الدار البيضاء : سلمى برادة
أعلن وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في كلمة خلال افتتاح أشغال المؤتمر الوزاري من أجل أجندة أفريقية بشأن الهجرة، اليوم الثلاثاء في الرباط،عن مشاركة الملك محمد السادس بالقمة الثلاثين للاتحاد الأفريقي بين 28 و 30 يناير/كانون الثاني الجاري في أديس ابابا، والتي ستخصص لنتائج التفكير المشترك عن الهجرة
وأشار بوريطة إلى أن "قمة أديس أبابا ستعرف التركيز على ملف الهجرة، وستكون بداية صفحة جديدة لوضع استراتيجية افريقية متقدمة لتأطير حركية الهجرة داخل القارة"، كما أكد على أن الأجندة الأفريقية حول الهجرة تهدف إلى جعل قضية الهجرة رافعة للتنمية المشتركة وركيزة للتعاون جنوب-جنوب وعاملا للتضامن، وأوضح بوريطة، أن هذه الأجندة تسعى إلى تغيير النموذج السائد، وتحديد مفهوم جديد للهجرة ينبني على مقاربة استشرافية وإيجابية وإرادة سياسية حقيقية للدول التي في صالحها أن تتم عملية الهجرة في ظروف سليمة وقانونية ونظامية ومحترمة لحقوق الإنسان
وأشار بوريطة إلى أن التوظيف المنصف للعمال المهاجرين، والاعتراف وتنمية الكفاءات، والاندماج الاقتصادي والاجتماعي والمدني للمهاجرين، وتقاسم المسؤوليات في مجال تدبير الحدود والعودة وإعادة القبول والإدماج وإعادة الإدماج، تشكل إحدى الجوانب الكبرى للأجندة الأفريقية عن الهجرة، وسجل أنه من هذا المنطلق، ترتكز المذكرة الأولية التي قدمها صاحب الجلالة الملك محمد السادس خلال القمة 29 للاتحاد الأفريقي على 3 محاور أساسية، تتمثل في جعل الهجرة في أفريقيا خيارا وليس ضرورة، والتخلص من مختلف الأفكار والصور النمطية التي باتت لصيقة بالمهاجرين، وبناء رؤية شاملة ومندمجة وكلية للهجرة على صلة بالتنمية وحقوق الإنسان
وأكد أن المؤتمر الوزاري من أجل أجندة إفريقية حول الهجرة يندرج في إطار مواصلة المسلسل الذي أطلق خلال القمة 28 للاتحاد الأفريقي، عندما أعطى جلالة الملك موافقته السامية، بطلب من رئيس جمهورية غينيا ألفا كوندي، لتنسيق عمل الاتحاد الأفريقي في مجال الهجرة، مذكرًا بأنه في يوليو/تموز الماضي، وانسجاما مع هذه المهمة الأفريقية، وضع جلالة الملك اللبنات الأولى لأجندة أفريقية حول الهجرة، بتقديم جلالته لمذكرة أولية تحدد "رؤية لأجندة أفريقية حول الهجرة" أمام القمة ال29 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي. وإلى جانب هذه المذكرة، أشار الوزير إلى أن الخلوة الأفريقية حول الهجرة التي نظمت في المغرب في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، سعت إلى أن تكون ملتقى للتفكير الشامل والتوافقي والتشاركي، مما خول تحصيل مساهمات حوالي 120 مشاركا من وزراء، ومسؤولين كبار، وممثلي منظمات دولية، وباحثين وفاعلين بالمجتمع المدني
وأبرز السيد بوريطة أن المغرب يراهن على الرؤية الإيجابية للهجرة في أفريقيا كعامل للتضامن والتنمية المشتركة والتعاون جنوب-جنوب، مؤكدا أن هذه الرؤية تنسجم إلى حد كبير مع مضامين سياسة المملكة في مجال الهجرة، وذكر بأن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت بالإجماع قرارا يقضي باختيار المغرب لاحتضان، يومي 10 و11 ديسمبر/كانون الأول 2018، المؤتمر الدولي للهجرة لسنة 2018، والذي سيتم خلاله اعتماد الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة، مضيفا أن هذا المؤتمر سيكمل أشغال المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية، الذي يتولى المغرب وألمانيا رئاسته المشتركة، والذي ستنعقد قمته الـ11 في مراكش في الفترة من 5 إلى 7 ديسمبر/كانون الأول 2018
وأشار إلى أن احتضان المغرب لمثل هذه المواعيد يعد تكريسا للمملكة في مجال الهجرة ولدورها الريادي على الصعيد الوطني والقاري والدولي، مؤكدا أن هذا الاختيار يمثل أيضا اعترافا بنجاعة السياسة الوطنية للهجرة واللجوء التي أطلقت سنة 2013، وتابع بوريطة أن هذه السياسة، الإنسانية والشاملة، مكنت من إرساء مرحلتين لتسوية وضعية المهاجرين، مسجلا أن المرحلة الأولى، التي أطلقت في 2014، مكنت من تسوية وضعية 25 ألف مهاجر من بين 28 ألف طلب، فيما تلقت السلطات أزيد من 25 ألف طلب منذ إطلاق حملة التسوية الجديدة في 2016، وبصفته بلدا سيحتضن المؤتمر الدولي للهجرة، يشجع المغرب على اعتماد موقف أفريقي مشترك، يترجم الرؤية حول الهجرة إلى التزامات ملموسة تعكس أولويات القارة وتلتزم بجعل اللقاءات متعددة الأطراف التي ستحتضنها، منبرا للقارة وتسخير ريادتها في مجال الهجرة لصالح أفريقيا، وبعد أن أشار إلى أن سياسات التحكم في التدفقات كانت غير مجدية، أكد السيد بوريطة على ضرورة معالجة الأسباب العميقة للنزوح المكثف، وتكثيف جهود الوقاية من وضعيات الأزمة، ومواجهة غياب الأفق الاقتصادية وعدم الاستقرار والإقصاء والآثار السلبية للتغيرات المناخية
وأعرب أيضا عن ثقته في قدرة القارة الأفريقية على تغيير التصورات السلبية حول الهجرة نحو أخرى إيجابية، مؤكدا أن مشروع الأجندة الأفريقية حول الهجرة يبلور هذا الطموح الجماعي للدول الأفريقية، وانطلقت اليوم الثلاثاء بالرباط، أشغال المؤتمر الوزاري من أجل أجندة أفريقية حول الهجرة، بمشاركة حوالي عشرين وزيرا ومسؤولا حكوميا أفريقيا، من ضمنهم وزارء الشؤون الخارجية، وكذلك ممثلو المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بقضية الهجرة