الجزائر ــ عمّـــــــار قـــــــــردود
كشف مصدر عسكري جزائري رفيع المستوى، لـ "المغرب اليوم"، أن وزارة الدفاع الوطني الجزائرية اقتنت مؤخرًا منظومة صواريخ روسية متطورة جدًا، بإمكانها أن تحمي سماءها وبحرها من أي هجوم جوي محتمل بالطائرات الأكثر تفوقًا في العالم، وبوصول منظومة صواريخ "إس-400" ستتمكن الجزائر من ملئ الفراغات والمراقبة الجوية بعيدة المدى لكافة حدودها البرية والبحرية والجوية.
وأضاف المصدر أن منظومة الدفاع الجوي الصاروخية الجديدة، الذي تحصل عليها الجيش الجزائري، هي من طراز "إس – 400 " الروسية المتطورة، موضحًا أنه تم تجريب تلك الصواريخ من قبل فرقة من الجيش الجزائري، خلال الربيع الماضي، لتكون الجزائر، بذلك، أول دولة في أفريقيا والعالم العربي تحصل على هذا السلاح الروسي المتطور.
وأشار المصدر، إلى أن منظومة صواريخ "إس-400" قد تم نصّبها عبر كافة المطارات العسكرية والمدنية المتواجدة على التراب الجزائري، وأن البداية كانت من أكبر قاعدة عسكرية جوية في أفريقيا، المتواجدة في مطار بئر رقعة في ولاية أم البواقي-شرق الجزائر-، وسيتم تعميمها مستقبلًا على كل الحدود البرية والجوية للوطن في آفاق 2019.
ووفقًا للمصدر العسكري فإن الجزائر أبرمت مع روسيا صفقة لشراء تلك الصواريخ عام 2013، وبأن المتحصل عليه منها من قبل الطرف الجزائري يبلغ 3 أفواج كاملة أي 6 كتائب، تحمل كل واحدة منها 8 منصات لإطلاق الصواريخ، محملة على شاحنات عسكرية ضخمة.
وجاءت عملية اقتناء هذه الصواريخ الروسية المتطورة جدًا ضمن صفقة سلاح ضخمة تضم أيضًا منظومة "تور" للدفاع الجوي وقاذفات القنابل "سو-34" ومروحيات "مي-28" ودبابات "تي-90 أس أم" وطائرات "ياك 130" وآليات "ترميناتور" المدرعة، وتعتبر المنظومة الجديدة أحدث الأنظمة وأكثرها تطورًا على الإطلاق في العالم، ولكنها غالية التكلفة بالنسبة لأغلب زبائن السلاح الروسي.
ولفت المصدر، إلى أنه كان من المفروض ألا تحصل الجزائر على المنظومة الجديدة للصواريخ الروسية إلا بعد 2017، مثل الصين التي كانت أول من قدم طلبًا للحصول عليها، لكن انفلات الأوضاع الأمنية وتدهورها في بعض دول الجوار حتّم على الجزائر على الإسراع في طلب التزود بهذه الصواريخ الحديثة والمتطورة بشكل فوري وطارئ، وهو ما وافقت عليه السلطات الروسية التي تعتبر الجزائر إلى جانبها حليفها الإستراتيجي والتاريخي في أفريقيا والعالم العربي والإسلامي، إحدى أهم وأكبر زبائنها الأوفياء في اقتناء وسراح الأسلحة الروسية.
وكان الخبير العسكري الروسي "فيكتور موراشوفيسكي"، قد سبق وأن أعلن أن الجزائر من بين المشترين لمنظومة الصواريخ المضادة للطائرات "إس-400"، قائلًا في تصريحات لوكالة "نوفوستي" الرسمية للأنباء، إن "الصين في الخط الأول تليها الهند والجزائر من البلدان التي تصطف للحصول على منظومة "إس -400"، مشيرًا إلى أن الأداء الميداني للمنظومة في سورية زاد من شعبية صواريخ "إس- "400، ونشرت روسيا منظومة الدفاع الجوي "إس-400" في سورية عقب إسقاط إحدى قاذفاتها من قبل الجيش التركي العام الماضي.
وأكد ذات الخبير العسكري، أن نشر المنظومة في سورية مكّن من تشكيل منطقة حظر جوي لأي طائرة عسكرية أجنبية في الأجواء السورية حيث صرح قائلًا:" لا أحد الآن بإمكانه الطيران في المجال الجوي السوري"، فيما يشار إلى أن ما يسمى بـ"إس-400" هو أحدث سلاح روسي للدفاع الجوي يقدر على تدمير كافة وسائل الهجوم الجوي من طائرات ومروحيات وصواريخ، ولم تحصل أي دولة أجنبية عليه حتى الآن باستثناء الجزائر والصين.
وتستخدم منظومة "إس-400 تريومف" عدة أنواع من الصواريخ التي تستطيع إسقاط جميع وسائل الهجوم الجوي الموجودة حاليًا بما فيها الطائرات وطائرات الهليكوبتر والطائرات الموجهة عن بعد التي هي بدون طيار، والصواريخ الجوالة والصواريخ البالستية التكتيكية التي يمكن أن تصل سرعتها إلى 4800 متر في الثانية.
وبشأن ردود فعل بعض الدول المناوئة للجزائر حول امتلاكها لمثل هذه الأسلحة المتطورة جدًا، قال الخبير العسكري: "من حق الجزائر أن تمتلك أحدث المنظومات الصاروخية، بالنظر إلى مساحتها الجغرافية الشاسعة وحدودها الطويلة وغنى أرضها بالمواد الخام، وبالتالي فهي في أمسّ الحاجة إلى اقتناء أسلحة دفاع تناسب تلك الخصوصيات، وتضمن للجزائر حماية قصوى لمجالها من أي عدوان إرهابي أو خارجي".
