الجزائرـ عمّــــار قــــردود
يعتقد خبراء ومتابعو الشأن الأمني في الجزائر أن إعلان مصالح الأمن الجزائرية القضاء على أمير سرية "الغرباء" من تنظيم "داعش" المتطرف "نور الدين لعويرة" المكنى بــ "أبو الهمام" في شهر مارس/آذار الماضي، رفقة أحد معاونيه في أعالي جبل الوحش في ولاية قسنطينة شرق الجزائر لا يعني نهاية نشاط هذه الجماعة المتطرفة الخطيرة و إن كان ضربة موجعة و قاصمة لظهرها، و يستدلون بذلك على نجاح هذه السرية المسلحة في تجنيد واستقطاب أعداد معتبرة من الشباب الجزائري، حيث تمكنت مصالح الأمن لولاية قسنطينة -شرق الجزائر-من توجيه ضربة أخرى, لكن لا يبدو أنها ستكون القاضية-لسرية "الغرباء" من خلال نجاحها في تفكيك شبكة جهوية لدعم و إسناد الجماعات المتطرفة وتدمير عشرات المخابئ و استرجاع ترسانة مهمة من مختلف الأسلحة الحربية و الأحزمة الناسفة و القنابل اليدوية و الذخيرة الحية و قناطير من المتفجرات.
وكشف مصدر أمني جزائري رفيع المستوى أن مصالح الأمن في قسنطينة, ووفقًا لمعلومات استخباراتية جزائرية و روسية دقيقة، تمكنت من توقيف عناصر من شبكات الدعم و الإسناد في قسنطينة و عدة ولايات مجاورة لها نذكر منها "أم البواقي، جيجل،سكيكدة", وأن هذه العملية النوعية التي قامت بها الفرقة المتنقلة للشرطة القضائية لأمن دائرة الخروب منذ أسبوع أسفرت عن توقيف 3 أشخاص من ولاية قسنطينة، وبعد التحقيقات الأولية مع هؤلاء الموقوفين الثلاث و بعد تمديد دائرة الاختصاص القضائي بإذن من الجهات القضائية المعنية، تنقلت مصالح الأمن إلى 3 ولايات شرقية مجاورة لولاية قسنطينة, وتم توقيف 20 شخصًا تتراوح أعمارهم ما بين 26 و 68 عامًا.
وتم اكتشاف و تدمير 3 مخابئ سرية للجماعات المتطرفة في كل من جبل الوحش و عين النحاس في قسنطينة، حيث تم العثور خلال عملية تفتيش تلك المخابئ و قبل تدميرها على 10 أسلحة رشاشة من نوع كلاشينكوف و 20 مسدس آلي و 12 بندقية صيد، كما تم العثور على 20 حزامًا ناسفًا و 50 قنبلة يدوية الصنع و 3 مناظير ميدان و ليلية، و 5 قناطير من المتفجرات المتمثلة في مادتي "البارود" و الــ"تي.أن.تي", وكمية من الذخيرة الحية و المواد الغذائية والمواد الطبية كالضمادات و الأدوية، كما تم العثور داخل تلك المخابئ على بقايا أطعمة حديثة الطبخ و هياكل عظمية يعتقد أنها للمواشي.
وتمكنت قوات الجيش الجزائري بالتنسيق مع مصالح الأمن و الدرك الجزائريين، خلال الأسبوع الماضي، من إحباط و إفشال عمليات توغل جديدة للجماعات المتطرفة في قسنطينة بناءً على معلومات استخباراتية و اعترافات خطيرة أدلى بها التطرف المقبوض عليه منذ أيام "م.زبير" المكنى بــ "أبو الهيثم"، وأمر قاضي التحقيق لدى القطب الجزائي المتخصص في قسنطينة منذ أيام بإيداع 19 شخصًا بتهمة تسيير و تنظيم جماعة متطرفة مسلحة, و دعم وإسناد جماعات متطرفة مسلحة، إضافة إلى تهمة التستر و عدم التبليغ, فيما تم تقديم المتطرفين الموقوف المدعو " التشكيلة" و الذي التحق بالعمل المتطرف عام 1994،و تم توقيفه يوم 19 أبريل/نيسان الماضي من طرف عناصر الفرقة المتنقلة للشرطة القضائية لأمن دائرة الخروب إلى وكيل الجمهورية لدى القطب الجزائي المتخصص، حيث أمر قاضي التحقيق بإيادعه السجن.
