الرباط - المغرب اليوم
صادق مجلس الحكومة المغربية، أمس الإثنين، على مشروع مرسوم يتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية، أي الاقتراض من الخارج.وأثناء عرضه أمام مجلس للحكومة، لم يكتف وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، بالتطرق الى دواعي اللجوء إلى رفع سقف التمويل الخارجي، بل تطرق ايضا الى إجراءات مصاحبة اخرى تتعلق بتوجيه الإنفاق العمومي نحو الأولويات على المستوى الصحي والاجتماعي، والإجراءات التي ينبغي اتخادها لضمان التدبير الأمثل للنفقات العمومية، عبر تحديد الأولويات، والوفاء بالالتزامات على مستوى النفقات المستقبلية بالنسبة للدولة والمؤسسات العمومية، والتخفيف من التداعيات الاجتماعية للأزمة الناجمة عن تفشي جائحة كورونا.
وإذا عرفنا أن الحكومة سحبت النص الأول لمشروع المرسوم الذي كان يتضمن الحد من النفقات من جهة، والرفع من سقف التمويلات الخارجية من جهة ثانية، وغيرته بمرسوم ثاني اكتفت فيه بالرفع من الاقتراض، فهذا يعني ان وزير المالية لم يغير ورقته التقديمية، وبالتالي تقدم بورقة تقديمية تسير في اتجاه مختلف عما يتضمنه المرسوم المصادق عليه.
وإذا كنا نتفهم هذا الارتباك الكبير الذي وقعت فيه الحكومة، بحكم ما تمر به البلاد من ظرفية خاصة، فإنه لا يمكننا إلا أن نتساءل عن سر الالتجاء الى مرسوم بمثابة قانون عوض اعتماد قانون مالية تعديلي، لما لهذه المسطرة من قيمة ديمقراطية ومسطرية تتيح إشراك جميع مؤسسات الدولة في تدبير الجانب الميزانياتي لهذه الظرفية الصعبة التي تمر منها البلاد.
كما من شأن اتخاذ هذا القانون التعديلي أن يقوي من اللحمة الوطنية اتجاه جوانب مهمة من المعيش اليومي للمغاربة من قبيل الشغل، ودعم الفئات الهشة، وتقوية النسيج الاقتصادي، بالاضافة الى توجيه العناية بقطاعي الصحة والأمن. ويمكن المرور عبر مختلف مؤسسات الدولة أيضا، من نقاش شامل يضفي الشرعية والشفافية على القرارات المتخذة والجوانب المحيطة بها.
وجدير بالذكر أن الجوانب الإجرائية السلسة التي جاء بها القانون التنظيمي لقانون المالية لسنة 2015، يسهل عملية الالتجاء إلى هذه الآلية حين حدد المدة القصوى للتصويت على قانون تعديلي من طرف البرلمان (بمجلسيه) في 15 يوما.
إن مدير الميزانية فوزي لقجع الذي يبدو انه مارس قدراته التقنية على وزير المالية بنشعبون الذي أعطاها بدوره طابعا سياسيا، جعل الوزارة تبدو خائفة من التعديل، ومفضلة مسطرة المرسوم، مستغلة بذلك العطلة البينية لمجلس النواب.
وهنا لايسعنا إلا أن نؤكد على خطورة مثل هذه القرارات، التي تسير في اتجاه تحقير المؤسسات من جهة، والانصياع أمام مزاجية المسؤول الإداري لميزانية المغرب.
إن ما يعيشه المغرب اليوم من أوضاع صحية عابرة لا محالة لا يجب أن ينسينا بأن القرارات المصيرية هي من اختصاص مؤسسات الدولة، وليس مجموعة من الاشخاص او المديرين بوزارة المالية. كما ان الوقت قد حان لتوقيف مثل هؤلاء عند حدودهم، وإرجاعهم لحجمهم الطبيعي.
وقد لاحظ الرأي العام المهتم الارتباك الكبير الذي وقعت فيه الحكومة حين تراجعت في آخر لحظة عن وقف النفقات التي قررتها في مشروع قانون المالية لسنة 2020. كما كان ينص على ذلك مشروع المرسوم في صيغته الأولى.
وكان المرسوم في صيغته الأولى قد أثار سخط العديد من الفعاليات الوطنية بما فيها المقاولات بمختلف أشكالها، لما له من تداعيات سلبية على النشاط الاقتصادي في البلاد، المتسم أصلا بالانكماش في هذه المرحلة، بحكم التأثيرات الكبيرة لجائحة الكورونا، وما نتج عنها من سلبياتة اقتصادية خطيرة.إن من بين التدابير والقرارات الواجب اتخاذها عاجلا في هذه الظروف الصعبة التي تمر منها بلادنا، إعادة النظر في بعض المناصب الحساسة كمنصب مدير ميزانية المغرب التي وقع السطو عليها في ظروف خاصة من طرف أشخاص لا يؤهلهم تكوينهم لاحتلالها. لأن تدبير جائحة كورونا ليست بين يدي إدارتي الصحة والأمن فقط، بل كذلك بيد خبراء اقتصاديين في مستوى المرحلة. وما أكثرهم في مغربنا.
قد يهمك أيضَا :
بنشعبون يدعو إلى تسهيل إبرام الصفقات العمومية
بنشعبون يدعو إلى تسهيل إبرام الصفقات العمومية والطلبيات في المغرب