الدار البيضاء – رضى عبد المجيد
تعيش الأغلبية الحكومية المغربية مجددًا على إيقاع الأزمة، عقب التصريحات القوية التي أدلى بها وزير الشباب والرياضة، رشيد الطالبي العالمي، المنتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، والتي انتقد خلالها حزب العدالة والتنمية واتهمه بمحاولة تقليد النموذج التركي، "في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم".
وتعيش الحكومة على إيقاع التقلبات خلال الأشهر الماضية، فبعد انزعاج رئيس التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، والكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، من تصريحات سابقة لرئيس الحكومة والأمين العام الأسبق لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، كادت أن تحدث انشقاقا داخل الحكومة، جاء الدور على الأزمة التي اندلعت بين العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية التي يهدد بالانسحاب من الحكومة، عقب حذف منصب كتابة الدولة المكلفة بالماء.
وقال الطالبي العالمي في كلمة ألقاها السبت الماضي في افتتاح الجامعة الصيفية لشبيبة حزب التجمع الوطني للأحرار في مراكش، إن حزب العدالة والتنمية يقلد النموذج التركي، الذي انتقده أيضا، مما جر عليه غضب قيادات حزب العدالة والتنمية، كما سارع حزب التجمع الوطني للأحرار إلى سحب تصريحه الذي كان مصورا بالصوت والصورة، من الموقع الرسمي للحزب.
وأوضح وزير الشباب والرياضة أن حزب العدالة والتنمية يسعى إلى "تخريب البلد" بالتشكيك في المؤسسات والمنتخبين، وذهب أبعد من ذلك عندما انتقد النظام في تركيا، بقوله: "يحاولون تقليد حزب العدالة والتنمية التركي، الذي يعتبر أصلا نموذجًا فاشلًا، ورئيسه طيب رجب أردوغان يقود اقتصاد بلاده إلى الهاوية".
وأكّد عبد العزيز أفتاتي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية أن الوزير الطالبي العلمي عليه أن يقدم استقالته من الحكومة، وأيضا على حزبه الانسحاب منها، إذا كان حزب العدالة والتنمية خطيرًا بالدرجة التي تكلم بها العلمي، وأضاف: "أستغرب لعضو في الحكومة يهاجم رئيسها ويدعي اقتداءه بنموذج أجنبي، وفي نفس الوقت يتدخل في شؤون دولة صديقة للمغرب".
وانتقد خالد البوقرعي، البرلماني والقيادي في حزب العدالة والتنمية، تصريحات الوزير، وقال: "إذا كان ما يقوله صحيح، فهذا يعد تسترًا على هذا الحزب الخطير، وبالتالي وجب على الدولة التحرك لحل هذا الحزب الذي يتكلم عنه الطالبي العلمي ووقف مخططاته التخريبية". ورد سليمان العمراني، النائب الأول للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بقوة على كلام الطالبي العلمي من خلال تدوينة نشرها على حسابه الشخصي على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قال فيها "أتساءل لماذا أنتم باقون في حكومة يقودها حزب بالمواصفات، التي ذكرت؟ ولماذا تبقى هذه الحكومة أصلا؟ شيء ما ليس على ما يرام.."
وتساءل نائب سعد الدين العثماني عما إذا كان موقف الطالبي العلمي نابع عن قناعة شخصية أم أنه يعكس موقف حزب التجمع الوطني للأحرار، مطالبًا بمزيد من الوضوح من قبل حزب "الحمامة".
وتابع العمراني: "اطلعت كما اطلعت قيادة حزب العدالة والتنمية ومناضلوه، والرأي العام الوطني على تصريحاتك في الجامعة الشبابية لحزبك عن حزبنا دون أن تسميه، وبما أن موقفك المعبر عنه لم يكن داخليا مما كان يستوجب لو كان الأمر كذلك اللجوء لقنوات الأغلبية لمعالجة ما تنبغي معالجته، ولأنك قيادي في حزبك وكلامك له أبعاده ودلالاته خصوصا أنك عبرت عنه أمام قيادة حزبك، فليتسع صدرك لهذه الكلمات.
كلامك لم يتوقف عند حدود انتقاد بعض المواقف ضد حزبك مما يمكن أن نفهمه، بل تعداه إلى تقصُّد حزب العدالة والتنمية دون الحاجة لأي تأويل، إلى أن تقول: "معركة مشروعين مجتمعيين، مشروع ندافع عليه كمغاربة والذي عشنا فيه وكبرنا ومشروع آخر دخيل، يريدون تخريب البلاد ليضعوا أيديهم عليها".
وأكد النائب الأول للأمين العام لحزب العدالة والتنمية في رسالته، أن "هذه المواقف الخطيرة والمسيئة وغير المقبولة تنتهك بشكل سافر ميثاق الأغلبية، الذي يعتبر حزب الأحرار من بين الموقعين عليه"، مبرزًا أن العدالة والتنمية حصل على ثقة المغاربة في انتخابات 2011 و2015 و2016، وتابع: "هل هذه هي الديمقراطية؟ وهل نسيت أن حزبك لم يتجاوز بالكاد 37 مقعدا، لكنه تحكم بقدرة قادر في مفاوضات تشكيل الحكومة، التي أسندت مهمة تشكيلها للأستاذ عبد الإله بنكيران الذي نال حزبه بقيادته 125 مقعدا، وعمل على لي الذراع، وأثمرت مساعيه غير الحميدة في خلق "البلوكاج"".