الرباط ـالمغرب اليوم
تقف الائتلافات المغربية الثلاثة المناهضة لعقوبة الإعدام ومن جديد ترحما على روح الضحيتين منددة بالفعل الجرمي الذي ارتكبه الجناة في حقهما ببرودة دم وبسلوك همجي مرفوض ومدان، وذلك على إثر صدور قرار محكمة الجنايات في سلا يوم الخميس 18 يوليو/ تموز 2019. القاضي بعقوبة الإعدام في حق ثلاثة متهمين في ملف قتل الفتاتين الاسكندينافيتين في القضية المعروفة بشمهاروش.
ومن جديد تؤكد الائتلافات موقفها الثابت الرافض والمناهض لعقوبة الإعدام التي صدرت دون مراعاة لأحكام الدستور وفلسفته التي تنص على ضمان الحق في الحياة لكل إنسان وهو ما يفرض بالتالي على الدولة وعلى كل مؤسساتها التقــيد التام بالمعاني السامية التي نصت عليها المادة العشرون من الدستور والتي تتعارض في مبناها ومعانيها مع عقوبة القتل، خصوصا إن هي تقررت من قبل سلطات الدولة ومن قبل السلطة القضائية التي هي قبل غيرها المقيدة بالتفسير العقلي والعميق لقيم الدستور و للحق في الحياة والمقيدة بروح المواثيق الدولية وبالمكتسبات الحقوقية التي عملت من أجلها الحركة الحقوقية المغربية منذ عقود خلت.
إقرأ أيضا:
توقيف شاب آخر على خلفية جريمة قتل السائحتين في شمهاروش
القتل جريمة بشعة تستحق العقاب، وعقوبة الإعدام بشعة تستحق الإلغاء، إنها ليست فقط نقطة خلافية كما يصيح المحافظون الذين يستعملون الشرع والشريعة لأغراضهم الإيديولوجية والسياسوية و يومنون بشق من الكتاب ويكفرون ببعضه الآخر، يسبحون بالإعدام ويرفضون قطع اليد والرجم وغيرها من العقوبات.
اليوم صمتت النيابة العامة أمام الحكم بعقوبة بربرية متسترة وراء القانون، ونظنها أنها ستتحلى بالجرأة الحقوقية والدستورية وستطعن في حكم القتل للثلاثة اليوم، وستفتح بذلك صفحة في تاريخها وسابقة في مجال السياسة الجنائية لتنضم لموقف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لسنة 2014 لما نادى بضرورة إلغاء عقوبة الإعدام،
إن الائتلافات يعتبر أن من واجبها أن تؤكد على أن عقوبة الإعدام جريمة متسترة وراء القانون، لكنها لا تختلف عن همجية المتطرفين الذين يخفون حقدهم وراء الدين ليقتلوا بعد عملية غسل أدمغتهم من قبل صناعتهم ، ومن هنا وجب إلغاؤها دون تردد وبصفة نهائية لأن الإلغاء عنوان نضج سياسي وفكري وإنساني وحقوقي لا يقبل المساومة ولا الانتقائية والانتظار ، كما أن المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام هو الموقف الذي يميز ما بين المؤمنين حقيقة بحقوق الإنسان بمفهومها الكوني، وما بين المتاجرين المرتزقين بها.
إن الائتلافات الثلاثة الموقعة، تدعو المنظرين لعقوبة الإعدام بالحكومة وبالبرلمان والحاكمين بها وكل من يلبسونها بالمبررات الشعبوية لإعادة النظر في قناعتهم وفِي ثقافتهم وفِي متاهات التأويلات الخاطئة ، فمن المدهش ومن المؤسف - وقد ظهر عبر التجارب إن الإعدام لم يكن يوما وازعا لتقليص الجريمة ومخاطرها أو رادعا لها - أن يستمر البرلمان في قبول عقوبة الإعدام و تستمر المحاكم بالنطق و الحكم بها كعقاب دون تقدير للدور الذي تلعبه هذه العقوبة في خلق الفتن مثل الثأر وصب الانتقام داخل المجتمع كما كان عليه الأمر إبان القرون الوسطى، فضلا عن السعي الذي يسوق البعض من وسائل الإعلام العمومي إلى فتح محطاتها لمن يحلم و يعانق عقوبة الإعدام ومن دون أن تعامل المطالبون بإلغاء الإعدام وبالمساواة لإتاحة المجال الإعلامي العمومي لخدمة قيم الدستور والحق في الحياة وللتعريف بما تحقق عبر العالم من تقدم مدهش ومشجع بلغت فيه نسبة الدول التي ألغت عقوبة الإعدام إلى ما يقارب تلثي الدول الممثلة بالجمعية العامة للأمم المتحدة بما فيها دول من منظمة المؤتمر الإسلامي
ويعتبر الائتلافات المغربية أن السير نحو الإلغاء النهائي لعقوبة الإعدام لابد منها لأنها هدف الحقوقيين وجمعياتهم وأمل العديد من السياسيين رجالا ونساء.
كما تعتبر أن كل حكم بالإعدام عنوان لمحاكمة غير عادلة في حد ذاته حتى ولو كان قضاتها عادلون.
قد يهمك أيضا:
السفير السويسري في المغرب يقطع إجازته بعد التطورات الأخيرة في جريمة "شمهاروش"
"والي مراكش" يتلقي طلب تغيير اسم شمهاروش باسم "مارين ولويزا"