الرئيسية » أخبار محلية وعربية وعالمية
مقاهي دمشق تفتح أبوابها وتعج بروادها بصورة سريالية غريبة

دمشق ـ نهى سلوم

ماتزال مقاهي دمشق تفتح أبوابها وتعج بروادها بصورة سريالية غريبة، على الرغم من اشتداد الأوضاع الأمنية والاقتصادية، التي تعيشها سورية منذ أكثر من ثلاثة أعوام، ورغم العنف الحاصل، والذي جلب الكثير من الشقاء للبلاد.ويعرف مقهى النوفرة الأثري في حياة الدمشقيّين، الذين يحرصون على ممارسة طقوسهم اليومية رغم الحرب، محاولين أن يتكيفوا وسط كل هذا العنف المتنقل، التوافد المستمر لروّاده ، الذين اعتادوا أصوات القذائف، التي لم تعد تدفعهم للمغادرة، بل غالباً تدفعهم للبقاء أكثر، حيث يشهد المقهى إقبالاً من مختلف الفئات العمرية، يأتون للاستمتاع بأجواء وسحر المدينة القديمة، ولو ترافق ذلك مع صوت القصف.ويجتمع بعض المراهقين في المقهى على إحدى الطاولات يلعبون الورق، وفي الجانب الآخر يتناول عدد من المسنين الأحاديث اليومية، ويشربون الشاي، مع انبعاث دخان "النرجيلة".
وتقصد الشابة ريم، البالغة من العمر ثلاثة وعشرون عاماً، وهي طالبة جامعية، المكان دائمًا للقاء الأصدقاء، وتوضح أنَّ "إصرارها على الاستمرار هو ما يدفعها للمجيء إلى النوفرة، ومتابعة حياة طبيعية، فضلاً عن عشقها للمدينة القديمة، وتعلقها بها"، مشيرة إلى أنّها "تأتي أكثر من مرة في الأسبوع، بغية الترفيه عن النفس، وإلقاء هموم الحياة".
واشتهر شارع العابد بأنه أبو المقاهي منذ العشرينات من القرن الماضي، ومنها مقهى "الروضة"، الأشهر في دمشق، و الذي كان في أواخر الخمسينات مقصداً لرجال السياسة، ونواب البرلمان السوري، لقربه من مبنى البرلمان، ومن الطبيعي أن تدور هناك أحاديث في السياسة وشؤون البلد والناس، إلّا أنَّ شاشة التلفزيون في هذا المقهى، كما غيره من مقاهي دمشق، لا تعرف هذه الأيام غير محطات الأخبار الموالية للحكومة. وأوضح أبو سعيد (58 عامًا)، وهو أحد زبائن مقهى الروضة الدائمين، "أستمتع يومياً بمشاهدة أنواع مختلفة من الزوار، يتناقشون في أمور حياتية الاقتصادية والاجتماعية، أرى في المكان تقبل الأخر رغم الاختلاف".ويعدُّ مقهى "الهافانا" ملتقى الأدباء والمثقفين، الذي تأسس عام 1945 في الجهة الغربية من شارع فؤاد الأول، وكان يعرف قديماً بـ"مقهى السلوان"، وفي أواخر السبعينات كان سيحال إلى محل ألبسة، حينها قاد بعض المثقفين والأدباء حملة أثمرت بقاء "الهافانا".
وأشار أبو أحمد، وهو أحد العاملين في المقهى منذ أعوام، إلى خصوصية هذا المكان، التي تكمن في أنه كان وما زال يضم نخبة من كبار المثقفين والسياسيين والفنانين والشعراء والصحافيين وأساتذة الجامعات، فضلاً عن تواجد الناس العاديين". وعن تأثر المقهى بالأزمة التي تعيشها البلاد، لفت إلى أنَّ "هذا الأثر يبقى نسبياً من حيث العدد، لاسيما في أوقات المساء، نتيجة للأوضاع الأمنية السائدة، فقد انخفضت نسبة إشغال المقهى إلى النصف تقريبًا، في حين يشتد الإقبال في فترة الظهيرة".وعلى بعد خطوات من مقهى "الهافانا" يقع مقهى "الكمال" الشعبي، المقهى عمره عشرات الأعوام، ولا يقتصر زواره على الأدباء والمفكرين والشعراء بل يضم جميع شرائح المجتمع، حيث لم يتأثر نشاط المقهى كثيرًا بالأزمة، بل يشهد إقبالاً كبيرًا بدءًا من السابعة صباحًا، وحتى التاسعة مساء.
ولا يجد ربيع (34 عاماً)، بعد أن فقد عمله بسبب الأوضاع الاقتصادية، مكانًا آخر يذهب إليه سوى المقاهي، حيث يقضي فيها ساعات طويلة رفقة أصدقائه، مؤكّدًا أنّهم "ملّوا الجلوس في المنازل، نحن نأتي إلى هنا يوميًا، لأنه المتنفس الوحيد لنا بعيداً عن شاشات التلفاز المليئة بالأخبار السياسية، وصور القتل والتدمير".وأضاف "هذا المكان الشعبي يتميز بأسعاره الزهيدة، حيث لا يجاوز ثمن كوب الشاي 100 ليرة سورية".وتنتشر في حي "ساروجة" التاريخي مقاهي الرصيف بشكل كبير، حيث يجد الشباب متنفساً لهم، ومن بينهم ديانا، طالبة جامعية ترتاد أحد هذه المقاهي مع زميلاتها بشكل شبه يومي، بغية التباحث في الأمور الدراسية والحياتية، وللترفيه أيضاً عن النفس، والتي توضح أنَّ "السياسة في ساروجة خط أحمر، فالمنطقة تعج بالمراقبين والمخبرين، وسجلت العديد من حالات الاعتقال في المقاهي".ويقصد محبي السهر "بيت جبري"، كونه أحد المقاهي النادرة، الذي ما زال يفتح أبوابه حتى وقت متأخر من الليل، على الرغم من كل الظروف الأمنية، ولكن لا سهر في دمشق بعد العاشرة ليلاً.ويوضح مروان، الذي يقصد المكان رفقة زوجته أسبوعيًا، ويجتمعون مع أصدقائهم في محيط "البحرة"، "أحاول أن أخرج مع عائلتي في سهرة احتفالية، لنشاهد الناس، ونرفع معنوياتنا، ونعدّل أمزجتنا قليلاً، فالحرب طويلة، والمتنفس الوحيد للناس أن تلتقي، وتعيش طقوساً حميمية، لأنه لم يبق أحد إلا وطالته نار الأزمة"، معتبرًا أنَّ "مثل هذه السهرات ضرورة ملحّة لأرواحنا المتعبة".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

