الرباط - هناء امهني
وجه الملك محمد السادس رسالة للمشاركين في فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للصحة، لسنة 2019، التي اختارت منظمة الصحة العالمية، المغرب هذه السنة، لاحتضانها تحت شعار "الرعاية الصحية الأولية : الطريق نحو التغطية الصحية الشاملة".
وجاء في نص الرسالة التي تلاها وزير الصحة، أناس الدكالي، "يطيـب لنـا فـي البـدايـة، أن نتـوجـه بعبـارات الشكـر لمنظمـة الصحـة العالميـة، عـلى اختيـارهـا للمملكـة المغـربيـة، ومدينـة الربـاط، لاحتضـان فعـاليـات تخليـد اليـوم العـالمـي للصحـة، لسنـة 2019."
كما أشاد جلالته، بـالمجهـودات الكبيـرة، التـي بـذلتهـا هـذه المنظمـة، وعـلى رأسهـا مـديـرهـا العـام، معـالـي الـدكتـور تيـدروس أدهـانـوم غيبـريسـوس، بتنسيـق مـع الحكـومـة المغـربيـة، لتـوفيـر الظـروف المـلائمـة لإنجـاح هـذه التظـاهـرة الـدوليـة البـارزة.
وأضافت الرسالة، "لا يسعنـا إلا أن نبـارك تخليـدكـم لهـذا اليـوم تحـت شعـار"الرعـايـة الصحيـة الأوليـة : الطريـق نحـو التغطيـة الصحيـة الشـاملـة"، نظـرا للعنـايـة الخـاصـة التـي مـا فتـئنـا نـوليهـا لمنظـومـة الحمـايـة الاجتمـاعيـة عمـومـا، ولصحـة المـواطنيـن والمـواطنـات عـلى وجـه الخصـوص، ذلـك أن الأهميـة البـالغـة التـي تكتسيهـا خـدمـات الـرعـايـة الصحيـة الأسـاسيـة بصفـة عـامـة، وفـي إطـار المنظـومـة الصحيـة عـلى وجـه الخصـوص، نـابعـة مـن كـونهـا نهجـًا يشمـل كـل مكـونـات المجتمـع، ويتمحـور حـول احتيـاجـات وأولـويـات الأفـراد والأسـر والمجتمعـات، ويهتـم بصحتهـم، بجـوانبهـا البـدنيـة والنفسيـة والاجتمـاعيـة، الشـاملـة والمتـرابطـة، إرشـادا ووقـايـة وعـلاجـا، وإعـادة تـأهيـل".
اقرأ ايضا: الملك محمد السادس يُكلف العثماني بالسفر إلى جمهورية رواندا
وأوضحت الرسالة، أن الـرعـايـة الصحيـة الأوليـة، ترتكز عـلى الالتـزام بـالعـدالـة الاجتمـاعيـة، والمسـاواة فـي الـولـوج إلـى الخـدمـات الصحيـة، وعـلى الاعتـراف بـالحـق الأسـاسـي فـي التمتـع بـأعلـى مستـوى ممكـن مـن الصحـة، كمـا ورد فـي المـادة 25 مـن الإعـلان العـالمـي لحقـوق الإنسـان، ونـص عـلى ذلـك دستـور المنظمـة العـالميـة للصحـة الصـادر فـي 1948.
وأبرزت ذات الرسالة، إنه إذا كـان تـوفيـر المـوارد المـاليـة والبشـريـة الصحيـة المـلائمـة، ضـروريـا لتـوفيـر الـرعـايـة الصحيـة الأوليـة، فـإن مـن الـواجـب التعـامـل بمنهجيـة مـع المحـددات الأوسـع للصحـة، بمـا فـي ذلـك العـوامـل الاجتمـاعيـة والاقتصـاديـة، والبيئيـة والسلـوكيـة، وهـو مـا يقتضـي بلـورة وإقـرار سيـاسـات وإجـراءات قطـاعيـة وبيـن- قطـاعيـة، تـأخـذ بعيـن الاعتبـار هـذه العـوامـل مجتمعـة، فـي إطـار المسؤوليـة المشتركـة بيـن كافـة المتدخليـن فـي الشـأن الصحـي، والتـي تملـي عليهـم جميعـا تضافـر الجهـود، وتـرشيـد المـوارد.
