واشنطن ـ رولا عيسى
تسابق الولايات المتحدة والدول الأفريقية لتمديد وقف إطلاق النار في السودان اليوم الخميس، إذ أعطى الجيش السوداني موافقة أولية على اقتراح أفريقي يدعو إلى إجراء محادثات حتى مع استمرار القتال.
وقُتل مئات الأشخاص خلال قرابة أسبوعين من الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع على السلطة، الذي يهدد بزعزعة استقرار المنطقة الأوسع.
واتهم بيان لقوات الدعم السريع الجيش بمهاجمتها اليوم الخميس ونشر «شائعات كاذبة» دون الإشارة إلى الاقتراح الذي قال الجيش إنه جاء من الهيئة الحكومية للتنمية (إيقاد)، وهي تكتل إقليمي أفريقي.
قال أحد السكان لـ«رويترز» إن أصوات إطلاق نار سمعت اليوم الخميس في منطقة الخرطوم. وأدى وقف إطلاق النار الحالي - ومدته ثلاثة أيام - إلى تهدئة القتال دون أن يتوقف تماماً، لكنه كان من المقرر أن ينتهي في منتصف الليل (22:00 بتوقيت غرينتش) وظل العديد من الأجانب محاصرين في البلاد رغم نزوح جماعي خلال الأيام القليلة الماضية.
وقال الجيش في وقت متأخر أمس الأربعاء إن قائده الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أعطى موافقته المبدئية على خطة تمديد الهدنة لمدة 72 ساعة أخرى وإرسال مبعوث عسكري إلى جوبا عاصمة جنوب السودان لإجراء محادثات. وقال الجيش إن رؤساء جنوب السودان وكينيا وجيبوتي عملوا على اقتراح يتضمن تمديد الهدنة وإجراء محادثات بين طرفي الصراع.
وجاء في بيان الجيش أن البرهان شكر الـ«إيقاد» وأبدى موافقته المبدئية. ولم يتسن لـ«رويترز» الاتصال بالمتحدث باسم «إيقاد» للتعليق.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان أمس الأربعاء إن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد ناقشا العمل معا لوضع نهاية للقتال.
وقتل ما لا يقل عن 512 شخصاً وأصيب ما يقرب من 4200 منذ اندلاع القتال في 15 أبريل (نيسان). ودفعت الأزمة أعداداً متزايدة من اللاجئين لعبور حدود السودان. وقدرت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن 270 ألف شخص ربما فروا إلى جنوب السودان وتشاد وحدهما.
وتسببت الضربات الجوية والمدفعية في تدمير المستشفيات وصعوبة توزيع الغذاء في الدولة الشاسعة، حيث كان ثلث السكان البالغ عددهم 46 مليون نسمة يعتمدون بالفعل على المساعدات الإنسانية قبل تفجر الصراع. وأفاد تحديث من الأمم المتحدة أمس الأربعاء أن ما يقدر بنحو 50 ألف طفل يعانون سوء التغذية الحاد تعطل علاجهم بسبب الصراع، وأن المستشفيات التي لا تزال تعمل تواجه نقصاً في الإمدادات الطبية والكهرباء والمياه. وذكر التحديث أن اشتباكات دامية اندلعت في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور يومي الثلاثاء والأربعاء أسفرت عن أعمال نهب وقتل مدنيين وأثارت مخاوف بشأن تصعيد التوترات العرقية.
وقالت فرنسا اليوم الخميس إنها أجْلَت المزيد من الأشخاص من السودان، مضيفة أن من تم إجلاؤهم شملوا أيضاً مواطنين من بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وإثيوبيا وهولندا وإيطاليا والسويد. وقال أجانب تم إجلاؤهم من الخرطوم إنهم شاهدوا جثثاً تناثرت في الشوارع ومباني تحترق ومناطق سكنية تحولت إلى ساحات قتال وشباب يتجولون بسكاكين كبيرة.
