الدار البيضاء - جميلة عمر
أثار فرض نظام الانضباط العسكري على جهاز الوقاية المدنية، ردودًا غير متوقعة، لا بالنسبة إلى قيادة هذا الجهاز ولا بالنسبة إلى العاملين فيه. وحسب مصدر مطلع، فإن موجة من رسائل الاستقالات تقدم بها عدد من العاملين غالبيتهم من ذوي الرتب الدنيا في جهاز الوقاية المدنية إلى مسؤوليهم، بعد شهر واحد من إقرار مجلس النواب لمشروع قانون يفرض الانضباط العسكري على العاملين في الوقاية المدنية، أي تحويل هذا الجهاز إلى مؤسسة عسكرية.
غير أن هذه الاستقالات واجهت الباب المسدود هذه المرة بسبب القانون الجديد، فجهاز الوقاية المدنية رفض تسلم رسائل الاستقالة من أصحابها بدعوى أن "لا أحد يستقيل من مؤسسة عسكرية". ويعتقد العاملون في هذا الجهاز بأنهم أصبحوا عالقين داخله، لاسيما أن الكثير منهم لا يرون أنفسهم مناسبين للحياة العسكرية.
ووفق القوانين العسكرية، فإن المجند لا يستقيل من وظيفته، وإنما يُعفى منها بقرار من الإدارة، وإذا ما قرر فرد من الوقاية المدنية مغادرة وظيفته بعد رفض تسلم استقالته، فإنه يعد في نظر القانون فارًا من الجندية وتطبق عليه عقوبات شديدة. وبتغيير نظام عمل جهاز الوقاية المدنية نحو النظام العسكري، فإن العاملين فيه يرون أن "قدرتهم على مواجهة الاختلالات في تدبير الموارد البشرية أصبحت صفرا"، كما قال لنا بعضهم.
وحصلت تغييرات كبيرة مع مباشرة تطبيق قانون الانضباط العسكري، فقد أعفي القائد العام للجهاز، عبد الكريم اليعقوبي الأسبوع الفائت من مهامه، عقب سنوات مثيرة للجدل على رأس هذا الجهاز، وتسلم رسالة شكر من الديوان الملكي. وكان تدبير الموارد البشرية في الوقاية المدنية موضوعًا لملاحقات قضائية ضد مسؤولين، بينهم عقيد يوجد حاليًا رهن الاعتقال الاحتياطي في سجن سلا، كما تفجرت قضية الشواهد المزورة التي كان مترشحون قد سلموها إلى الإدارة بغرض ولوج وظائفهم، وأطاحت هذه القضية بمسؤولين آخرين، وأجبر عاملون في الجهاز على الاستقالة درءًا لأي تداعيات إضافية.