القاهرة - سعيد فرماوي
تصاعدت المخاوف مجدداً حول مدى سلامة الركاب المسافرين إلى مصـر ومستويات تأمين المطارات ، بعد تحطم طائرة الرحلة MS804 التي كانت تقل على متنها 66 شخصًا. ولم يتم التأكيد بعد على ما إذا كان إختفاء طائرة الـ"إيرباص 320"Airbus A320 ناجما عن خلل تقني أم له صلة بالإرهاب. فهي طائرة حديثة وتتميز بسجل جيد للسلامة من رحلاتها فوق البحر الأبيض المتوسط. إلا أن الرحلة ما بين باريس و القاهرة تجمع بين إثنين من الأهداف الأكثر وضوحاً في الآونة الأخيرة للمتطرفين من تنظيم "داعش".
وإعترفت مصر على مضض بأن الإرهاب هو أحد الأسباب الأكثر ترجيحاً في المأساة الأخيرة، ولكن جهات التحقيق المصرية الرسمية في واقعة سقوط الطائرة الروسية "مترو جيت" Metrojet في شهر تشرين الأول / اكتوبر لم تخلص إلى أن التفجير هو ما أسقط الطائرة في صحراء سيناء، والذي أودي بحياة 224 شخصاً كانوا على متنها، أغلبهم من السياح الروسيين.
وأعلنت روسيـا في وقتٍ لاحق عن سقوط طائرتها بأن نتائج البحث الخاصة بها تقول بأن قنبلة يدوية الصنع هي ما أدت إلى تدمير الطائرة، كما أوضح رئيس جهاز الأمن الروسي ألكسندر بورتنيكوف بأن تحطم طائرة "مصر للطيران" كان ناجماً أيضاً عن عمل إرهابي.
وسارعت كل من روسيـا و بريطانيـا في تشرين الثاني / نوفمبر إلى وقف الرحلات المتجهة إلى شرم الشيخ، مع عودة الآلاف من السائحين إلى وطنهم بدون أمتعتهم بسبب وجود مخاوف أمنية. وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلتها مصر، فقد وقع حادث آخر في آذار / مارس حينما تم إختطاف الرحلة الداخلية المتجهة من الإسكندرية إلى القاهرة من قبل رجل يرتدي حزاما ناسفا وهميا واجبارها على التوجه إلى قبرص.
وأدت الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها باريس في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي وكذلك تفجير مطار بروكسل في آذار / مارس، إلى تشديد الإجراءات الأمنية في مطار "شارل ديغول" Charles de Gaulle الأكبر في فرنسـا مثلما هو الحال في مصـر، حيث أشار خبراء الأمن إلى ضرورة مراجعة عدد أفراد المراقبة وفحص الأمتعة، وكذلك أفراد المطاعم والتقنيين وطاقم أعمال النظافة والذين بإمكانهم الوصول إلى الطائرات.
وأبدى أحد الخبراء البارزين مخاوفه على مطار باريس الرئيسي الذي حظي بتاريخ من النشاط المتعلق بالإرهاب، فضلاً عن كونه مستهدفاً. وكان مفجر الحذاء البريطاني ريتشارد ريد قد سافر من بروكسل إلى "شارل ديغول" من أجل السفر على متن طائرة متجهة إلى ميامي في عام 2001 على الرغم من مخاوف رجال الأمن.
وفي ظل حالة الطوارئ المفروضة في فرنسـا، فقد قامت السلطات بالبحث في خزانات طاقم العاملين في المطار، وقامت بعمليات تفتيش لآلاف من الموظفين والممرات ذات الحساسية والمؤدية إلى مدرج المطار، مع إلغاء وصول العشرات من الموظفين. ومنذ ذلك الحين، فقد تم تطبيق الحظر علي حمل السوائل أو أية مواد هلامية من جانب طاقم عمل الطائرة والمطار وكذلك الركاب.
وكانت رحلة مصر للطيران المنكوبة تحمل على متنها ثلاثةً من ضباط الأمن، والذي أصبح إجراء معتاداً للعديد من خطوط الطيران في منطقة الشرق الأوسط، بينما لم تكن تحمل هذه الطائرة بضائع. وسافر ضباط الأمن بواسطة الطائرة إلى أنحاءٍ متفرقة خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، من بينها التوقف في مطار قرطاج في تونس و العاصمة الإريترية أسمرة Asmara.
وعلى الرغم من الإضطرابات واسعة النطاق في إريتريـا، وكذلك التهديد الإرهابي في تونس الذي أدى إلى مقتل 38 سائحاً، عقب هجوم مسلح العام الماضي، فإن خبراء أمنيين يقولون بأن الترجيحات لا تميل إلى إحتمالية وضع عبوة ناسفة في الطائرة من شمال إفريقيـا أكثر من باريس. وقال نورمان شانكس وهو المدير السابق للأمن في مطار هيثرو Heathrow بأن الضوابط الأوروبية تتطلب الفحص الأمني لكل طائرة يتم تحويلها.
وأضاف شانكس بأن مسؤولية البحث لاتقع فقط على عاتق المطار، وإنما تمتد أيضاً لخطوط الطيران التي تقوم بذلك بنفسها أو تتعاقد مع شركات أخرى. بما يعني فحص أماكن جلوس الركاب وأسفل المقاعد وجميع مقصورات الطائرة.
قال ديفيد غليف المحقق في حوادث الطيران، والخبير في الرحلات الجوية في جامعة "لوبورو" Loughborough بأن طائرة "مصر للطيران" كان على متنها ثلاثة من حراس الأمن، بما يعني تطبيق إجراءات تفتيش وافية. و ليس من المستبعد ترك قنبلة على متن الطائرة خلال رحلاتها المتفرقة، إلا أن تغيير الضغط الجوي لا يجعل ذلك ممكناً، فضلاً عن أن ترك قنبلة في طائرة لفترة طويلة يسهل من إكتشافها.
وأوضح وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس بأن الظهور الأخير لطائرة الرحلة MS804 يكشف عن إنحرافها المفاجئ، وإختفائها من على الرادار في البحر الأبيض المتوسط. فيما أكد الخبراء على أن دقة المعلومات لمعرفة ما إذا كانت قد إنحرفت أو قامت بعمل مناورة يعتمد على مصدر البيانات، بينما أشار غليف الى أن الرادار العسكري يمكن أن يكشف عن تحركات الطائرة قبيل تعرضها للسقوط الكارثي.
وعرضت بريطانيـا المساعدة في إنتشال حطام الطائرة المنكوبة، فيما تأمل مصر بألا يكون الحادث الأخير له تأثير سلبي على عودة السياح الأوروبيين بأعدادٍ كبيرة. فقد أعلنت ألمانيـا الإسبوع الماضي بأنها سوف ترفع حظر السفر وإستئناف رحلاتها إلى شرم الشيخ، ولكن بريطانيـا لم تغير موقفها بعد وألغت إستئناف الرحلات حتى الخريف المقبل.