وأشارت الرسالة التي تلاها الدكالي، إلى أنه لا يخفـى أن أكثـر مـن نصـف سكـان العـالـم، يفتقـرون حـاليـا إلـى الـرعـايـة الصحيـة الأسـاسيـة، رغـم أن التغطيـة الصحيـة الشـاملـة تكتسـي أهميـة بـالغـة بـالنسبـة للفـرد وللمجتمـع، وبـالنسبـة للمنظـومـات الصحيـة والمجتمـع الـدولـي، فتحقيـق التغطيـة الصحيـة الشـاملـة ليـس أمـرا بعيـد المنـال، كمـا أنـه ليـس حكـرا عـلى الـدول المتقـدمـة، فقـد أكـدت تجـارب عـديـدة وبشكـل ملمـوس، أنـه يمكـن بلـوغ هـذا الهـدف، كيفمـا كـان مستـوى نمـو الـدول.
وأكدت الرسالة، على أن الـوفـاء بهـذا الالتـزام يتطلب تـوافـر بعـض الشـروط الأسـاسيـة فـي النظـام الصحـي، مـن بينهـا : نهـج سيـاسـة دوائيـة بنـاءة تـروم تـوفيـر الأدويـة الأسـاسيـة، التـي تعتمـد عليهـا البـرامـج الصحيـة العمـوميـة ذات الأولـويـة، وتشجيـع التصنيـع المحلـي لـلأدويـة الجنيسـة، والمستلـزمـات الطبيـة ذات الجـودة، مـن أجـل تحقيـق السيـادة الـدوائيـة، مع تعـزيـز الحمـايـة المـاليـة لـلأفـراد والأسـر لتحقيـق هـذا المبتغـى، حتـى لا يضطـر المـواطنـون، لاسيمـا ذوي الـدخـل المحـدود، إلـى تسـديـد معظـم تكـاليـف عـلاجـاتهـم مـن مـواردهـم الـذاتيـة، هـذا، وينبغـي تضـافـر الجهـود بيـن البلـدان، لضمـان نجـاعـة أكبـر فـي تحقيـق غـايـات الهـدف الثـالـث مـن بيـن أهـداف التنميـة المستـدامـة، أي ضمـان الحيـاة الصحيـة وتشجيـع الـرفـاه للجميـع مـن كـل الأعمـار فـي أفـق 2030، والـذي التـزم بـه المغـرب كبـاقـي أعضـاء المجتمـع الـدولـي.
وتابعت رسالة الملك محمد السادس، "كمـا أن للتغطيـة الصحيـة الشـاملـة أولـويـات يجـب مـراعـاتهـا، مـن بينهـا الـرصـد الـوبـائـي والتصـدي لـلأوبئـة العـابـرة للحـدود ؛ وتعـزيـز المنظـومـات الصحيـة ؛ والمسـاهمـة فـي التنميـة الاجتمـاعيـة والاقتصـاديـة ؛ وتلبيـة احتيـاجـات وتـوقعـات السكـان، فيمـا يخـص صحتهـم وتكـاليفهـا، كمـا أنهـا ليسـت رهينـة التمـويـل فقـط، ولا تقتصـر عـلى مجهـودات قطـاع الصحـة وحـده، بـل يجـب اتخـاذ كـافـة التـدابيـر الكفيلـة بضمـان المسـاواة والإنصـاف، فـي الـولـوج إلـى الخـدمـات الصحيـة، وتحقيـق التنميـة المستـدامـة، والإدمـاج والتمـاسـك الاجتمـاعي".
وأولى الملك محمد السادس في ذات الرسالة، الأهمية البالغة فـي اتجـاه تحقيـق التغطيـة الصحيـة الشـاملـة، بـاعتبـارهـا تتجـاوب مـع التحول الكبيـر الـذي يجتـاح العـالـم، ويتحـدى المنظـومـات الصحيـة، وكيفيـة تمـويـل الـرعـايـة الصحيـة، عـن طـريـق اعتمـاد آليـات تعـاضـديـة وتضـامنيـة لمـواجهـة المخـاطـر والنفقـات الصحيـة المتـزايـدة."
