الدار البيضاء - رضى عبد المجيد
أطلق الملك محمد السادس، في شهر نوفمبر من عام 2015، وتزامنًا مع احتفالات المغاربة بالذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، مجموعة من المشاريع التنموية في الأقاليم الجنوبية للمملكة، بعضها خرج إلى الوجود وبعضها الآخر ما يزال في طور الإنجاز، ستجعل من الأقاليم الجنوبية مركزًا رئيسيًا على المستوى الإقليمي، حيث ستشمل المشاريع الزراعة والصيد البحري والبيئة والتأهيل البشري والفوسفات والشبكات الطرقية، في إطار الربط المجالي للمناطق الصحراوية.
وتعقد وزارة الداخلية اجتماعات بشكل منتظم لاستعراض حصيلة إنجاز مشاريع النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، بحضور وزراء القطاعات المعنية بهذه المشاريع والعمال والولاة ومنتخبي الجهات الثلاث للأقاليم الصحراوية، بغية الوقوف على وتيرة سير الأشغال ومدى احترامها للآجال المحددة، وفي عز الأزمة مع جبهة البوليساريو، بسبب تحركاتها في المنطقة العازلة المنافية لاتفاقية وقف إطلاق النار التي وقعت تحت إشراف الأمم المتحدة عام 1991، أشهرت الدبلوماسية المغربية ورقة النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية للمملكة، وروجت على نطاق دولي لهذه المشاريع التنموية التي تهدف إلى النهوض بالأقاليم الجنوبية للمغرب.
وبلغ الغلاف المالي المقترح لإنجاز برنامج النموذج التنموي للأقاليم الصحراوية 77 مليار درهم، مع توقع مضاعفة الناتج الإجمالي المحلي وخلق 120 ألف فرصة عمل، فبالنسبة إلى قطاع الفوسفاط، فتبلغ الاستثمارات المتوقعة بشأنه ما قيمته 16,8 مليار درهم، حيث يسعى مشروع فوسبوكراع للتنمية الصناعية إلى تثمين منتج الفوسفات محليًا ودمج كل حلقات سلسلة الإنتاج ذات الصلة إلى غاية مراحل التسويق عبر الميناء المعدني والكيماوي الجديد، حيث سيمكن التثمين الأمثل لهذه الموارد من استفادة الساكنة من خلق 1270 فرصة شغل.
وتهدف المشاريع المرتبطة بالقطاع الزراعي إلى مواصلة تحسين الظروف المعيشية للسكان بتوفير 11 ألف فرصة عمل وتنويع مصادر الدخل والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية، وذلك عبر التثمين الزراعي لمنطقة الداخلة باستثمار يبلغ 1.3 مليار درهم على مساحة 5 آلاف هكتار بواسطة تحلية مياه البحر، وثانيًا من خلال تثمين المنتوجات الزراعية لمنطقة بوجدور بمبلغ يناهز 465 مليون درهم على مساحة ألف هكتار. وفي هذا الإطار، سيتم إنجاز 55 مشروعًا بغلاف مالي يناهز 1.5 مليار درهم يخص 16800 مستفيد.
وعلى مستوى مشاريع الصيد البحري، سيتم إنجاز مشاريع كبرى على مستوى جهة الداخلة وادي الذهب خلال الأعوام المقبلة بـ 8000 منصب شغل عبر مشروعين رئيسيين، يهم الأول المنتجات البحرية عبر استثمار يفوق 1.2 مليار درهم وإحداث قطب تنافسي يخص المنتجات البحرية، في حين يهم المشروع الثاني تطوير قطاع تربية الأحياء المائية في ثلاث مناطق جغرافية بغلاف مالي يناهز 3.7 مليار درهم.