وقد أبدت كل من المغرب وإسرائيل مخاوفهما الشديدة وقلقهما الكبير من امتلاك الجيش الجزائري-الذي يعتبر من أقوى الجيوش العربية والأفريقية، ويصنف ضمن المراتب الــ20 الأولى عالميًا-لمثل هذه الصواريخ الفتاكة والحديثة والجد متطورة.
وأفاد المصدر نفسه عن شروع وزارة الدفاع الوطني الجزائرية فعليًا ومنذ مدة في تنصيب منصات إطلاق صواريخ مضادة للطائرات من نوع " أس- 400"روسية الصنع، عبر عدد من ولايات الشرق الجزائري، خاصة منها الحدودية مع تونس وليبيا، وذلك في خطوة استباقية واحتياطية تحسبًا لأي هجمات إرهابية محتملة من طرف الجماعات المتطرفة، بعد توارد أنباء مؤكدة وتقارير تفيد بأن جماعات إرهابية ترتب للقيام بهجمات جوية بواسطة الطائرات تستهدف على الخصوص مؤسسات حساسة بكل من الجزائر، تونس والمغرب، حيث حذّرت تقارير استخباراتية غربية من تحضير هجمات إرهابية عن طريق الجو، تستهدف دولًا مرتبة ضمن لوائحها أنها عدوة للحركات الإرهابية، وذكرت تلك التقارير أن دول شمال أفريقيا مستهدفة بهجمات مبرمجة تطال مؤسسات حساسة ومواقع إستراتيجية.
وأوضح المصدر العسكري الجزائري لــــ"العرب اليوم" بأن "عدد الأنظمة يكفي لتشغيل من ثلاثة إلى أربعة أفواج كاملة من صواريخ "إس- 400"، سوف تعزز الأفواج السابقة التي تعمل على نظام "إس- 300". وهو كفيل بأن يضمن للجزائر تغطية دفاعية ممتازة وكاملة، كما يتوقع أن يسمح بسد الفراغ الحالي، من خلال منح الدفاع الجوي الجزائري إمكانية امتلاك نظام إنذار مبكر بعيد المدى".
وكانت وزارة الدفاع الوطني الجزائرية قد شرعت عام 2014 في تنصيب منصات إطلاق صواريخ مضادة للطائرات من نوع "إس- 125" وأخرى من نوع "إس-300" روسية الصنع، عبر عدد من كامل حدود الجزائر البرية والبحرية، وتحوز الجزائر على 8 منظومات صواريخ "إس 300 "وتسلمت أول دفعة منه في 2008، ويعزز نشر منظومة الدفاع الجوي بـ "إس 400" قدرات الجزائر في حماية أمنها برًا وبحرًا وجوًا.
وتتصف منظومة الصواريخ الحديثة المضادة للجو "إس- 400" خلافًا عن سابقتها "إس 300 بي إم" بقدرتها على تدمير كافة أنواع الأهداف الجوية، بما في ذلك الصواريخ المجنحة التي تحلق بمحاذاة سطح الأرض، والطائرات صغيرة الحجم من دون طيار وحتى رؤوس مدمرة للصواريخ السائرة بالمسار البالستي بسرعة حتى 5000 متر في الثانية، وليس بمقدور أي مجمع آخر متابعة مثل هذا المسار.
وتعتبر منظومة "إس 400" الأكثر تطورًا في العالم ، وهي قادرة على التصدي لجميع أنواع الطائرات الحربية، بما فيها طائرة الشبح الشهيرة، كما تستطيع اعتراض الصواريخ المجنحة وتدميرها.
إنشاء مركز لصيانة صواريخ "إس-400" في الجزائر
من جهة أخرى كانت شركة روسية متخصصة في تصنيع أنظمة متطورة للدفاع الجوي، قد قررت في عام 2014 إنشاء مركز خدمة صيانة في الجزائر، تحسبًا لتزويد الجيش الجزائري بأحدث أنظمتها المعروف بنظام "إس 400". عندما أعلن مسؤول في شركة "الماز- انتي" الروسية أن الشركة تخطط لإقامة مراكز للخدمة في الجزائر، الهند، الصين، فيتنام وهي دول تحوز على جيل "س 300" للدفاع الجوي التي أنتجتها روسيا.
من ناحية أخرى، يرى خبراء عسكريون جزائريون، أن الوضع الدولي الراهن وحدود الجزائر البرية الملتهبة جنوبًا وشرقًا والأوضاع الأمنية المتردية في المنطقة هي من فرضت على الجزائر على تحديث دفاعها الجوي بمنظومات صواريخ "إس-400" بشكل فوري وسريع وأن كبر مساحة الجزائر-التي تعتبر أكبر بلد أفريقي وعربي والعاشر عالميًا- وشريطها الحدودي الكبير يستوجب إمكانيات كبيرة وضخمة لمراقبتها وحمايتها، رغم أن سلاح الجو الجزائري يمتلك فعليًا كميات معتبرة وكافية من المضادات الجوية الصاروخية من طراز "إس- 300"، التي تعد من أفضل الدفاعات الجوية في أفريقيا والعالم العربي.
ووفقًا للخبراء العسكريين، فإن الجزائر تتوفر ضمن ترسانتها العسكرية على 3 كتائب من صواريخ "إس-300" أي ما مجموعه 72 بطارية و576 عربة، وينشرها الجيش في وسط وشرق وبشكل نسبي غرب وجنوب التراب الجزائري، وهو ما يعني أن تلك الصواريخ لا تغطي بشكل كامل مناطق الحدود الجزائرية، لذلك استوجب اقتناء دفعة جديدة من منظومة الصواريخ.