الدار البيضاء – رضى عبد المجيد
تحتفل القوات المسلحة الملكية يوم الثلاثاء 14 مايو/تموز بالذكرى الثالثة والستين لتأسيسها في نفس السنة التي شهدت استقلال المغرب وتخلصه من الاستعمار الفرنسي في 1956.
وجاءت فكرة تأسيس القوات المسلحة الملكية بغرض الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، وتعزيز التضامن الوطني والدولي، والحفاظ على السلم، حيث أصر الملك الراحل محمد الخامس على إخراج جيش عصري إلى الوجود، وهي الفكرة التي طورها الملك الراحل الحسن الثاني، الذي عمل على تنظيم جهاز القوات المسلحة وتعزيز تسلحها وتطوير تجهيزاتها، قبل أن تصبح للقوات المسلحة الملكية مكانة أبرز في عهد الملك الحالي محمد السادس، حيث تم في عهده إبرام عدد مهم من الصفقات العسكرية الضخمة.
وساهم الملك محمد السادس في تطوير مؤسسة القوات المسلحة الملكية وتحديث عتادها وتنمية مواردها البشرية وقدرتها على التدخل، من أجل جعلها ترقى إلى مستوى الجيوش الأكثر تطورا في العالم.
وكان الملك قد أصدر أوامره في السنة الماضية، بإعداد وتنفيذ جملة من المناهج والخطط، "بالتركيز النوعي الذي ينشد ملاءمة برامج التكوين والتدريب في كافة مجالات الأمن والدفاع، ويراعي التكامل التام مع ما يوافق خصوصياتنا الوطنية وتقاليدنا العسكرية، وما تقتضيه مواجهة التحديات الراهنة من مستلزمات الكفاءة والتميز، لإعداد وتأهيل العنصر البشري، المتشبث بقيمه الوطنية والدينية الأصيلة، والمدرك لتاريخه العسكري العريق الحافل بالأمجاد والبطولات".
وقد توج دفاع القوات المسلحة الملكية عن الوحدة الترابية بعدد من الأعمال المشهودة، خاصة المساهمة في تأطير المشاركين ضمن المسيرة الخضراء في نوفمبر 1975، وبناء الجدار الأمني الفاصل قصد ضمان أمن وطمأنينة الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وتساهم القوات المسلحة الملكية في الجهود الأممية لتحقيق الاستقرار وزرع قيم التعايش السلمي بين الشعوب، خصوصا في إفريقيا، حيث يشارك في مجموعة من بعثات السلام الأممية، كما كان الحال في كل من الكونغو الديمقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى
وقد تم إرسال عدة وحدات عسكرية إلى أجزاء مختلفة من العالم للمشاركة، على الخصوص، في يوليو 1960 ضمن القوة الأممية الاستطلاعية التي كانت تروم ضمان السلام في الزايير (جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليا)، والتي كانت تعيش حربا أهلية، ثم بعد ذلك في 1977 و 1978 في هذا البلد حيث كانت الحكومة في ذلك الوقت في قبضة تمرد بمقاطعة "شابا الجنوبية".
كما قام المغرب في إطار الأمم المتحدة بنشر وحدات في البوسنة والهرسك عام 1996 وكوسوفو في 1999، قبل المشاركة في بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في هايتي (مينوستا) المكلفة باستعادة الشرعية في هذا البلد.
وأبرمت القوات المسلحة الملكية في عهد الملك محمد السادس صفقات سلاح بأرقام ضخمة وغير مسبوقة، كما جدد الجيش المغربي أسطول أسلحته وبات يمتلك أنواع جد متطورة من الأسلحة البرية والجوية والبحرية، كما أنه غيّر وجهته بشكل واضح صوب السوق الأميركية التي تعتبر رائدة في هذا المجال، بعدما كان يقتني أسلحته من فرنسا، كما أن المملكة فتحت أبواب جديدة بشراءها لأسلحة من الصين ودبابات من تركيا إلى جانب بعض الأسلحة الروسية.
وظلت القوات المسلحة الملكية، منذ اعتلاء الملك محمد السادس للعرش قبل نحو عشرين عاما، تركز على طريقة لمواجهة الهيمنة الجزائرية في منطقتي الصحراء والساحل، وإسبانيا في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وتم الوصول إلى ضرورة القيام بمراجعات لتحديد العدو المفترض للمغرب في المنطقة وتحقيق توازن استراتيجي، خاصة في ظل النزاع القائم حول الصحراء، والذي فرض على المغرب تطوير وتجديد أسلحته وعقد صفقات جديدة.
ولفت المغرب الأنظار خلال السنوات القليلة الماضية، عندما أبرمت المملكة صفقات ضخمة مع الولايات المتحدة الأميركية، حصلت بموجبها على طائرات "إف 16" ودبابات وصواريخ وراجمات للصواريخ وأنظمة دفاعية حديثة، كما قامت المملكة بتجديد ترسانتها من الأسلحة وتعزيز قدراتها البرية من خلال صفقة للحصول على شحنة كبير من صواريخ أمريكية شديدة الفعالية في مواجهة المدرعات العسكرية، كما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية عن موافقتها على صفقة بقيمة تتجاوز المائة مليون دولار، يحصل بموجبها المغرب على 1200 صاروخ من نوع “تاو2ا”، بعدما كانت صفقة أبرمت في نهاية العام السابق، تتعلّق بشحنة أولى بـ600 صاروخ من النوع نفسه. يتعلّق الأمر بصاروخ من نوع “تاو 2ا”، وهي صواريخ أمريكية جد متطورة سطع نجمها في الفترة الأخيرة واعتبرها جلّ الخبراء العسكريين صاحبة الدور الحاسم في العمليات التي خاضها مقاتلون معارضون، أكراد على وجه الخصوص، في معاركهم في سوريا. القيمة التقريبية لتلك الصفقة، هي 108 ملايين دولار، وتهمّ إلى جانب الصواريخ التي يمكن حملها واستخدامها يدويا، تجهيزات تقنية أخرى تتلاءم مع هذا النوع من السلاح الذي أثبت فعاليته في مواجهة المدرعات والدبابات العسكرية.
