الدار البيضاء : جميلة عمر
بعث الملك محمد السادس عبر الخطاب الذي ألقاه أمس الجمعة بمناسبة افتتاح دورة أكتوبر البرلمانية، بعدة رسائل سياسية بالغة الأهمية طبقا للدستور. فمن خلال مضمون الرسائل الملكية التي حملها الخطاب، والتي تسلمها من المواطنين وبلغها شخصيًا للمسؤولين السياسيين المنتخبين، وإلى المسؤولين التسلسليين للإدارة المغربية وعموم الموظفين، الذين يتقاعسون عن أداء مهامهم لخدمة عموم المرتفقين، من المنتظر أن يعطي درسًا للمتقاعسين.
وأصبح من شبه المؤكد أن إصلاح الإدارة والمرفق العمومي صارت إحدى أولويات الحكومة المقبلة التي سيقودها عبد الاله ابن كيران. فوضعية الإدارة العمومية دفعت من بلاد المغرب، إلى النزول بكل ثقله، ووجه لوما قاسيا لكل الفاعلين والمسؤولين على الإدارة بمختلف مستوياتهم ودرجاتهم، وقدم تشخيصا دقيقا للوضعية التي تعيشها الإدارة المغربية. فخطاب الملك يحمل بين طياته نقدا قويا للإدارة بسبب حجم الشكاوي التي أضحى يتلقاها من المواطنين.
وتساءل الملك خلال خطابه، عن ما الجدوى من وجود الادارة اذا لم تقف إلى جانب المواطنين ولم تسهر على مشاكلهم. وهدا ما جعل سموه يلفت على أن المرحلة المقبلة تتطلب التركيز على إصلاح الإدارة إصلاحات جذريا لتكون إدارة القرب بشكل حقيقي، وإعادة النظر في الاختلالات التي تعاني منها، من بينها تعقد المساطر، وتحول الإدارة إلى مرتع شخصي وحزبي لتحقيق المصالح الحزبية والشخصية لبعض المنتخبين، دون الاكتراث لما يعانيه المواطن المغربي. فضلًا عن الاختلالات التي تعتبر الإدارة طرفا رئيسًا فيها وتتعلق بنزع الملكية.
ويرى أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، حسن طارق، أن الرسالة السياسية الرئيسية للخطاب الملكي، هي دعوة الملك عموم الفاعلين إلى الإهتمام بالأهم خلال هذه الولاية الحكومية والبرلمانية، وذلك بالتوجه رأسا نحو التركيز على قضايا المواطنين، وقال طارق "عمليا الخطاب الملكي يدعو إلى الانتقال من ولاية تشريعية تأسيسية، إلى ولاية للسياسات العمومية"، لكونه جعل الموضوع المركزي لخطابه أمام البرلمان اليوم هو الحديث عن أعطاب الإدارة التي تخلفت عن وظيفتها الأساسية، المتمثلة في خدمة المرتفقين
ولفت المتحدث إلى أن الخطاب قدم تشخيصا قاسيا حول أعطاب الادارة ولعلاقتها بالمواطن، وبالمقابل اقترح مسالك حلول لتجاوز حالة من انعدام الثقة بين المواطن والإدارة
وأوضح أستاذ القانون الدستوري، أنه إذا كانت “الولاية السابقة اهتمت بقضايا المؤسسات وباستكمال ورش كتابة النصف الثاني من الدستور، فإن هذه الولاية عليها أن تهتم، بالنسبة للملك، بقضايا المواطنين". لاسيما بعدما ثبت بالملموس انهيار الثقة بين الإدارة والمواطن، ما دفع هذا الأخير إلى اللجوء للملك لحل مشاكله البسيطة، كما أشار إلى ذلك الخطاب الملكي.