بغداد - نجلاء الطائي
عثرت القوات العراقية على مقبرة جماعيّة في حمّام العليل التي استعادتها من قبضة تنظيم "داعش" جنوب الموصل، فيما ذكرت صحيفة "الدايلي تلغراف" أن "طائرات القوات الملكيّة البريطانية، انسحبت من القتال ضد تنظيم "داعش"، عازية السبب الى خلل في توصيلات الكهرباء، والأجهزة الإلكترونية، أدى إلى توقيف عدد من طائرات المراقبة الجوية، وسحبها من المهام القتاليّة في العراق".
وأفادت خلية الإعلام الحربيّ، التابعة لوزارة الدفاع العراقيّة، أن المقبرة داخل كليّة الزراعة في المدينة، تضمّ 100 جثة مقطوعة الرأس. فيما ذكر أهالي ناحية حمّام العليل، أن عددًا من العائلات المختطفة من قرى جنوب الموصل، وسارعوا إلى الخروج حاملين الرايات البيضاء، عندما دخلت القوات العراقية الى مركز المدينة.
وتزامن ذلك، مع اقتحام قوات البيشمركة لناحية بعشيقة، بعد أسبوعين من الحصار، فيما بات نحو ثلثي الساحل الأيسر، تحت مرمى القوات العراقيّة بعد 3 أسابيع من انطلاق عمليات تحرير الموصل.
فيما أفاد مصدر في قوات البيشمركة اليوم الثلاثاء، عن مقتل 12 عنصرًا من تنظيم "داعش"، حاولوا الفرار من ناحية بعشيقة، شمال شرقي مدينة الموصل.
وكان مسؤول كردي قد أعلن صباح أمس الاثنين، عن تمكّن قوات البيشمركة، من تحرير كامل ناحية بعشيقة، بعد عملية عسكرية موسعة.
وقال شهود عيان، نجوا من الاختطاف، إن التنظيم أخذ المرضى وحتى فاقدي البصر، كما قام بتفريق الأطفال عن أسرهم. كما تحدث الشهود عن استخدام المسلحين "جرافات وشاحنات وباصات كبيرة لنقلهم تحت تهديد السلاح".
هذا وتجهل السلطات العراقيّة مصير الكثير من العائلات المختطفة، فيما كشف عضو مجلس محافظة نينوى، محمد الجبوري، عن قيام "داعش" باستخدام المدنيين دروعًا بشرية في إحدى البنايات، قرب حمام العليل، إذ قتل منهم وأصيب نحو 50 شخصًا.
وقال الجبوري، في اتصال مع "المدى" أمس الإثنين، إن "مجموعة من القناصة التابعين للتنظيم قاموا بعملية تمويه، حين صعدوا على سطح البناية التي كان بداخلها عدد من الأهالي المختطفين من قرية السفينة شمال الشورة"، مؤكدًا أن"طيران التحالف قصف البناية من من دون أن يعلم بوجود المدنيين داخلها"، وتسبب القصف، الذي وقع يوم الأحد، بمقتل 20 مدنيًا وإصابة 30 آخرين. كما قام مسلحو "داعش" باختطاف 500 عائلة من قرية السفينة.
وباتت قوات الجيش والشرطة الاتحادية، في المحور الجنوبي، على مقربة من مطار الموصل الدولي بمسافة 6 كم، وأكد الجبوري أن "القوات عثرت أثناء تمشيط مدينة حمام العليل، على مختطفين من قرى جنوب الموصل، اختبأوا لدى أهالي حمام العليل، وخرجوا ملوّحين للقوات المحررة".
وأعلنت قيادة الشرطة الاتحادية، أمس الإثنين، عن حصاد العمليات منذ انطلاقها، في محور جنوب الموصل، كاشفة عن مقتل 935 متطرفًا، واعتقال 106 وتدمير 190 عجلة مفخخة.
وقال قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، إن العمليات العسكرية "أسفرت عن استعادة 93 قرية وتحرير 1846 كم مربع وإجلاء أكثر من 2000عائلة".