وتوصل المغرب بـ 42 دبابة أمريكية من طراز "أبرامز" شهر مايو من السنة الماضية، في إطار الصفقة العسكرية الموقعة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، ليتعزز الأسطول العسكري للمغرب، الذي بات يمتلك أزيد من 400 دبابة من هذا الطراز.
وعقد المغرب شهر أغسطس الماضي صفقة عسكرية جديدة مع شركة أميركية، حصل بموجبها على أسلحة جد متطورة خاصة بفرق البحرية وأخرى جوية. واتفق المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، الجنرال عبد الفتاح الوراق، مع مسؤولين من وزارة الدفاع الأميركية، على استفادة المغرب من أسلحة حديثة من آخر طراز، ستصل عبر دفعات إلى غاية سنة 2021. وسيحصل المغرب على صواريخ جد متطورة وأسلحة ثقيلة وقطع غيار وعناصر أخرى مرتبطة بنظام الصواريخ والرؤية الليلية، فضلا عن أسلحة بحرية، من بينها غواصات وفرقاطة جديدة وصواريخ بحرية.
وأعطت وزارة الدفاع الأميركية موافقتها على صفقة تزويد المغرب بأحدث أنظمة الاتصالات العسكرية اللاسلكية، التي تستخدم في المنصات البحرية والبرية والجوية، والتي تُستخدم خاصة في الطائرات الحربية والسفن. وسيحصل المغرب في يونيو من عام 2020، بموجب هذا الاتفاق الجديد، على نظام راديو لتوزيع المعلومات متعدد الوظائف، يشتغل بأنظمة الراديو المشتركة. ويعمل هذا النظام (MIDS-JTRS) بالبرمجة، وهو عبارة عن نظام راديو تكتيكي مشترك، تشتغل به وزارة الدفاع الأميركية، ويتم استعماله في التواصل العسكري بكل من المنصات الأرضية والبحرية والجوية، ويتكون من أربع قنوات، يوفر ميزات خاصة للتواصل وتبادل المعلومات، كما يقوم بمعالجتها وإعادة توجيهها ويستخدم للمواقع البحرية والناقلات والطائرات والأجنحة الدوارة وغيرها. ويعد هذا البرنامج من أشهر برامج تطوير أجهزة الراديو القادرة على استخدام اتصالات مشتركة عبر القوات المسلحة وداخل أقسامها، حيث يتميز بخاصية توحيد الاتصالات الميدانية ما يمنح مستخدميه صورة أوضح للميدان بشكل جد متطور، وهو يتضمن أنظمة مختلفة تحرص على تأمين اتصالات بين مختلف المنصات بشكل سهل.
وكشفت وكالة الأمن والتعاون الأميركية أن المغرب سيقتني 25 طائرة من نوع "إف 16" من طراز "دي بلوك 72"، في صفقة بقيمة مالية تصل إلى أكثر من 3 مليارات دولار. وبحسب المعطيات التي نشرتها الوكالة الأمريكية، فإن تكلفة العقد تصل إلى 3.787 مليارات دولار، كما سيحصل المغرب أيضا بموجب هذه الصفقة على تحديث 23 طائرة حالية من طراز "إف 16"، التي يتوفر عليها الجيش المغربي، بقيمة مالية تصل إلى 985.2 مليون دولار.
وتبلغ القيمة الإجمالية لهذه الصفقة أكثر من 4772 مليار دولار لتحطن بذلك رقم صفقة شراء 24 طائرة من طراز "إف 16" سنة 2007، والتي كلّفت آنذاك 2.4 مليار دولار. وكشف المنتدى المغربي للقوات المسلحة أن عملية تطوير طائرات "إف 16"، التي يتوفر عليها المغرب، ستتم محليا، فيما سيعوض الأسطول الجديد من "إف 16" طائرات "ميراج إف 1". كما سيتم تعميم الخوذات القتالية على كل طياري "إف 16"، حيث ستتيح للطيارين إمكانية تصويب أسلحتهم نحو الهدف بحركات رؤوسهم فقط، وتمكنهم من مراقبة محيطهم والحصول على معلومات من أجهزة الرصد في الوقت نفسه. وسيحصل المغرب كذلك على قنابل ذكية ستشكل قفزة مهمة في ترسانة القنابل الذكية التي يمتلكها سلاح الجو الملكي، سواء على مستوى الدقة أو الفعالية أو المدى.
قد يهمك ايضا:
القوات المسلحة المغربية تُعزز تنسيقها مع الجيش الأميركي وتستقبل قائد قوات "المارينز"
القوات المسلحة المغربية تُحبط عملية تهريب 3.7طن من مُخدر الشيرا