الدار البيضاء - جميلة عمر
بدأ الملك محمد السادس، الثلاثاء، زيارة جديدة إلى عدد من البلدان الأفريقية، حيث ستقوده إلى غانا وأثيوبيا وزامبيا وجنوب السودان، وستكون الزيارة فرصة لتوقيع العديد من الاتفاقيات المهمة مع عدد من هذه البلدان بالإضافة إلى حضور مؤتمر قمة الاتحاد الأفريقي، حيث سيعود المغرب إلى هذه المنظمة القارية، التي غادرها عام 1984 في مؤتمر نيروبي عقب مناورات خصوم المغرب.
وستكون الزيارة تتويجًا لمجموعة من المجهودات الجبارة التي قام بها المغرب بقيادة الملك، والتي ارتكزت على مبدأ التعاون جنوب-جنوب، إذ أن الرؤية الملكية هي محاولة لاستنهاض الفعل المقاوم للاستغلال الذي تتعرض له القارة السمراء، خاصة بعد ما نبه الملك على أن قارتنا تم استنزافها بشكل خطير وكبير.
وتنبنى الرؤية الملكية على مبادئ واضحة حتى لا يتم استغلال أي طرف من أطراف التعاون بين دول أفريقيا، وقال الملك بوضوح "إننا عدنا إلى عمقنا في هذه القارة، ونحن نحمل تصورات ومشاريع"، فالدول التي تعاقد معها المغرب تمتلك خيرات وثروات والمغرب يمتلك الخبرة العملية، وبالتالي فنتيجة التعاون هي أن يربح الجميع، نحن والشعوب الأفريقية المستهدفة من عمليات الاستثمار الضخم الذي وضعه المغرب رهن إشارة العديد من البلدان.
من جهة أخرى التحرك جاء بعد نداء وجهته أكثر من دولة أفريقية قصد عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، وهي دول شكلت رقما صعبا بل منحت المغرب الأغلبية الضرورية من التوقيعات للعودة، لأن هذه الدول أنهت مع عهد العطايا والرشاوى المقدمة للزعماء من قبل دولة النفط والغاز، وفهمت أن مستقبلها في التعاون مع دولة لا تملك ثروات مادية كبيرة لكنها تملك المعرفة والخبرة العملية، التي يمكن توطينها في عدد من بلدان أفريقيا، وها هي اليوم تستكمل أشواطها من خلال "جامعة محمد السادس المتخصصة في التقنيات" بالمدينة الخضراء ببنجرير والتي ستفتح أبوابها للطلبة الأفارقة من أجل تخريج الأطر الكفؤة.
كما سيشارك في مؤتمر الاتحاد الأفريقي، الذي يعتبر بالنسبة للمغرب بمثابة معركة كبرى، فإن الملك سيزور دولاً أخرى ومنها دول يزورها لأول مرة، وهي رسالة بليغة للأشقاء في القارة السمراء، مفادها أن المغرب في إفريقيا سواء كان في الاتحاد أو لم يكن، وأن ما قام به يدخل ضمن رؤية استراتيجية وليس تكتيكًا حتى يلقى الدعم للعودة، لأن المغرب وضع نصب عينيه الاستثمار والتعاون بين بلدان أفريقيا كشكل من أشكال المقاومة، التي تستكمل المقاومة من التحرر السياسي التي قادها المغفور له محمد الخامس رفقة زعماء أفريقيا.