وتصاعد التوتر منذ أشهر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية اللذين أطاحا معاً بحكومة مدنية في انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
وتشهد مناطق في العاصمة الخرطوم، اليوم (الخميس)، قصفاً من طائرات مقاتلة ومحاولات للتصدي لها على الرغم من التوصل إلى اتفاق لوقف القتال الذي اندلع بين طرفي النزاع منذ نحو أسبوعين، في حين يحتدم القتال في إقليم دارفور المضطرب بغرب السودان. وأفاد شهود عيان، اليوم، في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بوقوع «اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع لليوم الثاني على التوالي بمختلف أنواع الأسلحة». وفرّ مواطنو الجنينة باتجاه الحدود السودانية التشادية لتجنب العنف، على ما أضاف الشهود.
إلى ذلك، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، اليوم، بسط سيطرتها على معظم الولايات، إلا أنها لفتت إلى أن الوضع معقد قليلاً في بعض أجزاء العاصمة بسبب حشد المتمردين معظم قوتهم المندحرة بها. وقال مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، في منشور أورده عبر حسابه بموقع «فيسبوك» اليوم: «ما زال العدو يستخدم أسلوب القصف العشوائي لمناطق بوسط الخرطوم، ما يتسبب في تدمير لبعض البنايات والمرافق». وأضاف: «يوجد العدو بمناطق متفرقة من العاصمة لكن دون فاعلية تذكر من وجهة نظر العمليات إلا للأغراض الدعائية».
وأشار إلى أن «الموقف العسكري داخل وخارج الخرطوم مستقر جداً، عدا ولاية غرب دارفور التي شهدت صراعاً قبلياً تجري معالجته بواسطة السلطات المحلية، وقواتنا متماسكة وتؤدي دورها الوطني في دحر التمرد بثبات وثقة في الاتجاهات كافة».
وقال إن «المؤامرة قديمة وكبيرة جداً، وما المواقف السياسية التي تتظاهر الميليشيا بتبنيها حالياً إلا وسيلة للوصول للحكم لتباشر بعدها تنفيذ أجندة لا علاقة لها بمصلحة الشعب والبلاد». وأكد أن «الأيام المقبلة ستشهد انفراجاً كبيراً في الأوضاع على الأرض».
وكانت أفادت صحيفة سودان تربيون, أمس الأربعاء, أن 90 قتيلا على الأقل سقطوا في اشتباكات قبلية بولاية غرب دارفور منذ الاثنين الماضي.
وقالت الصحيفة إن قتالا عنيفا اندلع يوم الاثنين بين الجيش وقوات الدعم السريع تحول إلى نزاع بين قبيلة المساليت الأفريقية والقبائل العربية استخدمت فيه الأسلحة ثقيلة. وقال مسعف طبي في مستشفى الجنينة للصحيفة إن الحصيلة الأولية لضحايا العنف القبلي خلال الأيام الماضية تجاوزت 90 قتيلا من المدنيين ومئات الجرحى. وأضاف أن أعدادا كبيرة من الجثامين ملقاة على الطرقات ولم يتم نقلها بسبب صعوبة الأوضاع الأمنية وانتشار المسلحين القبليين في أجزاء واسعة من مدينة الجنينة.
وقال مسؤول رفيع في حكومة غرب دارفور للصحيفة إن مسلحي القبائل العربية "نهبوا كل المؤسسات الحكومية ومقار المنظمات الأممية وسوق الجنينة الرئيسي ورئاسة قوات الشرطة وعددا كبيرا من منازل المواطنين". وأشار المسؤول إلى فرار أعداد كبيرة من المواطنين نحو الأراضي التشادية برغم إغلاق الحكومة هناك للحدود.
وفي وقت سابق، عبر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، فولكر بيرتس، عن "قلقه العميق" إزاء التقارير عن وقوع أعمال عنف في الجنينة بغرب دارفور، وقال إنه "يبدو أنها تتخذ أبعادا قبلية بين المجتمعات المحلية في ظل شن هجمات على المدنيين وأعمال نهب وتوزيع الأسلحة بين المجتمعات المحلية". وأضاف بيرتس أن الأحداث في الجنينة أسفرت عن عمليات نهب واسعة النطاق، بما في ذلك لمباني الأمم المتحدة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
السودان يتطلع لعضوية "اتفاقية أكادير" لتعزيز التبادل التجاري مع المغرب
الخارجية السعودية تُعلن إجلاء 1687 شخصاً من السودان من 58 جنسية