الرئيسية » أخبار محلية وعربية وعالمية
الملك محمد السادس

الرباط : جميلة عمر

وجه الملك محمد السادس رسالة إلى المشاركين في المنتدى الوزاري العربي الثاني للإسكان والتنمية الحضرية، الذي افتتحت أشغاله، الخميس، في الرباط، وهي الرسالة التي دعا من خلالها جلالته الوزراء العرب المشاركين في المنتدى الوزاري العربي الثاني للإسكان والتنمية الحضرية، إلى "التفكير في اعتماد آليات جديدة ومبتكرة، لصياغة منظومة حضرية جديدة، تتوخى تمكين مواطنينا من مقومات العيش الجيد، بما يعنيه من سكن لائق يحفظ الكرامة الإنسانية، وبيئة نظيفة تنسجم وضرورات النمو الاقتصادي، وتخطيط عمراني ذكي يكون الإنسان منطلقه وغايته".

وأوضح الملك في رسالة تلاها المستشار الملكي عبد اللطيف المنوني، في الجلسة الافتتاحية للمنتدى الوزاري العربي الثاني للإسكان والتنمية الحضرية، صباح اليوم الخميس بالرباط، أن الأمر يتطلب القيام بالإصلاحات المؤسساتية الضرورية، تمنح بموجبها صلاحيات للجهات والهيآت اللامركزية، وللمبادرات المواطنة، لتقوية مساهمتها في جعل السياسات العمومية أكثر تلبية لحاجيات وتطلعات المواطنين.

وخلال كلمته التي تلاها عبد اللطيف المنوني، قال الملك " أن المنتدى يعتبر منبرا لطرح رؤى عربية جديدة، لتدبير قضايا الإسكان والتنمية الحضرية المستدامة، وتبادل التجارب الناجحة، والممارسات المجدية في هذا المجال، وكذا لتفعيل العمل التشاركي لتحقيق تنمية متوازنة ومستدامة، وتحسين ظروف الحياة للشعوب العربية".

وأضاف أن اختيار موضوع "تنفيذ الخطة الحضرية الجديدة في المنطقة العربية"، يؤكد الالتزام الجماعي بتفعيل الأجندة الحضرية، التي تبناها المجتمع الدولي في المؤتمر الثالث، الذي احتضنته الإكوادور، خلال شهر أكتوبر/تشرين أول الماضي، وبتعزيز أجندة 2030، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخاصة الهدف الحادي عشر المتمثل في بناء مدن شاملة للجميع، صحية وذكية وآمنة ومتأقلمة، قادرة على الصمود المستدام ومواجهة الكوارث.

وتابع الملك أنه يتطلع أن يكون المنتدى فرصة سانحة للمنطقة العربية للتداول حول سبل المضي قدما نحو تعزيز التحضر، كعامل أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، ورفع التحديات الحالية والمستقبلية من أجل تفعيل الاستراتيجية العربية للإسكان، والتوصل للحلول الناجعة للإشكاليات التي تعاني منها الحواضر، مشير إلى أن ذلك يتطلب اتخاذ الإجراءات اللازمة لتهيئة المدن من أجل المستقبل، وتوفير السكن الملائم، ومستويات معيشة أفضل للجميع في البلدان العربية، مع مراعاة الأبعاد الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، وتدبير الأزمات

وأبرز الملك في الرسالة، إلى أن 54 في المائة  من سكان العالم يقطنون في مناطق حضرية، ومن المتوقع أن تستمر هذه الوتيرة في الارتفاع، حيث أنه بحلول عام 2045 سيزداد عدد السكان الذين يعيشون في المدن بـ 1.5 مرة، ليصل إلى 6 مليارات نسمة، لافتا الانتباه إلى أن التوسع الحضري سيشكل أحد أهم التحولات الاقتصادية والاجتماعية، التي ستواجهها المنطقة العربية خلال العقود المقبلة، وسيساهم لا محالة في تحقيق النمو المستدام، إذا ما أُحسنت إدارته بزيادة الإنتاجية، والتحلي بروح الابتكار، واعتماد الأفكار والتجارب الرائدة.

وأشار إلى أن توسع المجال الحضري، الذي يتم دون تخطيط، يحمل في ثناياه تحديات ورهانات عديدة، وتنتج عنه خسائر فادحة على مستوى الأداء الحضري، من خلال تعميق مشاكل التنقل، وكلفة التجهيز، والزحف على المناطق القروية، وزيادة الطلب على المرافق العمومية، واستنزاف الموارد الطبيعية، وتدهور البيئة، مضيف أن من أبرز مظاهر التوسع الحضري، تزايد عدد سكان المدن، وما يواكبه من اتساع للمساحة التنظيمية للمدن، نتيجة للامتداد الأفقي والعمودي للعمران، الذي يتطلبه توفير احتياجات السكان الأساسية، من مساكن وطرق، وخدمات بمختلف أشكالها.

وأكد الجالس على العرش، أن  الامتداد الأفقي للمدن غالباً ما ينتج عنه استهلاك للاحتياطات العقارية على حساب الأراضي الزراعية الخصبة وذات المردودية الإنتاجية العالية، التي تتحول إلى بنايات إسمنتية، تزداد توسعاً يوماً بعد يوم، علاوة على ارتفاع كلفة التدبير الحضري، وضعف نجاعة الخدمات العمومية، مشددا أن هذه التحولات على مستوى الحياة الحضرية، ستساهم في ظهور فوارق اجتماعية ومجالية داخل المدن عامة، وفي الحواضر الكبرى خاصة، مما يساعد على بروز فضاءات هامشية تشكو من ندرة المرافق الضرورية، وضعف البنيات التحتية، وعدم تأمين الخدمات الحضرية الأساسية، مما يهدد التماسك الاجتماعي والاندماج الحضري.

وقال الملك، إنه يعي أن هذا الوضع ينطوي عليه مخاطر، لذلك دائما يوجه الجهات المختصة، إلى الاهتمام بالمدينة في شمولية نموها، وإلى ضرورة التعامل بكامل الجدية مع القضايا الأساسية التي تطرحها على مستوى التنظيم الترابي في مفهومه الشامل، وليس انطلاقا من مقاربة ضيقة تعنى بالسكن فقط.

وأشار إلى أن المدن المغربية تعرف  كباقي الحواضر عبر العالم، نموا مطردا، وازديادا كبيرا في عدد السكان، وتحولا من القرى إلى المدن بنسبة تقارب 65 في المائة، لذلك  فالمغرب يلتزم بجميع المعاهدات الدولية، وبالأجندة الحضرية الجديدة، وبكل الآليات التي تعنى بقضايا التنمية والتهيئة الحضرية عبر العالم، ويعمل جاهداً على تفعيلها من خلال إدراجها في استراتيجياته التنموية الوطنية.

وذكر الملك، أنه في سنة 2004، أعطى انطلاقة البرنامج الوطني “مدن بدون صفيح”، الرامي إلى القضاء على أحياء السكن غير اللائق بجميع أشكاله على مستوى 85 مدينة. ويرتكز هذا المشروع الوطني الطموح على جعل مسألة الإسكان محورا للتدخل، من أجل ضمان التماسك الاجتماعي، وتعزيز الدينامية الاقتصادية وقد مكن هذا البرنامج إلى اليوم من الإعلان عن 58 مدينة بدون صفيح، مشير إلى أن دستور 2011 للمملكة المغربية ينص على الحق في السكن، الذي يرتبط أيضا بالحق في الماء والبيئة السليمة، والرعاية الصحية، والحماية الاجتماعية.

وتمكن المغرب من تحقيق العديد من المنجزات في هذا المجال، بفضل الارادة السياسية واعتماد مقاربة تقوم على ترصيد منظومة الحقوق وتعزيز الإدماج الحضري، وأبرز أن الحواضر العربية تتقاسم نفس التحديات، وتتطلب تطوير آليات فعالة للتعاون، كأداة حقيقية وعملية للتضامن العربي، تقوم على تبادل الخبرات، والممارسات المجدية، وتعزيز القدرات.

ودعا الملك إلى بلورة رؤية جماعية مشتركة، حول منظومة متكاملة لإعداد التراب، تقوم على الاستشراف، وتروم ترشيد استغلال المجال والموارد المتاحة، وتساهم في إعادة التوازن للشبكة الحضرية، وتقوية قدراتها على التكيف والتأقلم مع مختلف التحولات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية، مع العمل على تقليص الفجوة بين المجالات الحضرية والأحياء الهامشية والمناطق القروية، مع  إرساء أسس تعمير يقوم على مراعاة الهويات، والخصوصيات المحلية، ويسعى إلى بلورة مقاربات متجددة لإنتاج فضاءات متناسقة، أكثر إنتاجية واندماجية واستدامة، قادرة على مواجهة مختلف التحديات والرهانات.

كما دعا إلى التفكير في اعتماد آليات جديدة ومبتكرة، لصياغة منظومة حضرية جديدة، تتوخى تمكين مواطنينا من مقومات العيش الجيد، بما يعنيه من سكن لائق يحفظ الكرامة الإنسانية، وبيئة نظيفة تنسجم وضرورات النمو الاقتصادي، وتخطيط عمراني ذكي يكون الإنسان منطلقه وغايته، مشير إلى أن الأمر يتطلب القيام بالإصلاحات المؤسساتية الضرورية، تمنح بموجبها صلاحيات للجهات والهيآت اللامركزية، وللمبادرات المواطنة، لتقوية مساهمتها في جعل السياسات العمومية أكثر تلبية لحاجيات وتطلعات المواطنين.

وشدد الملك على ضرورة الحرص على أن تتميز السياسات العمومية بقدر كبير من الالتقائية، والتكامل، والانسجام، لتفادي تشتت مجهودات الدولة، مؤكد على أن استدامة حواضرنا تستلزم تجنيد الطاقات والخبرات لمواجهة التغيرات المناخية، ولتحسين تدبير المخاطر المتعلقة بالكوارث الطبيعية، فضلا عن الإشكالات المرتبطة بالتخطيط المستدام وبنظام الحكامة الحضرية.

ودعا إلى تكثيف الجهود من أجل توطيد التعاون، وتبادل الخبرات، والتجارب بين بلداننا العربية؛ فهي وإن كانت لكل منها خصوصياتها الثقافية المحلية، إلا أنها تتقاسم نفس الاهتمامات والتحديات، وتنهل من نفس المعين الحضاري والتاريخي، وتستشرف نفس المستقبل.

وأكد في ختام الرسالة أن تنمية مدننا لا يمكن أن تتم بدون إعطاء الأهمية لساكنتها، وبدون جعلها فضاء للإدماج والمشاركة المواطنة. كما نطمح إلى مدن خضراء، مدن تخلق في الإنسان روح الإبداع والتحضر، وروح التسامح والتعاون.

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

القوات الأميركية تنفذ غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية في…
ترمب يعلن تشكيل إدارته الجديدة ويختار ماسك للكفاءة الحكومية…
غارات إسرائيلية على ضاحية بيروت تتسبب في مقتل عشرات…
ترامب يرشح روبيو لوزارة الخارجية ومايكل والتز مستشاراً للأمن…
دعوات في طهران للتفاوض مع ترامب للتغيير في العلاقات…

اخر الاخبار

أخنوش يعرض تجربة المغرب في التكيف مع التغيرات المناخية…
الحكومة المغربية تؤكد التعامل الإيجابي مع الرقابة البرلمانية وقبول…
عزيز أخنوش يحل بمجلس المستشارين المغربي في جلسة حول…
مجلس النواب المغربي يعقد جلسات عمومية للتصويت على مشروع…

فن وموسيقى

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…
هيفاء وهبي تعود إلى دراما رمضان بعد غياب 6 سنوات وتنتظر…
المغربية بسمة بوسيل تُشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة التي تستعد…
كاظم الساهر يتألق في مهرجان الغناء بالفصحى ويقدم ليلة…

أخبار النجوم

محمود حميدة يكشف تفاصيل شخصية "ياسين" في مسلسل موعد…
إسعاد يونس تُعرب عن سعادتها البالغة بعودتها للمسرح
هاني سلامة وياسمين رئيس يجتمعان مجدداً بعد غياب 12…
محمد هنيدي يُعلن دخوله منافسات دراما رمضان 2025 بمسلسل…

رياضة

الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم
إصابة في الرباط الصليبي تبعد إلياس أخوماش عن الملاعب…
المغربي ياسين بونو بين كبار اللعبة بمتحف أساطير كرة…
وليد الركراكي يخطط لثورة في تشكيلة المنتخب المغربي قبيل…

صحة وتغذية

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…
هل تختلف ساعات نوم الأطفال عند تغيير التوقيت بين…
أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات…
حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

الأخبار الأكثر قراءة

فقدان الاتصال مع هاشم صفي الدين الزعيم المحتمل لـ"حزب…
اليونيفيل تُبقي قواتها بمواقعها في جنوب لبنان رغم طلب…
تجدد الغارات على الضاحية وحزب الله يستهدف قاعدة جوية…
مجلس الأمن الدولي يدعم غوتيريش بعد أعلان وزير الخارجية…
ضربة إسرائيلية تقطع معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا…