الدار البيضاء - جميلة عمر
أكد مستشار الملك محمد السادس، أندري أزولاي، خلال حفل عشاء نظم بمناسبة الدورة الثالثة للمنتدى الأورومتوسطي للشباب الرائد " 20 – 22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري"، في مدينة الصويرة، أن العالم الذي نريده لأطفالنا لن يكون له معنى في الواقع إلا إذا ظل وفيًا لتاريخه، وهويته وتنوعه.
وأضاف أزولاي، أن هذا العالم الجديد، الذي يوجد في طور التأسيس، في حاجة أن يكون أولًا، "مغذيًا ومحددًا ومبنيًا وصامدًا بالطبع أمام كل هذه الثورات التي نعرفها، وكل هذه التكنولوجيات والعلوم"، مشددًا على أنه للقيام بذلك، يجب أن تسود في هذا العالم الثقافة التي هي "ليس فقط تلك العاطفة والجمالية، بل تلك، التي علينا جميعًا أن ندعو بشكل جماعي إليها، وهي ذلك الفكر والتنوع".
وأشار أزولاي، إلى أن هذا المنتدى، "تميز بلحظات مهمة مكنت من مواجهة الذين يشككون، والمتشبثين بثقافة الإنكار، ولعنة الحداثة، والذين يحرموننا من الحرية ويريدون وضعنا في زمن وفي فضاء ووقت المواجهة والانقسام"، قائلًا إن هذا اللقاء منح الفرصة لمعاينة هذا الحوض المتوسطي المتسم بالمسؤولية والأهلية والحرية والشباب الذي يلتئم بالمغرب، "هذا الفضاء الذي يستضيفنا ويغدينا بهذه الثقة، التي توجد في قلب محرك بلدنا في قيمه وحكامته وواقعه الحالي وفي تصوره للغد".
ولفت أولاي، إلى أن "ما يغدينا، هي تلك المقاومة للإنكار والانقسام، وأن هذا الأمل في هذا الجيل الذي تجسدونه، أنتم الشباب"، داعيًا إلى "المحافظة على ما يعتز به كل واحد منا، هويته وأصوله وعالمه وتنوعه وقدرته على عدم التفريط في شيء من هويته، مع ارتباطه الوثيق بثقافة الحداثة".
وأضاف أزولاي أن هذا الملتقى أتاح الفرصة لقضاء أوقات متميزة، التي كانت أرضية للحوار المسؤول والرزين بدون أي توثر أو تعصب، مبرزًا أنه من الضروري بالنسبة للشباب التحلي بالمسؤولية ونشر رسالة الانفتاح والتسامح والتعايش، متابعًا "إذا أردنا قراءة تاريخنا بكل فصوله، علينا مقاومة ورفض كل من يريد إعادة كتابة التاريخ استنادًا إلى تقلبات اللحظة والمشاكل التي ليست لنا، نريد تاريخنا الكامل ولن نقبل قط تسليط الضوء على أحد فصوله أو تكون أكثر قراءة من الأخرى"، موضحًا أن "مدينة الصويرة بنيت، فعلًا على هذا المحرك الذي هو تاريخها وهويتها والثقافة التي مكنت من قول ما لم تستطع السياسة دومًا البوح به".
من جهة أخرى، أكد سفير فرنسا لدى المغرب، جون فرانسوا جيرو، أن انعقاد هذا المنتدى بالصويرة لم يكن اعتباطيًا، بالنظر الى أن مدينة الرياح مدينة رمزية بامتياز، ومكان فريد تلتقي فيه التأثيرات الكبيرة بالمنطقة، من بينها التأثيرات العربية والأمازيغية واليهودية والأوروبية والأفريقية.
وبيَّن جيرو أن الصويرة أصبحت رمزًا للتنوع والتسامح، مبرزًا ضرورة إرساء الحوار والعمل على تطوير التبادل على المستوى البحر الأبيض المتوسط حتى يكون حاملًا للنمو ولفرص الشغل،
أما رئيسة مؤسسة "أنا ليندا" للحوار بين الثقافات، إليزابيت كيغو، فأعربت من جانبها، عن إعجابها برؤية هذا الشباب يبرز رغبته الملحة في التعلم والإنصات والفهم و بالأخص تبادل ونشر القيم الإيجابية التي هي ضد رفض الآخر.
وأشارت كيغو، إلى أنه لا وجود لصراع الحضارات، وأن هناك صراع الجهل، داعية الشباب إلى عدم البحث عن التماثل بالنظر إلى أن تنوع اللغات والثقافات والتقاليد يشكل ملكًا ثمينًا، وأن القيم الإنسانية والاحترام المتبادل والكرامة تعتبر ثوابت يجب المحافظة عليها.
ومن جانبه، نوه عامل إقليم الصويرة، جمال مختار، بالاختيار الأمثل لمدينة الرياح لعقد هذا الملتقى، الذي يروم في بعده النبيل والفاضل، الاندماج الأورومتوسطي، مضيفًا أن حوض البحر الأبيض المتوسط يتوفر على إمكانات ومؤهلات كبيرة كفيلة بأن تجعل المستقبل يرتكز على أسس هذا الاندماج الذي يريده الجميع.