وبخصوص برنامج تطوير السياحة الإيكولوجية، يهدف هذا المشروع إلى إحداث قطب سياحي بعرض مبتكر، بموازاة تطوير عرض تكميلي لمرافق للثقافة والبيئة والذي يهم إحداث 84 مشروعًا سياحيًا باستثمار يبلغ 2.1 مليار درهم، وعلى المستوى الاجتماعي، يتوخى البرنامج إحداث نقلة نوعية في مجال التأهيل البشري، ضمانًا للإنصاف في الاستفادة من الخيرات، عبر تفعيل أقطاب التميز، من خلال إنشاء المركز الاستشفائي الجامعي بالعيون باستثمار مالي يبلغ 1.2 مليار درهم، وإنشاء مشروع "تيكنوبول" فم الواد باستثمار 2 مليار درهم باعتباره قطبًا للتكوين والابتكار.
وفيما يخص البعد البيئي، فقد تم تحديد ثلاثة محاور، تتمثل في المحافظة على الثروات البحرية والموارد المائية وتنمية الطاقات المتجددة، ثم المحافظة على النظم الإيكولوجية مما سيمكن من تنمية مستدامة، مع عقلنة استغلال الموارد المائية عبر إنجاز سد فاصك بـ 800 مليون درهم، مما سيمكن من تدارك الخصاص في التزود بالماء الصالح للشرب وتعبئة الموارد المائية الموجهة إلى السقي.
وبشأن الربط المجالي للمناطق الصحراوية، سيتم إنجاز الطريق الساحلي السريع تيزنيت-العيون- الداخلة، حيث تبلغ كلفة مرحلته الأولى 8.5 مليار درهم، وإنجاز ميناء الداخلة الساحلي بكلفة 6 مليارات درهم وذلك على بعد 70 كيلومترًا شمال مدينة الداخلة، فضلًا عن رصد مبلغ 7.1 مليارات درهم لمشروع ربط مدينة الداخلة بالشبكة الوطنية للكهرباء.
ويرتكز النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، في شقه الاقتصادي على تثمين الموارد الطبيعية، واستثمارها لفائدة الساكنة المحلية لاسيما قطاعات الصيد البحري والزراعة والسياحة والصناعة التقليدية وقطاعات الفوسفات والطاقات المتجددة، وسيكون للقطاع الخاص دور أساسي في إنجاز هذه المشاريع، حيث تقدر استثماراته بنحو 42 مليار درهم، أي ما يشكل 54 في المئة من الغلاف المالي الإجمالي المرتقب لهذا البرنامج البالغ 77 مليار درهم، فيما تقدر مساهمة الدولة بـ30,7 مليار درهم ومساهمة الجهات بـ 4,7 مليار درهم، حيث سيتم إنجاز المشاريع المضمنة في هذا البرنامج ما بين أعوام 2016 و2022.
ومساهمة من الدولة في تفعيل الجهوية، تم تخصيص موارد مالية تقدر بنحو 19 مليار درهم موزعة بين الجهات الثلاث على مدى 12 عامًا المقبلة. وتتوزع هذه الموارد، بين 7 مليار درهم لجهة العيون الساقية الحمراء، و6,6 مليار درهم لجهة الداخلة وادي الذهب، و5,5 مليار درهم لجهة كلميم واد نون، حيث تم اللجوء إلى مقاربة تعاقدية بين الجهة والدولة في إطار اتفاقيات شراكة لإنجاز المشاريع ذات الصلة.
ومن بين المشاريع الكبرى المبرمجة أيضًا، مشروع فوسبوكراع وتكنوبول فم الواد، وخمس محطات للطاقات المتجددة "الهوائية والشمسية"، والطريق السريع تيزنيت-العيون-الداخلة، إضافة إلى المركز الاستشفائي الجامعي في العيون، والميناء الأطلسي في الداخلة، وتنضاف إلى هذه البرامج التنموية، مشاريع تثمين المنتجات البحرية وتطوير قطاع تربية الأحياء المائية، وتحلية مياه البحر لسقي مساحة تقدر بـ 5 آلاف هكتار، والنهوض بالثقافة الحسانية وبقطاعات التعليم والتكوين المهني والاقتصاد التضامني والحفاظ على الموارد الطبيعية وإعادة التهيئة الحضرية للمدن والمراكز.