحداث وإجراء التقاطعات على مستوى مصادر المعلومات، فضلًا عن أن ما تضمنته الوثيقة المنشورة من كلام عام وغير موثّق لا يقدّم تشخيصًا حقيقيًا إلى هذه الأحداث ولن يساهم في تحقيق الأهداف المزعومة في تعزيز احترام حقوق الإنسان وحمايتها".
وأوضحت المندوبية، أنّ "محاولة الربط الآلي بين تنويه الخطاب الملكي السامي بعمل القوات الأمنية الرامي إلى حماية الأشخاص وممتلكاتهم في إطار الاحترام الدقيق للحقوق والحريات الأساسية، وبين ما أسماه محرر الوثيقة بتبييض تعامل الشرطة مع "اضطرابات الحسيمة" وكذلك تجاهل تقارير الأطباء الشرعيين الذين فحصوا المعتقلين، يؤكّد مرة أخرى مستوى التجاهل المبيت من قبل محرر الوثيقة لعمل المؤسسات الدستورية للمملكة وصلاحياتها"، وتابعت أن التنويه بعمل القوات العمومية، هو من باب تثمين روح المسؤولية العالية التي تتحلى بها هذه القوات بجميع تشكيلاتها من أجل ضمان الأمن والاستقرار في إطار الاحترام الدقيق للحقوق والحريات الأساسية التي يضمنها دستور المملكة، مشددا على أن السلطات المغربية “لا تقبل التشكيك الممنهج لمنظمة دولية تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، في استقلالية ونزاهة القضاء المغربي الذي له الصلاحية التامة للنظر في مدى صحة الادعاءات الموجهة ضد أي تجاوز كيفما كان نوعه ومن قبل أي كان.
وشدد البيان على أنه "إذا كانت المعايير الدولية لحقوق الإنسان والممارسات الفضلى في مجال تدبير الاحتجاجات تؤكد أن قوات حفظ النظام تمتلك الحق في استعمال القوة لتفريق الاحتجاجات غير السلمية والمخالفة للضوابط القانونية، في إطار الشرعية والتناسبية والمسؤولية، فإنها تقر بأن المحتجين لا يملكون الحق في مواجهة عناصر الأمن واستخدام العنف ضدهم وتكسير الممتلكات العامة والخاصة والمس بالنظام العام واحتلال الملك العمومي بغير حق"، وبخصوص الادعاءات المتعلقة بضمانات المحاكمة العادلة الواردة في التقرير، سجل البلاغ أن هذه المغالطات والاستنتاجات الخاطئة والمتسرعة والمفتقدة للدقة تتعارض مع الحقائق والوقائع القانونية والميدانية التي تؤكد أن إيقاف مجموعة من الأشخاص تمت على خلفية الاحتجاجات بإقليم الحسيمة بسبب الاشتباه بارتكابهم أفعالا مخالفة للقانون، والذين أنجزت معهم الأبحاث القانونية اللازمة من طرف الشرطة القضائية، تحت الإشراف المباشر للنيابة العامة المختصة التي حرصت على حسن تطبيق القانون في القضايا المعروضة عليها، واحترام حقوق الإنسان بما فيها الالتزام بكافة ضمانات المحاكمة العادلة المخولة للأشخاص الموقوفين بما يضمن قرينة البراءة كأصل لهم
وحرصت النيابة العامة على مراقبة كافة إجراءات البحث الجنائي وسلامتها القانونية وكذا السهر على تمتيع كافة الأشخاص الموقوفين بالحقوق المخولة لهم قانونا، كما أنه فيما يخص ادعاء ادعاء تعرض بعض الموقوفين للعنف أو التعذيب، أكد البلاغ على أن الإجراءات القانونية اللازمة اتخذت بالشكل الآني بخصوص كل حالات الادعاء المذكورة، حيث تم عرض كل حالات ادعاء العنف على الفحوص الطبية (66 فحصا طبيا) كما فتحت بشأنها أبحاث من قبل المصالح المختصة بتعليمات من النيابة العامة، تخص (23 حالة)، والتي سيتم ترتيب الإجراءات القانونية المناسبة فور انتهاء البحث بشأنها.
وشدد البلاغ على أن الاعتقالات المقررة ومعها المتابعات المسطرة، تمت من طرف النيابات العامة وقضاة التحقيق حسب الأحوال وفق سلطتهم التقديرية كما ينص على ذلك القانون، علما أن القضاء يبقى وحده الجهة المختصة للبت في الوضعية الجنائية للمعتقلين، حيث لا زالت إلى حدود اليوم قضايا رائجة أمام القضاء تهم 244 شخصا، منهم 185 معتقلًا و59 شخصًا من المطلق سراحهم كما تم حفظ القوانين في حق أكثر من 20 شخصًا لم تثبت الأبحاث المنجزة تورطهم في أفعال جرمية.
وأبرز البلاغ أن محاولة هذه المنظمة أو غيرها التشكيك في استقلالية القضاء ونزاهته ليعبر مرة أخرى عن تحامل، غير مقبول، تجاه الإصلاحات التي شهدتها المملكة في إصلاح منظومة العدالة، لاسيما وأن استقلال السلطة القضائية أصبح حقيقة مؤسساتية وفعلية تحت إشراف المجلس الأعلى للسلطة القضائية ابتداء من 6 أبريل/نيسان 2017، ولا مبرر لأي قاض، دستورا وقانونا، للتفريط في استقلاله، وبهذه المناسبة تجدد السلطات العمومية التأكيد على احترامها لاستقلال السلطة القضائية احتراما تاما وفق ما يقرره الدستور والقانون.
وذكرت أن النسيج الحقوقي المغربي والتنموي سواء المحلي أو الوطني قام بعدة زيارات لعين المكان وتابع عن قرب الاحتجاجات ولعب أدوارا في تهدئة الأوضاع. كما أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو المؤسسة الوطنية الموكول لها دستوريا بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، قد باشر عمله بالمنطقة منذ اللحظة الأولى حيث راقب عن قرب كل الاحتجاجات وكل التجمعات وقام بتيسير عدة مبادرات مع السلطات العمومية بما في ذلك زيارة المؤسسة السجنية سواء بالحسيمة أو الدارالبيضاء كل أسبوع وكذلك ملاحظة المحاكمات التي تمت حتى الآن، وهو الآن منكب على إعداد تقريره حول الموضوع.
واختتمت المندوبية، بأن "السلطات المغربية إذ ترفض رفضًا باتا مضامين الوثيقة المذكورة والمواقف التي تبنتها المنظمة المذكورة والتي تهدف إلى التشكيك في المنجزات الحاصلة في مجال البناء الديمقراطي وحقوق الإنسان، فإنها ترحّب بكل مبادرة مسؤولة ترمي إلى المساهمة في تعزيز المقترحات النزيهة والإيجابية ذات الصلة بهذا الموضوع، والتي تهدف إلى ترصيد المكتسبات ورفع التحديات المتعلقة بتعزيز حقوق الإنسان في أبعادها المختلفة".