وأدت التحقيقات التي باشرتها مصالح الأمن مع المتطرف إلى توقيف 20 عنصرًا من شبكة الدعم و الإسناد التي مست 4 ولايات شرقية جزائرية, و الذين تم إلقاء القبض عليهم و التحقيق معهم قبل عرضهم على العدالة الجزائرية, وخطط متطرفو "داعش" لتفجير فندق الماريوت وجسر الاستقلال وكل الجسور المعلقة في قسنطينة عشية الانتخابات النيابية التي جرت في 4 مايو/أيار الماضي
وأوضح المصدر أن التحريات التي خضع لها المتطرف "م.زبير" المكنى بــ "أبو الهيثم", و الذي تم القبض عليه في العملية التي قام بها عناصر الفرقة المتنقلة للشرطة القضائية لمدينة الخروب، مكنت من جمع معلومات عن شبكات الدعم النائمة والعناصر التي كانت تمنح العناصر المتطرفة المؤونة والمعلومات بشأن تحرك مختلف الأجهزة الأمنية، بخاصة وأن المتطرف "أبو الهيثم" يعتبر من أقدم العناصر المتطرفة كونه التحق بالعمل الدموي عام 1994.
وسبق له وأن نشط مع عدة أمراء متطرفين، كالمتطرف "فتحي" المقضي عليه عام 2012 في أعالي جبل يعقوب في بلدية ابن باديس-الهرية- و"أبو مصعب" أول أمير لسرية "الغرباء" الذي ألقى عليه القبض في مدينة عزابة في ولاية سكيكدة-شرق الجزائر-شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2015، وخليفته "نور الدين لعويرة" المكنى بــ "أبو الهمام" المقضي عليه يوم 25 مارس/آذار المنصرم.
و كشفت اعترافات أولية أدلى بها المتطرف المدعو "م.زبير" المكنى "أبو الهيثم" والذي تم الإيقاع به حيًا من طرف مصالح أمن قسنطينة منذ نحو شهرين بعد عملية تعقب آثار مجموعة متطرفة تمكنت من التسلل إلى مدينة قسنطينة منذ أزيد من شهر، قادمة من ولاية سكيكدة، حيث شرعت قوات الجيش في ملاحقتها ومحاصرتها في أعالي جبل الوحش في قسنطينة، أسفرت عن القضاء على المتطرف الخطير و أمير "داعش" في الشرق الجزائري المدعو "لعويرة نور الدين" المكنى بـ "أبو الهمام" ومتطرف أخر يدعى "بلال . ب"، عن معلومات مهمة وخطيرة مفادها أن سرية "الغرباء" المنضوية تحت لواء تنظيم "داعش" المتطرف و التي تتخذ من جبال قسنطينة معقلًا لها، هي من قامت بتنفيذ عملية اغتيال الشرطي عمار بوكعبور في منطقة الزيادية منذ أزيد من شهرين و استولت على سلاحه الناري من نوع "بيريطا" و هو المسدس الذي تم استرجاعه بعد القضاء على أمير سرية الغرباء المتطرف"أبو الهمام"،و أن ذات المجموعة المتطرفة هي التي حاولت تفجير مقر الأمن الحضري في منطقة "باب القنطرة" في ولاية قسنطينة،شرق الجزائر،و أن مجموعة متطرفة تتكون يقودها "أبو الهمام" قد كُلفت بتنفيذ عمليات في ولاية قسنطينة بغية فك الحصار المفروض من طرف قوات الجيش الجزائري على بقايا الجماعات المتطرفة في منطقة الشرق الجزائري و بخاصة في "سكيكدة،جيجل،ميلة،خنشلة،تبسة،بسكرة،باتنة و الوادي".
وتضمنت هذه الاعترافات معلومات عن نية "داعش" تنفيذ هجمات كبيرة في قسنطينة، علمًا بأن العنصر المتطرف الذي تم اعتقاله قال إن المتطرفين رصدوا 50 نقطة في قسنطينة لزرع القنابل فيها من بينها كافة الجسور المعلقة بالمدينة
مقام الشهيد أصبح عند متطرفي تنظيم "داعش"..."هُبل الجزائر الأكبر"
وأضاف أبو الهيثم المقبوض عليه أن تنظيم "داعش" سعى إلى تكوين خلايا تنشط في عدد من مناطق الجزائر وتخطط للقيام بأعمال متطرفة في البلاد وفي هذا الصدد أشار إلى أن قادة التنظيم قد خططوا لتفجير مقام الشهيد في الجزائر العاصمة والذي يصفونه بـــــ"هُبل الجزائر الأكبر" وأنه نسخة مشابهة لبرج إيفل في العاصمة الفرنسية باريس ولهذا يستوجب هدمه لأنه مجرد صنم من الأصنام، إلى جانب تفجير متحف المجاهد.
وتطرق مصدرنا الأمني أنه و مباشرة بعد إدلاء "أبو الهيثم"بهذه الاعترافات المثيرة و التي تضمنت معلومات خطيرة سارعت مصالح الأمن إلى إبلاغ قيادة الجيش الجزائري و كل الأجهزة الأمنية لتوخي الحذر و التشديد من الإجراءات الأمنية حول المرافق و الهياكل التي ذكرها، و هو الأمر الذي سيجنب الجزائر كارثة كبيرة بخاصة و أن التنظيم المتطرف "داعش" يريد تنفيذ عمليات استعراضية من أجل إرسال رسالة إلى العالم مفادها تواجده بقوة و أنه مستعد للضرب في أي مكان في العالم، لكن يقظة الأجهزة العسكرية و الأمنية في الجزائر و براعتها في محاربة التطرف حالت دون ذلك.
