الدار البيضاء ـ جميلة عمر
ترافع الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلّف بالمغربيين المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، السيد عبد الكريم بن عتيق، الذي ترأس باسم المغرب في برلين المنتدى الدولي للهجرة والتنمية ، إلى جانب وزير خارجية ألمانيا الفدرالية، أمام 700 خبير يمثلون نحو 140 دولة عضو بالأمم المتحدة ، ومنظمات دولية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وذلك بشأن التجربة المتفردة للمغرب في مجال الهجرة ، متناولا كافة القوانين والتشريعات التي عمل المغرب على تأهيلها انخراطا في التعاقد العالمي حول ملف الهجرة والتنمية ، وقناعة من المغرب بأهمية هذا الملف في تنظيم المجال العالمي.
وذكر بن عتيق في ترافعه تبنى المغرب، في عام 2013 قانونًا للهجرة واللجوء مكّن من تسوية وضعية 23 ألفًا و97 أجنبيًا استقروا في المغرب، مؤكدًا أن هؤلاء يستفيدون من كافة الخدمات الأساسية كالصحة والسكن والتدريب المهني والتعليم، إذ أن 7300 طفل من أبناء المهاجرين اندمجوا كلية في النظام التعليمي المغربي.
وأبرز بنعتيق في منتدى الهجرة والتنمية في نسخته العاشرة المنعقدة تحت الرئاسة المشتركة بين المغرب وألمانيا، سياسة المغرب التي يقودها العاهل المغربي الملك محمد السادس بحكمة واختيار استراتيجي يرتكز على البعد الإنساني و الاجتماعي في التعاطي مع ظاهرة الهجرة و اللجوء، مما مكن المغرب من تبوأ الريادة إقليميا و دوليا وأن يكون نموذجا يحتذى به من خلال تفعيل سياسة وطنية منسجمة تضمن للأجانب المقيمين بالمغرب العيش الكريم بناء على 3 مؤشرات أساسية، أولها التطور الاقتصادي الذي يشهده المغرب وسياسته في الانفتاح الاقتصادي على دول إفريقيا، بالإضافة إلى الاستقرار السياسي و الاجتماعي
وانتقد بنعتيق التعاطي مع ظاهرة الهجرة من الزاوية الأمنية الصرفة، مؤكدا أن اختيار المغرب الانتقال بشكل سلس من بلد عبور إلى دولة إقامة و استقرار، هو اختيار مبني على منظومة قناعات بأبعاد وطنية ودولية يقود فيها المغرب العمل على تنظيم ملف الهجرة بأبعاد إنسانية ومؤسساتية معززة بالقوانين والمساطر وتفعيل الاتفاقيات الدولية لمواجهة كافة الانزلاقات، مشيرا إلى أن وجود 32 مليون مهاجر إفريقي عبر العالم منهم 16 مليون في القارة الأفريقية وحدها، يطرح ضرورة إيجاد تحالف أفريقي –أفريقي من أجل هجرة منسقة و مؤطرة متحكم فيها، لمواجهة مافيا الإتجار في البشر.
وخلص بنعتيق إلى أن الرئاسة المشتركة ما بين ألمانيا و المغرب أعطت الدليل أن التعاون بين الشمال و الجنوب في التعاطي مع قضايا الهجرة و اللجوء قادر على إيجاد حلول مشتركة فعالة و نموذجية يحتذى بها في تدبير الإشكالات المعقدة المطروحة حاليا، مما سيؤثر إيجابا على كل التعاطي من طرف المنظمات الدولية الفاعلة التي تسعى إلى إيجاد آليات متفق عليها لتدبير المشاكل المتعلقة بالهجرة لا سيما و أن المنتظم الدولي مطالب بصياغة أجوبة ملموسة و فعالة فيما يخص ملف الهجرة، كما اعتبر بن عتيق الذي أبان عن تمكنه من الملف الذي يشرف على تدبيره، أن المنتدى الدولي حول الهجرة و التنمية هو فضاء للنقاش الحر بين كل الفاعلين من دول و منظمات دولية لها دور أساسي و فعال في بلورة أجوبة حقيقية لإشكالات دقيقة تؤرق بال المنتظم الدولي”، مؤكدا أن العديد من الدول اليوم تعتبر المغرب مرجعا لتقديم حلول في مجال الهجرة. وأشار بنعتيق أن المهاجرين الذين تمت تسوية وضعيتهم لدى المصالح المغربية المعنية ينتمون إلى 200 جنسية أغلبهم من أفريقيا، مشيرًا في نفس الوقت إلى أن 21 ألف و237 مهاجر قدموا سنة 2016 ملفاتهم من أجل تسوية وضعيتهم
وأضاف بنعتيق أن الخبراء الذين يشتغلون على ظاهرة الهجرة في المغرب والمنطقة، اعتبروا أنّ 3 عوامل تفسّر تحوّل تدفقات الهجرة نحو المغرب يتمثل أولها في التطور والتنمية الاقتصادية التي شهدتها المملكة والثاني في سياسة الشراكة والتعاون التي يقودها الملك تجاه أفريقيا، أما العامل الثالث، فيكمن في الولوج الصعب إلى أوروبا الذي اصبح شبه مستحيل مما جعل المغرب يتحول إلى بلد استقبال بدلا من بلد عبور.
وبخصوص المنتدى الدولي أكد بن عتيق أنه يشكل فضاء للتبادل والحوار والتشاور، مشيرًا إلى أن المنتدى قام على امتداد 10 سنوات ببلورة مجموعة من الثيمات الغنية مكنت السياسيين من فهم ظاهرة الهجرة .
وخلص مكررًا أن المغرب منخرط بقوة في الحكامة الدولية للهجرة بفضل توجيهات الملك محمد السادس التي دفعت قدما بالسياسة الوطنية للهجرة، مشيرًا إلى المساهمة الفعالة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي وضع تقريرًا مميزًا حول مشاكل الهجرة .
ويذكر أن المنتدى الذي انطلق منذ عام 2007 بمبادرة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ينعقد هذه السنة تحت شعار ”نحو عقد اجتماعي عالمي للهجرة والتنمية” بهدف تكريس سياسة تبادل المصالح بشكل عادل في إطار الهجرة الاعتيادية والمنظمة بين المهاجرين ودول المصدر والعبور ودول الاستقبال.