وأضاف جودت، في بيان صحافي أن "العمليات أسفرت أيضًا عن تدمير 52 عجلة مسلحة والاستيلاء على 26 عجلة متنوعة الاستخدام، وتدمير 71 وكرًا مفخخًا و59 مضافة للمتطرفين، و29 عجلة مزودة بالصواريخ، بالاضافة الى تدمير 48 قاعدة صواريخ و83 دراجة ملغمة و49 مدفع هاون، وتفكيك 24 معملا لتصنيع الافخاخ و1420 عبوة ناسفة".
وفي القاطع الشرقي، تمكنت قوات البيشمركة، أمس الإثنين، من اقتحام بعيشقة، بعد حصار دام نحو 15 يومياً، بحسب مدير الناحية ذنون يونس، الذي قال إن "العملية التي تقودها البيشمركة، بدأت منذ الساعة الـ7 من صباح أمس الاثنين، من 3 محاور"، مؤكدا دخول "بعض أحياء الناحية".
وفي وقت متأخر من يوم أمس، تمكنت البيشمركة من الوصول الى مفرق العزاوي، غرب بعشيقة، يربط بين مدن الموصل وأربيل ودهوك.
وحول سير المعارك في الجانب الأيسر لمدينة الموصل، يقول عضو مجلس نينوى، ابنيان الجربا، إن "قوات مكافحة الارهاب، حررت عددا كبيرًا من الأحياء في شرق الموصل"، مضيفًا أن أكثر من نصف الساحل الأيسر صار تحت مرمى نيران القوات العراقية"، لافتا الى "وجود تعاون كبير بين القوات والمدنيين، أدى الى كشف عدد من مواقع التنظيم في الموصل".
إلى ذلك، أكدت قيادة عمليات "قادمون يا نينوى" مقتل فارس أبو بكر، المكنى أبو محمد، الذي يشغل منصب "أمير ديوان المال" في الجانب الأيسر من مدينة الموصل، بيد قوات مكافحة الارهاب خلال اشتباكات في حي صدام.
من جهة أخرى، كان محمد فاضل، الذي يعرف باسم "الأسطى"، في إقليم كردستان العراق، في السنوات الثلاثين الماضية، يحول الصلب الذي يستخرج من نظام التعليق بالسيارات، إلى إبر إطلاق نار، وقطع غيار أخرى، لإصلاح الأسلحة التي تستخدمها قوات البيشمركة، لمواجهة أعدائها الكثيرين.
أما الآن فتستخدم هذه الأسلحة ضد تنظيم "داعش" في المعركة من أجل استعادة الموصل، حيث انضم فاضل إلى قوات البيشمركة التي تعني "الذين يواجهون الموت"، حين كان في الخامسة عشرة من عمره.
وقال فاضل في ورشته الموجودة في قرية صغيرة على مسافة 40 كيلومترا شمال شرقي أربيل، "كنت من مقاتلي البيشمركة، انضممت للقوة عام 1986 مع أخي. متى كانت تظهر مشاكل في قطعة سلاح على الجبهة كنا نصلحها. لم تكن لدينا أدوات كثيرة لكننا كنا نصلح المشاكل البسيطة".
وفي العامين الماضيين، واجهت قوات البيشمركة عدوا جديدا هو تنظيم "داعش" فحاربت عناصره المتشددين، في معظم الأحيان بموارد شحيحة وأسلحة عتيقة، وقال فاضل (45 عامًا) الذي يعتبر أسلوبه نموذجًا للشعور الوطني، الذي يميّز صراعات كرد العراق ضد "داعش" وغيرها من الأعداء، "واجبي حماية بلدي. يجب أن يدافع كل كردي عن بلده".
وأضاف "أذهب (إلى الجبهة) لسببين هما إصلاح الأسلحة والقتال. إذا كانت هناك مدافع آلية ثقيلة تحتاج للإصلاح أصلحها. لكن إذا لم يكن هناك مدافع فماذا أفعل؟ سأقاتل".
وتزايد الطلب كثيرا على خدماته منذ منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، حين انضمت قوات البيشمركة للجيش العراقي، في حملة لإخراج متشددي "داعش" من الموصل، معقلهم الذي يسيطرون عليه منذ منتصف 2014.
وحارب فاضل مقاتلي "داعش" قبل عشرة أيام فقط، حين سيطرت وحدات البيشمركة، على قرية الفاضلية، على بعد نحو أربعة كيلومترات من الموصل، ووصف فاضل المتشددين، بالمجرمين الذين لا يعرفون الإنسانية.