البغدادي أمر بمبايعة أمير جديد لسرية "الغرباء" قبل رمضان الماضي
وقال المتطرف التائب أن تنظيم "داعش" كان ولا يزال يبحث له عن موطئ قدم في الجزائر بعد فشله الذريع في بسط نفوذه على هذا البلد الواسع والمترامي الأطراف من خلال تنظيم "جند الخلافة" المقبور، وأن زعماء هذا التنظيم يعملون من أجل أن تكون الجزائر تحت إمرة "داعش" ورغم اعترافه بأن الجزائر ما زالت عصية على مثل هذه التنظيمات المتطرفةإلا أنها لا تزال مستهدفة أكثر من أي وقت مضى،
و كشف أنه و مباشرة بعد القضاء على أمير إمارة "داعش "فيالشرق الجزائري شرع متطرفو سرية "الغرباء" و بأوامر من الزعيم الأكبر لتنظيم "داعش" في العالم "أبو بكر البغدادي" في البحث عن خليفة جديد لزعيمهم المقضي عليه "أبو الهمام" و أن عملية مبايعة و تعيين أمير جديد لسرية "الغرباء" هي قضية وقت فقط.
ترتيبات لنقل و تحويل إمارة "داعش الجزائر" من الوسط إلى الشرق
و قال إنه و بأمر كذلك من زعيم "داعش" العالمي "أبو بكر البغدادي" يعمل متطرفو تنظيم "داعش" في الجزائر على نقل و تحويل إمارته من وسط الجزائر إلى شرقها و بالتحديد إلى
ولاية من الولايات التالية:سكيكدة،جيجل،باتنة،قسنطينة أو خنشلة و ذلك هروبًا من الحصار و تضييق الخناق الذي فرضه الجيش الجزائري على "الدواعش" في وسط الجزائر،و تعمل قوات الجيش الجزائري و بأمر من القيادة العسكرية العليا على محاربة جميع فلول هذا التنظيم بغية منعه من ترتيب أموره خاصة في منطقة الشرق الجزائري.
تونسيون ضمن العناصر المتطرفةالمشكلة لسرية "الغرباء"
و أعلن "أبو الهيثم" في سياق اعترافاته المثيرة لمصالح الأمن الجزائرية أن سرية "الغرباء" تضم عددًا معتبرًا من التونسيين المشهود لهم بالشجاعة الكبيرة، ومن ضمنهم متطرف تونسي مختص في صناعة المتفجرات و متطرفة تونسية تبلغ من العمر 25 عامًا و تسمى "أم المتعة" و هي مختصة في "إمتاع و رفع المعنويات للعناصر المتطرفة".
ونشير إلى أن عدد التنظيمات المتطرفةالجزائرية التي أعلنت مبايعتها لتنظيم "داعش" هو أربعة، أولها كان"جند الخلافة بأرض الجزائر" التي تنشط ولايات من وسط الجزائر و هي:بومرداس البويرة وتيزي وزو، وهذه المجموعة هي من تبنت في أيلول/سبتمبر2014 مسؤوليتها عن اغتيال الرعية الفرنسية "إيرفي غوردال". وتم القضاء بعدها على قائدها "عبد المالك قوري" وأغلب عناصرها.
وأعلن منشقون عن تنظيم "المرابطون" في الصحراء -جنوب الجزائر عن مبايعتهم لتنظيم "داعش"، مع رفض مؤسسه المتطرف "مختار بلمختار" المكنى بـــ"بلعور" ذلك، وثالث هذه التنظيمات جماعة "جند الخلافة في جبال الرحمان" التي أعلنت بيعتها لتنظيم "داعش"، وهي تنشط في سلسلة جبال تمالوس في سكيكدة الساحلية على الحدود مع ولاية جيجل -شرق الجزائر- .
والتنظيم الرابع الذي أعلن بيعته لتنظيم "داعش" هو سرية "الغرباء"، و هو آخر من قدم البيعة، كان أثناء إعلانه دخوله تحت لواء تنظيم "داعش" غير معروف كثيرًا في الساحة، وله نشاط محدود في منطقة جبل الوحش في ولاية قسنطينة و ما جاورها، قبل أن يسطع نجمه و يشهر علمه في الآونة الأخيرة،و لكن و مع ذلك كانت عملياته محدودة نسبيًا و إن حققت "البروباغندا" المطلوبة و يعتمد أسلوب اعتداءاته على العمليات الانتحارية و تفجير مراكز الأمن و استهداف عناصر الشرطة.
ومن جهة أخرى كان وزير العدل الجزائري الطيب لوح قد صرح نهاية 2016، أن الجزائر أنشأت قاعدة بيانات ضخمة و دقيقة تضم حاليًا أكثر من 54 ألف شخص تورطوا في جرائم متطرفة وهم تحت المراقبة الأمنية الدائمة.