تحركات أميركية وعربية مكثفة لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع…
قصف مستشفى كمال عدوان وبيت لاهيا وجباليا ومخيم نور…
إسرائيل تنشر جنودًا لرصد المسيّرات من لبنان وحزب الله…
مسودة المقترح الأميركي لوقف النار في لبنان تبدأ بهدنة…
نعيم قاسم يبدي استعداد "حزب الله" لوقف إطلاق النار…

اخر الاخبار

المغرب يُرحب باعتماد مجلس الأمن "القرار 2756" الذي يقضي…
وزارة الخارجية تُعلن استعدادها لتقديم المساعدة للمغاربة المقيمين بالمناطق…
الحكومة المغربية تُصادق على مرسوم يعيد هيكلة المديريات العامة…
24 شهرا حبسا بحق الشعايري بعدما أدين بالاستيلاء على…

فن وموسيقى

يسرا تُعرب عن سعادتها بتواجدها في مهرجان الجونة وتُؤكد…
الموت يغيب الفنان القدير مصطفى فهمي عن عمر 82…
رحيل الفنان حَسَن يُوسِف عن عمرٍ ناهز التِّسعين عامًا…
هند صبري تتحدث عن مشوارها الفني وأبرز الموقف التي…

أخبار النجوم

هيفاء وهبي تعود لدراما رمضان 2025 بعد غياب 3…
لبلبة تكشف عن الشخصية الوحيدة التي تشبهها في أفلامها
عمرو دياب يكشف سبب حذف أغانيه من حسابه الخاص…
أمينة خليل تكشف بداياتها الفنية وصعوبات دورها في "شقو"

رياضة

وليد الركراكي يكشف مصير حكيم زياش مع المنتخب المغربي
الفرنسي هيرفيه رونار يعود لتدريب منتخب السعودية
لاعبين مغاربة خارج المرشحين لجائزة الأفضل في إفريقيا
ميسي يتقاضى أكثر من إجمالي رواتب لاعبي 22 فريقاً…

صحة وتغذية

عقار شائع للإجهاض قد يساهم في إطالة العمر ويشعل…
تناول الماغنيسيوم مع فيتامين D يُعزّز صحة العظام ووظيفة…
تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام…
آثار التدخين يُمكن أن تظل في عظام الشخص لقرون…

الأخبار الأكثر قراءة

أميركيا متخوفة من تطور الوضع بين حزب الله وإسرائيل…
 "حزب الله" يستهدف قاعدة ومطار رامات ديفيد جنوب شرق…
هاريس تشنّ هجوماً حاداً على ترمب بالتزامن مع بدء…
دعوات لإعادة تشكيل الحكومة اليمينية في فرنسا وسط تنديد…
غوتريش يحذّر أطراف النزاع في السودان من أي تصعيد…