الدار البيضاء - جميلة عمر
شهدت جهة فاس مكناس خلال عام 2016 سباقًا ضد الساعة لتعزيز التربية البيئية ومحاربة التغيرات المناخية، حيث انخرطت مختلف الفعاليات المحلية بشكل جماعي ومسؤول في الجهود الرامية للتقليص من حدة هذه الظاهرة، وقد جندت الجهة لهذه العملية البيئية التي جاءت في إطار مواكبة المؤتمر العالمي حول المناخ (كوب 22) الذي نظم في مدينة مراكش، جمعيات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية والجامعات والسلطات المحلية قصد نشر وتعزيز الوعي المجتمعي حول أهمية الحفاظ على البيئة.
وشهدت العاصمة العلمية للمملكة تنظيم مؤتمر "قمة الضمائر" من أجل المناخ الذي تدارست فيه قيادات دينية وروحية وفلاسفة وشخصيات رسمية ومنظمات حكومية وغير حكومية، سبل تسخير التراث الروحي والوعي الأخلاقي في تنوعه في سبيل بلورة أسس وعي إيكولوجي مشترك جديد، وكان هذا المؤتمر الدولي الذي نظمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في العاصمة العلمية، فرصة سانحة لتسليط الضوء على الوعي الجماعي في خدمة العمل الفردي وعلى الحوار الإنساني كأرضية لبدائل بيئية، بالإضافة إلى تقاسم المعارف بخصوص الممارسات الإيكولوجية من منطلق أن الحق في البيئة السليمة يعتبر حقًا مكفولاً للجميع ويدخل ضمن مقومات الكرامة الإنسانية.
وشكلت قمة فاس مناسبة للدعوة إلى إطلاق دينامية عبر الأجيال تستهدف نقل موروث الأسلاف من القيم والتعاليم السمحة والتجارب الإيكولوجية الجيدة إلى الأطفال والشباب عبر دور العبادة والتعليم ووسائط الإبداع والفن والإعلام والتطبيقات الرقمية في شكل خبرات ومهارات وابتكارات تساهم في تغيير السلوك الفردي والجماعي والقطع التدريجي مع العادات الاستهلاكية المفرطة وغير المسؤولة إلى جانب مراعاة السياقات الاجتماعية والرقمية المستجدة ووسائل التواصل الفعالة والناجعة، ووعيًا بالآثار الوخيمة للأكياس البلاستيكية على الثروة النباتية والحيوانية وعلى صحة الإنسان، نظمت السلطات المحلية وفعاليات المجتمع المدني بجهة فاس مكناس حملة واسعة للقضاء على الأكياس البلاستيكية بغية حماية والحفاظ على الموارد والفضاءات الطبيعية والتنوع البيئي والموروث الثقافي ومحاربة التلوث.
وأصبحت هذه الحملة البيئية فرصة مواتية لتعديل سلوكات المواطنين تجاه البيئة وعدم استعمال الأكياس البلاستيكية وتفادي كل ما يؤذي الإنسان والمجال بالإضافة إلى التحسيس بأهمية ترشيد السلوك البشري إزاء البيئة وضمان حياة ومستقبل أفضل للأفراد والجماعات، وبدورها، عرفت مختلف المؤسسات التعليمية التابعة لجهة فاس مكناس تنظيم مجموعة من الأنشطة والتظاهرات التربوية من أجل تحسيس التلاميذ والتلميذات بأهمية المحافظة على البيئة وتحفيزهم على الانخراط في مختلف المجهودات المبذولة من أجل حماية البيئة إلى جانب توعيتهم بالمخاطر التي قد تنتج عن التغيرات المناخية وتدهور المحيط الإيكولوجي .
وفي إطار المبادرة الوطنية "غرس مليون شجرة"، التي أطلقتها المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، شهدت مختلف عمالات وأقاليم جهة فاس مكناس حملة واسعة لغرس أصناف من الأشجار التي تتكيف مع التغيرات المناخية على مساحات واسعة سيكون لها وقع إيجابي على مستوى تلطيف الجو وسحب ثاني أوكسيد الكاربون وستضفي رونقاً جميلاً على المنطقة، وتهدف عملية غرس مليون شجرة إلى تعزيز الجهود في مجال حماية البيئة وتنقية الهواء وزيادة رقعة البساط الأخضر، فضلاً عن غرس ثقافة التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة عند الناشئة والمساهمة في خلق بيئة آمنة وصحية ونظيفة ومستدامة.