وأضاف، أنه لضمـان نجـاعتهـا، يتعيـن اعتمـاد تمـويـلات مبتكـرة للخـدمـات التـي تـوفـرهـا، خصـوصـا فـي وقـت يشهـد ارتفـاع التكـاليـف، وتـزايـد وتيـرة شيخـوخـة السكـان، وزيـادة الأمـراض المـزمنـة، وتـوافـر عـلاجـات جـديـدة ذات تكلفـة أكبـر، وهـو مـا يتطلـب البحـث أولا، عـن آليـات للحـد مـن جوانـب هـدر التمـويـل، وضعـف الفعـاليـة.
ومن جانب آخر، أكدت الرسالة عـلى ضـرورة خلـق دينـاميـة جـديـدة، لتجـاوز مختلـف الإكـراهـات والمعيقـات، يكـون إصـلاح منظـومـة الـرعـايـة الصحيـة الأوليـة أحـد أهـم مرتكـزاتهـا، بالمـوازاة مـع الالتـزام بالمضـي قـدمـا نحـو تحقيـق التغطيـة الصحيـة الشـاملـة، فـي أفـق 2030.
وقال : "هـذا الهـدف الـذي نسعـى جـاهـديـن لبلـوغـه، مـن خـلال تفعيـل وتعـزيـز سيـاسـات الحمـايـة الاجتمـاعيـة، ومـواصلـة التنفيـذ التـدريجـي للتغطيـة الصحيـة الأسـاسيـة لتشمـل جميـع المـواطنيـن بمختلـف شـرائحهـم وفئـاتهـم."
وذكرت الرسالة، بأن المغرب خطى خطـوات واسعـة فـي إرسـاء نظـم التغطيـة الصحيـة الأسـاسيـة، بحيـث دخلـت التغطيـة الصحيـة الإجبـاريـة حيـز التنفيـذ سنـة 2005، كمـا تـم تعميـم نظـام المسـاعـدة الطبيـة أو مـا يسمـى بـ “الـراميـد” سنـة 2012، بـالإضـافـة إلـى ذلـك، تـم اتخـاذ مجمـوعـة مـن الإجـراءات فـي مجـال تـوسيـع الاستفـادة مـن أنظمـة التـأميـن عـن المـرض، لتشمـل طلبـة التعليـم العـالـي فـي القطـاعيـن العـام والتكـويـن المهنـي، والمهـاجـريـن وكـذلـك أمهـات وآبـاء الأشخـاص المـؤم نيـن.
كمـا انخـرط المغـرب، فـي إجـراءات التـأميـن الإجبـاري الأسـاسـي عـن المـرض الخـاص بفئـات المهنييـن، والعمـال المستقليـن، والأشخـاص غيـر الأجـراء، بهـدف تكميـل مشـروع التغطيـة الصحيـة الشـاملـة وتحقيـق الـولـوج العـادل للعـلاجـات كمـا ينـص عليـه دستـور المملكـة المغـربيـة.
وأهاب الملك محمد السادس، بـالحكـومـة إلـى الإسـراع بـإصـدار النصـوص التشـريعيـة والتنظيميـة والتطبيقيـة، الخـاصـة بـإصـلاح الـرعـايـة الصحيـة الأوليـة، ومـواصلـة تـوسيـع التـأميـن الإجبـاري عـلى المـرض، بمـا يتيـح تعـزيـز الـولـوج إلـى خـدمـات صحيـة عـن قـرب، ذات جـودة عـاليـة، وبكلفـة معقـولـة، مـع إعطـاء مسـؤوليـة أكبـر للمستـوى التـرابـي، فـي إطـار الجهـويـة المـوسعـة والـلاتمـركـز الإداري.
ووجهت الرسالة المولوية لعاهل البلاد، عبـارات الشكـر لمنظمـة الصحـة العـالميـة، عـلى دعمهـا المتـواصـل لجهـود المملكـة المغـربيـة، فـي سبيـل النهـوض بـالمنظـومـة الصحيـة الـوطنيـة، وتجـويـد الخـدمـات الصحيـة المقـدمـة للمـواطنيـن، ومحـاربـة الأمـراض، خصـوصـا فـي إطـار مشـروع إصـلاح الـرعـايـة الصحيـة الأوليـة، واتفـاقيـة استـراتيجيـة التعـاون، التـي أبـرمهـا المغـرب مـع المنظمـة للفتـرة مـا بيـن 2017 و2021.
قد يهمك ايضا: