الرباط - المغرب اليوم
مع الصّعوبات التي تعانيها العديد من الأسر ذات الدّخل المحدود بعد فرض حالة الطوارئ الصحية للوقاية من انتشار فيروس "كورونا" بالمملكة، دعا الفقيه المغربي البارز مصطفى بنحمزة الناسَ إلى تقديم الزّكاة قبل موعدها للأسر المعوزة والمحتاجين، وإلى الصندوق المخصّص لتدبير الجائحة.
وقال مصطفى بنحمزة، عضو المجلس العلمي الأعلى، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنّ الأصل في الزكاة أنّها تجب بعد مرور الحول بالنسبة للأموال، لكن الفقه الإسلامي اعتبر أنّ هناك حاجات تستدعي أن تُقَدَّم الزكاة، وانتهى الفقه المالكي بعد نقاش إلى جواز تقديمها بنحو شهرين.
وأضاف مصطفى بنحمزة أنّ هناك فقها آخر، هو فقه أبي حنيفة وقولٌ لأحمد ابن حنبل بأنّ الزكاة يمكن أن تقدَّم لسنتين، وقال: "قد قدّم النبي صلى الله عليه وسلم زكاة عمّه العبّاس قبل إبّانِها بسنتين".
وأضاف: "لا نعيش الآن ظرفا عاديا، بل نعيش ظرفا خاصّا استثنائيا، وحالةَ ضرورة، وفقه الضرورة هو غير الفقه العادي، ونحتاج أن نُسْعِفَ النّاس ويجدوا أن الإسلام هو الذي يقدّم لهم يد العون، ولذلك لا بدّ أن نصير إلى الأقوال التي تقول بتقديم الزكاة، وهي أقوال فقهاء مسلمين كبار، ولهذا يجوز إخراجها الآن".
وذكر الفقيه ذاته أنّ "مع استمرار الجائحة اليوم، هنالك حاجة للمعالجة الفورية، فالنّاس يحتاجون الطّعام، ويحتاجون شيئا مما يَسْتَبقيهِم في بيوتهم"، وقال شارحا: "فُرِضَ على النّاس الحجر وهو مفيد ونافع، ونرى أن تمدّد هذا المرض بالمغرب ليس بالسّرعة التي يتمدّد بها في دول أخرى، وإذا أردنا أن نحافظ على هذا النظام، لا بدّ أن نعطي للنّاس إمكانات البقاء في بيوتهم، وأهمّ ما يطلبه الناس الطّعام؛ فإسْعَافُ الناس يصير واجبا حمايةً لهم وحماية للآخرين؛ لأن كلّ من يخرج من بيته يمكن أن ينقل الوباء إلى جهات كثيرة".
وشدّد مصطفى بنحمزة على ضرورة "المسارعة إلى إنجاد هؤلاء المحتاجين، مع تنظيم ذلك لأن هناك من سيتطلّع ومن سيستغلّ اللحظة... وهو ما يتطلّب أن ينظر الإنسان إلى الفقراء الذين يعرفهم، ويعرف من وضعِهِم ومن سكنهم ومن أحوالهم أنّهم فقراء، لأنه لا بدّ أن يبقيهم في بيوتهم عن طريق هذا العطاء"، ثم أضاف: "الحمد لله، بعض المغاربة يقومون بذلك في بعض الأسر والأحياء".
وأوضح رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة أنّ "هذه الزكاة يجب أن يدفعها الإنسان إلى الأقرَب فالأقرب، فإذا وجد أمامه فئة محتاجة فلا يذهب إلى غيرها، لأنه إذا كان يعرف من الواقع ومن تقصّيه أنّ هنالك فقراء يعرفهم بأعيانهم، أو أناسا يعرف أحوالهم من هؤلاء الذين تقطّعت بهم السّبل وتوقّفت مصادر عيشهم، فهم الأوّلون إن استطاع".
وأضاف المتحدّث أنّ "على الإنسان أن يضع في الاعتبار الصندوق الخاصّ بتدبير الجائحة؛ لأن التبرع له هو تبرّع لعموم النّاس، فقرائهم وأغنيائهم، لأنه صندوق للمواطنين كلِّهِم"، واسترسل شارحا: "لا شكّ أن الجميع يصير في مثل هذه الحالة شبه فقير؛ لأن الغني قد يكون عنده المال لكنّه قد لا يستطيع أن يجد جهازا للتنفّس مثلا، فيصير فقيرا ولا يغني ماله عنه شيئا. وهذا الصندوق يدعم وزارةَ الصحة لشراء هذه الأجهزة التي تتطلّبها اللحظة".
واعتبر بنحمزة أنّ "المبادرات التي قام بها هذا الصندوق مطمئنة ومشجِّعَة للنّاس الذين رأوا أن التجهيزات وصلت ووُزّعت"، مضيفا: "لا ندري، فهناك دائما نفقات إضافية، والصندوق يعطي الآن للمنقطعين الذين فقدوا أعمالهم، فالمستفيد الأكبر منه هو الفقراء، ولذلك إذا أعطى الإنسان له فإنّما يُعطي للفقراء والمساكين".
قد يهمك أيضَا :