الرباط - كمال العلمي
يحل خبراء مجموعة العمل المالي الدولية “فاتف” بالمغرب، اليوم الاثنين، في زيارة تمتد لثلاثة أيام يعكفون خلالها على مراجعة وتقييم الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة المغربية لمعالجة النواقص التي تشوب بعض القوانين الوطنية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي أدخلت المغرب إلى “اللائحة الرمادية” في فبراير 2021.
وعلى الرّغم من أن المجموعة اطّلعت على إنجاز المغرب الإطار التشريعي والإصلاحات الأساسية في هذا الاتجاه، إلا أنها شددت، في بيان صدر في أكتوبر الماضي، على أنه “يجب التحقق من مواصلة العمل في هذا المجال والاستجابة للمعايير الدولية المعمول بها”.
ويراهن المغرب على الزيارة المقبلة لخبراء المجموعة لإقناعهم بـ”أحقية إخراجه من اللائحة الرمادية”، وذلك بغرض تعزيز فرص تمكينه من “خط وقاية وسيولة” جديد من صندوق النقد الدولي ودعم أوسع من الشركاء الدوليين في ظل الأزمة الحالية المرتبطة بارتفاع الأسعار وطنياً ودولياً.
تحقيق السيادة الوطنية
قال سفيان بوشكور، أستاذ الاقتصاد بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، إن “المغرب التزم بمجموعة من التوصيات الصادرة عن مجموعة العمل المالي في لقاءات سابقة، وبادر إلى بلورة وإنجاز خطة عمل من خلال فرض عقوبات صارمة لمحاربة غسل الأموال، وتوسيع دائرة الجرائم المرتبطة بغسل الأموال على الصعيد الوطني وتأطير وتوعية العاملين في المهن غير المالية كبائعي المجوهرات والمعادن النفيسة”.
وبالتالي، يضيف بوشكور ضمن تصريح لهسبريس، فإن هذه الزيارة غرضها الأساسي هو التحقق من مدى استجابة المغرب لهذه الخطة ونجاعة تدابيرها، معتبراً في الوقت ذاته أن الزيارة تكتسي “طابعاً خاصاً وأهمية قصوى” بالنسبة للمغرب الذي يراهن عليها لفتح “خط الوقاية والسيولة” الخاص بصندوق النقد الدولي من أجل تمكينه من تنزيل أوراش كبرى.
وأورد الباحث الاقتصادي أن “المغرب له تصور استشرافي ورؤية واضحة المعالم هدفها الاستراتيجي هو ضمان السيادة الوطنية في أبعادها المتعدّدة، كالسيادة الغذائية والطاقية والصحية وتحصين الاقتصاد الوطني وفك ارتباطه بتقلبات الأسعار الدولية للمحروقات والمنتجات الغذائية الأساسية، في ظل حالة اللايقين الدولية بفعل وباء كورونا وتداعياته الاقتصادية والحرب الروسية الأوكرانية”.
ولكي يضمن المغرب نجاحه في تحقيق سيادته الوطنية في ظل الإمكانيات المالية الداخلية المرتكزة أساسا على الضرائب، قال الأستاذ بجامعة وجدة: “تلزمه إمكانيات مالية دولية، عبر شركائه الدوليين كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤسسات دولية أخرى”، وزاد: “لكنه لن يتمكن من الاستفادة من هذه الإمكانات المالية المتاحة على الصعيد الدولي إلا إذا خرج من هذه اللائحة”.
ورقة ضغط خارجية
الطيب أعيس، خبير اقتصادي ومالي، قال إن موقع المغرب “الواقعي” هو خارج “اللائحة الرمادية” لغسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأضاف أعيس، ضمن تصريح، أن “جرائم غسل الأموال موجودة في العالم، لكن المطلوب من الدول هو وضع آليات للمتابعة والمراقبة والجزر، وهي آليات يتوفّر عليها المغرب بالفعل”.
واعتبر المتحدّث ذاته أن هذه اللائحة “تعدّ ورقة ضغط أوروبية وغربية بشكل عام على المغرب لاتخاذ مجموعة من الإجراءات هي في مجملها في صالح أوروبا”، مشيرا-على سبيل المثال-إلى “الضغط الأوروبي من أجل إزالة المناطق الحرة التي تساعد في تحريك العجلة الاقتصادية الوطنية لكنها تنافس أوروبا، إلى جانب إلغائه مجموعة من القوانين الضريبية التحفيزية”.
وأكد الخبير الاقتصادي والمالي أن ما كان ينقص المغرب في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، هو “ميكانيزمات وآليات التبليغ والمتابعة وتكوين ممارسي مختلف المهن-من بينها المهن الحرة-ومختلف المتدخّلين في هذه السلسلة المالية حول طرق التعرف على شبهات غسل الأموال في أنشطتهم المهنية في علاقتهم مع زبائنهم، الأمر الذي تم الانتهاء منه في 30 نونبر الماضي”.
وتوقع الطيب أعيس خروج المغرب من اللائحة التي قال إنه “لم يكن يتوجب إدراجه بها في الأصل”، قبل أن يستدرك بأن “ذلك يرتبط في النهاية بإرادة أوروبا والغرب بشكل عام”.يُشار إلى أن الهيئة الوطنية للمعلومات المالية كشفت في تقرير حديث أنها رصدت ارتفاعا ملحوظا في عدد الإحالات على النيابة العامة والتحقيقات المالية الموازية والأحكام والإدانات بالنسبة لجرائم غسل الأموال والجرائم الأصلية وجرائم تمويل الإرهاب، مقدّمة مجموعة من التوصيات، أهمها تعزيز الآلية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز الإشراف والمراقبة على المنظمات غير الهادفة للربح.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
رئيس الحكومة المغربية يترأس وفداً وزارياً إلى منتدى دافوس
المتحدث باسم الحكومة المغربية يُصرح ثمة “أقلية” تحاول استهداف علاقاتنا مع الاتحاد الأوربي