دمشق ـ سليم الفارا
دفع الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة، بالناس إلى الشوارع في شمال سوريا، حيث أصابت الضربات الجوية والقصف السكان بصدمات بالفعل وأضعفت أساسات الكثير من المباني.
وفي بلدة جندريس، التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في محافظة حلب، لم يتبقَّ من مبنى متعدد الطوابق إلا كومة من الخرسانة والقضبان الفولاذية والملابس.
وقالت «الخوذ البيضاء»، وهي خدمة إنقاذ تأسست في الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة لمعالجة المصابين من القصف، إن 147 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم في شمال غربي سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة. فيما قدَّر المسؤولون في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة عدد الضحايا بأكثر من 300 قتيل وما يزيد على ألف جريح.
وتقول الأمم المتحدة إن ملايين الأشخاص في شمال غربي سوريا باتوا معرَّضين للخطر بسبب الصراع الذي تسبب في نزوح 2.9 مليون شخص في المنطقة، وإقامة 1.8 مليون في المخيمات.
وعملت فرق الإنقاذ على مدى سنوات على إنقاذ الناس من القصف والغارات الجوية التي تشنها الحكومة السورية أو القوات الروسية التي غالباً ما تضرب نفس الموقع مرات عدة، ما يُعرِّض حياة المسعفين للخطر.
وقال فارس: «لن يقصفنا أحد، على الأقل الآن، ونحن نعمل». لكن طقس الشتاء البارد يشكل تحدياً آخر لعمال الإنقاذ، الذين قالوا إن العائلات تُركت في درجات حرارة شبه متجمدة وأمطار غزيرة.
وقال أحمد الشيخ، وهو من سكان بلدة حدودية قريبة في ريف محافظة إدلب، إن الزلزال دمَّر المباني المتواضعة التي أُقيمت في مخيمات النازحين التي تستضيف سوريين فرّوا من الحرب على مدى سنوات.
وإلى الغرب، كان المستشفى الرئيسي في مدينة عفرين، التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، يعجّ بالجرحى على الأرض، فيما تكافح النساء للوصول إلى أحبائهن عبر الهاتف، إذ كانت الخطوط معطَّلة.
ويضع المسعفون أكياس الجثث السوداء على أرض ملطخة بالدماء، بينما كان الأطفال الصغار يصرخون.
وقال إبراهيم عبيد، وهو أحد سكان عفرين: «بنسمع صوت صفارات الإسعاف في كل مكان. الناس في الشوارع مصدومة... في خوف كتير ولسه بنشعر بارتدادات».
وناشدت سوريا اليوم (الاثنين)، المجتمع الدولي «مدّ يد العون» لها لدعمها بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد ومركزه تركيا، موقعاً مئات القتلى وآلاف المصابين، فيما نفى مصدر رسمي طلب دمشق المساعدة من إسرائيل.
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان: «تناشد سوريا الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة والأمانة العامة للمنظمة ووكالاتها وصناديقها المختصة واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من شركاء العمل الإنساني من منظمات دولية حكومية وغير حكومية، مدّ يد العون ودعم الجهود التي تبذلها الحكومة السورية في مواجهة كارثة الزلزال المدمر».
إلى ذلك، نقلت صحيفة «الوطن» الحكومية عن مصدر رسمي، نفيه طلب الحكومة المساعدة من إسرائيل في جهود الإغاثة عقب الزلزال الذي تعرضت له البلاد في وقت سابق اليوم.
وكانت إسرائيل قد أعلنت في وقت سابق اليوم، أنها تلقت طلباً من سوريا للمساعدة في جهود الإغاثة عقب الزلزال، وأنها تستعد للقيام بذلك. وصرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه أمر بإرسال مساعدات إلى تركيا، مركز زلزال اليوم (الاثنين)، ومن المقرر أن تغادر الجسور الجوية بحلول المساء.
وخلال مراسم في مستشفى بالقرب من تل أبيب، قال نتنياهو: «بما أننا وصل إلينا طلب أيضاً لفعل ذلك من أجل الكثير من ضحايا الزلزال في سوريا، وجَّهتُ بفعل ذلك أيضاً».
وفي تصريحات إلى حزبه في وقت لاحق أذاعها التلفزيون، قال نتنياهو إن طلب الإغاثة الإنسانية من سوريا نقله «مسؤول دبلوماسي» لم يُفصح عن اسمه. وأضاف: «وافقت على هذا، وأعتقد أن هذه الإجراءات ستحدث قريباً».
وأفاد مسؤولون سوريون بمقتل المئات في الدولة التي عصفت بها الحرب، سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة دمشق أو في الشمال الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة.
ورداً على سؤال عن الجهة التي تقدمت بالطلب بخصوص سوريا التي ذكرها نتنياهو، أبلغ مسؤول إسرائيلي «رويترز»: «السوريون». ورداً على سؤال عما إذا كان هذا يشير إلى المعارضة أم إلى حكومة الرئيس بشار الأسد، أجاب المسؤول بكلمة واحدة: «سوريا».
وقالت هيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان)، في تقرير دون ذكر مصدره، إن روسيا نقلت الطلب إلى إسرائيل لمساعدة سوريا. وأحجمت السفارة الروسية في إسرائيل عن التعليق.
وذكرت هيئة البث العامة الإسرائيلية أن المساعدات ستشمل أغطية وخياماً وأدوية، مضيفةً أن حكومة نتنياهو أبدت أيضاً استعدادها لاستقبال الضحايا إذا طُلب منها ذلك.
ولم يذكر المسؤولون الإسرائيليون تفاصيل المساعدة حتى الآن.
وإسرائيل وسوريا في حالة حرب منذ عقود تخللتها فترات من وقف إطلاق النار. ولفترة وجيزة، ساعدت إسرائيل عناصر من المعارضة السورية على حدود مرتفعات الجولان. وفي عام 2018 تعاونت مع الأردن والولايات المتحدة لإجلاء موظفي الإنقاذ السوريين المعروفين باسم «الخوذ البيضاء» وأسرهم الفارّين من تقدم الحكومة.
من جهة أخرى، أفاد الجيش الروسي بأن أكثر من 300 جندي روسي ينتشرون في سوريا باشروا المساعدة في رفع الأنقاض إثر الزلزال. وقالت وزارة الدفاع الروسية إنه تمت تعبئة 300 جندي وستين آلية بهدف «رفع الأنقاض والبحث عن ضحايا وتقديم مساعدة طبية إليهم في المناطق التي تعرضت لأكبر من قدر من الدمار».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :