الرباط - كمال العلمي
بات واضحاً توجه المغرب نحو البلدان الإفريقية خلال السنوات الأخيرة، وعزّز هذا التوجّه في أكثر من مناسبة بعدة خطوات أهمها تقديمه في فبراير سنة 2017 طلباً رسمياً للانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، إلى جانب عقد شراكات وتوقيع بروتوكولات في قطاعات حيوية عدّة، كان آخرها توقيعه، شتنبر الماضي، مذكرة تفاهم بشأن أنبوب الغاز النيجيري المغربي.
في هذا السياق، قال الملك محمد السادس، الأحد في خطابه بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء، إن “مذكرة التفاهم الموقعة مؤخرا، بالرباط، مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وفي نواكشوط مع موريتانيا والسنغال، تشكل لبنة أساسية في مسار إنجاز المشروع”، مبرزاً أن “هذا التوقيع يعكس التزام البلدان المعنية بالمساهمة في إنجاز هذا المشروع الإستراتيجي، وإرادتها السياسية لإنجاحه”.
وأضاف الملك: “واعتبارا لما نوليه من أهمية خاصة للشراكة مع دول غرب القارة فإننا نعتبر أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب أكثر من مشروع ثنائي، بين بلدين شقيقين، وإنما نريده مشروعا إستراتيجيا، لفائدة منطقة غرب إفريقيا كلها، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 440 مليون نسمة”.خالد شيات، الخبير في الشأن الدولي، قال إن هذا المشروع “ينهل من الأبعاد التي تقوم عليها السياسة المغربية في إفريقيا، أي الشراكة بمبدأ رابح رابح، التي ترتكز على بنية تحتية واسعة من الدول التي تستفيد من هذا المشروع، باعتباره مشروعاً مندمجاً على المستوى الإقليمي، لاسيما دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وموريتانيا والمغرب”.
ويشمل المشروع كذلك، وفق شيات، “رؤيا تقوم على الجوانب التمويلية والتقنية والإستراتيجية المحلية، بحيث تهدف إلى التنمية المندمجة لدول غرب إفريقيا”، مذكّراً بقول الملك محمد السادس في خطابه الأخير: “إنه مشروع من أجل السلام، والاندماج الاقتصادي الإفريقي، والتنمية المشتركة، مشروع من أجل الحاضر والأجيال القادمة”.وبالنسبة لأستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة فإنه “من البديهي أن الاندماج والتكامل والتعاون والشراكات على المستوى الاقتصادي أمور تؤدي إلى نوع من السلم والسلام بين هذه الدول وتجاوز المشاكل السياسية”.
الانفتاح على أوروبا
يرى الخبير في العلاقات الدولية أن هذا المشروع “يستهدف أيضا مستوى متعددا من الغايات، وهي غايات اقتصادية تنموية في الأساس، واجتماعية وإنسانية ثم سياسية”، وزاد: “كما أن لديه هدفاً إستراتيجياً، بحيث سيمكّن من تعزيز العلاقات بين هذه الدول التي من بنيها الدول المشكّلة لـ’سيدياو’ مع قارة أوروبا، لاسيما على المستوى الطاقي الذي تجد فيه أوروبا نفسها مرهونة بروسيا”.
وأشار المتحدّث ذاته إلى أن “المصادر الغنية بالطاقات المتجددة أو الأحفورية يمكن أن تكون مفيدة للدول الأوروبية، كما أن هذا الرّبط مع أوروبا -الذي يلعب فيه المغرب دوراً أساسياً- هو مصلحي بالنسبة للقارة الأوروبية، بحيث ستجد منفذاً من منافذ توسيع وتنويع مصادر الطاقة التي تتزوّد بها بعيدا عن روسيا”.واستند شيات في هذا الطرح إلى اعتبار الملك محمد السادس، خلال الخطاب ذاته، أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب “مشروعا مهيكلا، يربط بين إفريقيا وأوروبا”.وخلص الخبير في الشأن الدولي إلى أن “هذا البعد التنموي الذي يرتكز عليه هذا المشروع هو ما يميّزه عن الطرح الجزائري المنافس، الذي يسعى حصراً إلى ضخ الغاز النيجيري في الجزائر ثم تصديره مباشرة إلى أوروبا دون أي تبعات اقتصادية”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
المغرب يواصل التنمية بالصحراء وتوطيد العلاقات في القارة السمراء
الاندلوسي يؤكد أن خطاب المسيرة الخضراء يكرس شرعية الإنجاز التنموي بالصحراء