الرباط - كمال العلمي
دعا مرصد العمل الحكومي إلى اعتماد إصلاح تدريجي لأنظمة التقاعد وفق أجندة إصلاح متوسطة المدى لا تقل عن 10 سنوات من أجل تنزيل إصلاح شامل ومستدام، مشددا على ضرورة تحمل الدولة لمسؤوليتها عن عدم تسديدها لأقساطها عن الفترة الممتدة من 1959 إلى 1997 وما خلفه من هدر أثّر على مردوديتها بما يقدر بأكثر من 25 مليار درهم.المرصد سالف الذكر دعا، ضمن تقرير حديث توصلت به، إلى إعادة النظر في القوانين المنظمة لتدبير احتياطات صناديق التقاعد بما يزيد من مردودية استثماراتها بما لا تقل عن 8 أو 9 في المائة سنويا ويحسن من مساهمتها في تمويل الاقتصاد الوطني، وحذف استثناء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من تدبير أمواله الاحتياطية بما يمكنه من الرفع من مردوديتها ويعالج إشكالية العجز ويزيد من أمد استدامة احتياطاته.
كما دعا التقرير إلى ضرورة اعتماد توجهات إصلاحية شاملة ومتزامنة لكل من أنظمة التقاعد وصندوق المقاصة وكذلك النظام الضريبي، خصوصا المتعلق بالضريبة على الدخل بالنسبة للأجراء والموظفين، وكذلك تحسين التعريفة الوطنية المرجعية بما يضمن عدم تأثير الإصلاح على القدرة الشرائية للمتقاعدين، وإعفاء الأجراء والموظفين الذين يفوق سنهم 55 سنة من كل أثر لإصلاح مرتقب، مع تغليب الكفة نحو الفئات العمرية الشابة.
وجاء ضمن التوصيات الواردة في الوثيقة المذكورة ضرورة وضع حد أدنى لمعاش التقاعد لا يقل عن 1800 درهم للحفاظ على القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة من ذوي الدخل المحدود، والرفع النسبي من سقف النظام الأساسي لاحتساب التعويض عن التقاعد المقترح، بما يتوافق والقدرة الأجرية للأجراء، وكذا العمل على توفير جسور الانتقال بين أنظمة التقاعد العام والخاص من أجل تسهيل حركية السكان النشيطين داخل سوق الشغل من القطاع العام إلى القطاع الخاص أو في الاتجاه المعاكس.وشدد المرصد على ضرورة تقليص هدر زمن تنزيل الإصلاح في أفق 2024 على أبعد تقدير، والعمل على تنزيل نص تشريعي قانون إطار يوضح خارطة الطريق لإصلاح أنظمة التقاعد يأخذ طابع الإلزامية للجميع، أفرادا ومقاولات وقطاعات حكومية وجماعات ترابية ومؤسسات عمومية ومهنا حرة، وكذا العمل على سن إجراء ضريبي تضامني، يخصص لتمويل ورش الحماية الاجتماعية بشكل عام وأنظمة التقاعد بشكل خاص.
انتقادات السيناريو الحكومي
قدم مرصد العمل الحكومي عددا من الملاحظات حول سيناريو إصلاح أنظمة التقاعد الذي تقترحه الحكومة، منبها إلى ما وصفه بالتستر غير المبرر للحكومة على نتائج الدراسة المنجزة من طرف مكتب الدراسات حول إصلاح أنظمة التقاعد، والدفع بإلزام الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين بالحفاظ على سرية المقترحات، في تعارض تام مع طبيعة الملف المجتمعية.
وانتقد التقرير ضعف النظام الأساسي المعتمد لاحتساب عتبة تعويضات التقاعد والاقتراح غير المفهوم بشأن التقاعد التكميلي واجباته بالنسبة لبعض الفئات والجهة المكلفة بإدارته والإشراف عليه.وسجل المرصد بأسف التجاوز غير المبرر للتحليل المقدم من طرف الحكومة للمسببات الحقيقية للأزمة؛ ومن بينها الامتناع الطويل للدولة عن تأدية مستحقاتها لصناديق التقاعد، ما تسبب في عجز بنيوي في احتياطاتها وسرع بعجزها التقني.
كما سجل التجاوز غير المبرر، حسب تعبيره، لإشكالية الديون المستحقة لنظام المعاشات العسكرية والمقدرة بـ 7 مليارات درهم لفائدة الصندوق المغربي للتقاعد، وعدم تضمين المقترحات المقدمة من طرف الحكومة لأي رؤية فيما يتعلق بتحسين مردودية الاستثمارات الخاصة باحتياطات صناديق التقاعد وتحسين فعاليتها وتقييم أوجه اعتمادها وتوظيفها.وانتقد التقرير ذاته ما اعتبره المرصد تنصلا من المسؤولية وتجاوزا غير مبرر للتدبير الكارثي لصناديق التقاعد والهدر الكبير الذي عرفته ماليتها واحتياطاتها رغم صدور تقارير عديدة في هذا الشأن (تقرير لجنة تقصي الحقائق بمجلس المستشارين وتقرير المجلس الأعلى للحسابات في شأن نظام المعاشات المدنية).
كما أكدت الوثيقة أن الحكومة تعتمد على مقاربة إصلاحية ذات اتجاه واحد بإجراءات ثلاثية (رفع سن التقاعد، خفض تعويضات التقاعد، الرفع من قيمة الاشتراكات) تقع مسؤولية وأثر تنفيذها بشكل كلي على الإجراء، دون تحمل الدولة لمسؤوليتها فيما يتعلق بالاختلالات البنيوية التي تسببت فيها طيلة عقود من الزمن، ناهيك عن غياب أي بعد تواصلي لدى الحكومة فيما يتعلق بإصلاح صناديق التقاعد، وحصر النقاش داخل جلسات الحوار الاجتماعي في تغييب غير مبرر للنقاش المجتمعي بخصوص هذا الملف الاستراتيجي والمصيري لفئات واسعة من المجتمع المغربي.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يكشف موعد بداية استفادة العمال غير الأجراء من التغطية الصحية
أخنوش يلحق الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بوزارة "الاقتصاد والمالية"