الرباط - كمال العلمي
مواصلة للجهود التي يبذلها المغرب من أجل منع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللا إنسانية، أطلقت وزارة العدل دليلا استرشاديا حول واجبات مناهضة التعذيب، موجها إلى الجهات المكلفة بإنفاذ القانون، سواء المنتسبة إلى العدالة أو الأمن.التوجهات الكبرى للدليل الجديد لا تقتصر فقط على حماية المعتقلين من التعذيب؛ بل يتضمن مقترحات بجبر ضرر مَن تعرضوا للتعذيب، عبر سلسلة من الإجراءات التي أقرتها لجنة مناهضة التعذيب، وهي إعادة التأهيل ورد الحقوق والترضية والتعويض والضمانات بعدم تكرار الانتهاكات.
والضحايا، حسب لجنة مناهضة التعذيب، هم الأشخاص الذين لحق بهم ضرر بشكل فردي أو جماعي؛ بما في ذلك الضرر البدني أو العقلي، أو المعاناة النفسية، أو الخسارة الاقتصادية، أو الحرمان بدرجة كبيرة من التمتع بحقوقهم الأساسية، عن طريق أفعال أو حالات امتناع عن أفعال تشكل انتهاكا للاتفاقية.بخصوص رد الحقوق، أشار الدليل إلى أن الالتزامات الوقائية بموجب الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب تقتضي من الدول الأطراف أن تضمن عدم وضع ضحية يُردّ له حق في موقف يعرضه للتعذيب أو سوء المعاملة من جديد، وأن على الدولة أن توفر له الإنصاف بشكل كامل.
وأشارت الوثيقة ذاتها إلى أن فعّالية ردّ الحقوق تطلب بذل مجهود من أجل التصدي لأية أسباب هيكلية للانتهاكات؛ بما في ذلك أي نوع من التمييز المتعلق، على سبيل المثال، بنوع من الجنس والميْل الجنسي والإعاقة والرأي السياسي، أو أي رأي آخر، والانتماء العرقي والسن والدين وجميع أسباب التمييز الأخرى.وفيما يتعلق بإعادة التأهيل، أكد الدليل على ضرورة توفير وسائل إعادة التأهيل على أكمل وجه لأي شخص تضرر نتيجة انتهاك جسدي أو نفسي، وأن يكون التأهيل شموليا، وأن يعطي الرعاية الصحية والنفسية، فضلا عن الخدمات القانونية والاجتماعية.
وأكد الدليل، في الشق المتعلق بإعمال الحق في الإنصاف، على ضرورة تفعيل المقتضيات الواردة في الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، حيث ينبغي أن تكون إجراءات التماس جبر الضرر إجراءات شفافة. كما ينبغي على الدولة الطرف في الاتفاقية أن تقدم المساعدة والدعم لتخفيف المشقة على أصحاب الشكاوى وممثليهم، وألا تشكل الإجراءات المدنية وغيرها من الإجراءات ثقلا ماليا على كاهل الضحايا.
وينص القانون المغربي على تخويل كل متضرر كيفما كان، شخصا طبيعيا أو معنويا، وبغض النظر عن طبيعة الضرر الذي لحقه ومصدره، الحق في تعويض كامل يراعي الضرر الحاصل؛ وذلك بصرف النظر عما إذا كان هذا الضرر ناتجا عن فعل جرمي أو غيره.واعتبر الدليل أن القانون المغربي “يوفر ضمانات متعددة للحصول على تعويض عادل يوازي قيمة الضرر اللاحق بما يستتبعه ذلك من مطالبة بالتعويض الكفيل بإعادة تأهيله على أحسن وجه ممكن في حالة ما إذا كان قد تعرض لاضطراب نفسي أو جسدي من جراء أعمال التعذيب التي مورست عليه”.
وتستند توصيات الدليل إلى مقتضيات الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب التي فرضت على الدول الأطراف منح التعويض الكافي لضحايا التعذيب أو سوء المعاملة، على اعتبار أن التعويض له أثر مباشر على نفسية المتضرر.وأشار الدليل إلى أن ضحايا التعذيب يواجهون مجموعة من العواقب المدمرة طويلة الأمد، إذ يمكن أن يؤدي الألم البدني والنفسي الذي يحدثه التعذيب إلى إعاقات أو أمراض مزمنة واضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب.
وحسب الوثيقة ذاتها، فإن العواقب المدمرة طويلة الأمد التي يخلفها التعذيب تجعل أنه من المهم أن يحصل الأشخاص الذين تعرضوا له على سبُل الانتصاف، وأن يتم تقديم مرتكبي التعذيب إلى العدالة.وأكدت مديرية الشؤون الجنائية والعفو ورصد الجريمة بوزارة العدل، في تمهيد الدليل، “أننا ملتزمون بجدية بضمان عدم تعرض أي شخص للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة على مستوى المملكة المغربية، ومنع ومكافحة التصدي لمثل هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان أينما حدثت”.
ونوهت المديرية ذاتها إلى الدور الأساسي الذي يضطلع به قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة في دعم حظر التعذيب وسيادة القانون، مشددة على أن على قضاة النيابة العامة، خلال مرحلة البحث الجنائي، رفض كل اعتراف جاء نتيجة ضغوط.كما أشار المصدر ذاته إلى أن قضاة النيابة العامة يتحملون التزاما مهما بضمان فخص مزاعم التعذيب “بسرعة وحيادية، وحماية الضحايا والشهود من الترهيب”، كما أنهم “صمام ضمان الحصول على أقوال أو اعترافات قدمت في المحكمة بشكل قانوني؛ ولهذه الغاية يجب عليهم فحص شرعية الأدلة والتأكد من عدم الاعتداد بأية أقوال تم الإدلاء بها نتيجة للتعذيب كدليل في المحكمة”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
وزارة العدل المغربية تُعيد تصحيح أوراق 60 راسباً في امتحان المحاماة
وهبي يُؤكد وزارة العدل المغربية تلقت 85 ألف ترشيح لاجتياز مباراة المنتدبين القضائيين