وقال "داعش مجرمون. ليست لديهم إنسانية ولا كرامة. ليسوا بشرًا. لو كانت لديك ذرة من الإنسانية كيف تستطيع أن تذبح الناس؟ وتؤذي النساء والأطفال. ليست لديهم إنسانية. على كل صاحب ضمير أن يحارب هؤلاء المتطرفين".
وقد قام فاضل بإصلاح كلّ أنواع الأسلحة، في ميدان المعركة، من بنادق الكلاشنيكوف إلى قطع المدفعية، ويقول "نستطيع إصلاح الأجزاء الداخلية للسلاح. متى يتعطل نستطيع إصلاحه".
وعلى رفّ معدني في ورشته "رشاش برن بريطاني" يرجع إلى الستينيات من القرن الماضي، إلى جوار بندقية إم 16 أميركية الصنع وقد أصلح القطعتين لتستخدمهما قوات البشمركة، فيما ينتظر صف من مدافع (دي.إس.إتش.كيه) الآلية الروسية الثقيلة، التي تعرف في منطقة الشرق الأوسط باسم دوشكا عنايته، بينما يستخدم أدوات بدائية لتصنيع قطعة غيار لاستبدال ذراع القدح المكسور لمدفع دوشكا.
ومن بين من يستفيدون من مهاراته، جنود القوات الخاصة التابعة للبشمركة، الذين يفضلون استبدال إبر إطلاق النار في بنادقهم، بتلك التي يصنعها، ويقول فاضل "الأجزاء والمواد التي نستخدمها أفضل من التي يستخدمها مصنعو الأسلحة. إذا كانت التي يصنعونها تتحمل خمسة آلاف طلقة، فإن تلك التي نصنعها يمكن أن تتحمل عشرة آلاف."
وفي سياق آخر، وإضافة إلى الخسائر الماديّة والبشريّة التي يتسبب فيها "داعش" رأى عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية فارس بيريفيكاني، أن عمليات التلوث التي يحدثها التنظيم ستكون وخيمة على الإنسان والمزروعات، بالاضافة الى الثروة الحيوانية.
وقال بيريفيكاني "نحن قد ناشدنا جميع المؤسسات والوزارات المختصة، وأيضا قدمنا طلبًا الى مجلس الوزراء العراقيّ باتخاذ جميع التدابير وإشراك جميع الوزارات الساندة في عمليات التلوث، التي يحدثها "داعش" في المناطق القريبة من العمليات العسكرية".
وأضاف "كما طالبنا من الدول الداعمة للعراق والتحالف الدولي والمنظمات الأجنبية بالمشاركة في هذا الموضوع، لأن التأثيرات البيئيّة ستكون كارثية، بل أستطيع أن أصف نتائجها بالوخيمة على البيئة وصحة الإنسان والمزروعات والثروة الحيوانية".
وتابع عضو لجنة الصحة قائلا "لذا قمنا بتوفير كميّات كبيرة من مختلف أنواع الأدوية، لمنع حصول مضاعفات صحيّة آنيّة ومستقبليّة على صحة المجتمع والإنسان، وبخاصة في المناطق القريبة جدًا من الأماكن التي قام "داعش" فيها بارتكاب هذه الجريمة، التي سوف تؤثر على البيئة والى أمد طويل".
ويشار الى تنظيم "داعش" يستخدم موادًا كيميائيّة محرّمة دوليًا في عملياته ضدّ القوات الأمنية العراقيّة والمدنيين، حيث أقدمت في وقت سابق، على ضرب ناحية تازة، بغاز الخردل السام، ما سبب باستشهاد واختناق العشرات من المدنيين.
وضبطت القوات الأمنية التابعة إلى قيادة عمليات الجزيرة والبادية مصنعًا للمواد الكيمائيّة، وأكياس من مادة الكلور والمواد السامة، شمال غربي قضاء هيت، غرب محافظة الأنبار.
فيما تمكنت طائرات التحالف الدولي، من تدمير مخزنين لتنظيم "داعش"، يحتويان على مواد خطرة متفجرة وكيمائيّة للمتطرفين، شرق مدينة الموصل.