الرباط - رشيدة الملاحي
دعت النقابة الوطنية للصيد البحري، العاملين في قطاع الصيد والمؤسسات التابعة له، إلى إضراب وطني، يوم الخميس، وشلّ القطاع احتجاجًا على المتابعة القضائية لمندوب الصيد البحري ورئيس مصلحة الصيد البحري والطبيب البيطري، الذان في حالة اعتقال على خلفية "مقتل" المواطن محسن فكري "مطحونًا" داخل شاحنة للنفايات في مدينة الحسيمة.
وكشفت النقابة الوطنية للصيد البحري، أنها ستخوص إضرابًا وطنيًا مقرونا بتنظيم وقفة احتجاجية، أمام المصالح المركزية في الرباط، للمطالبة بإطلاق سراح المتابعين وعدم تقديمهم أكباش فداء ومحاسبة من وصفتهم بـ"الجناة" الحقيقيين.
وعبّرت النقابة المذكورة عن أسفها الشديد تجاه أحداث فاجعة الحسيمة تضامنًا مع الضحية، مؤكدة على ضرورة التحقيق المعمق من أجل تحديد مصدر ووجهة المنتوج السمكي المحجوز وكشف "أخطوبوطات" التهريب وبنياتهم المستعملة للتخزين، مشيرة إلى أن هذا المجهود على أهميته لن يضمن عدم تكرار ما حدث دون تحليل موضوعي ومحايد للنموذج السوسيو-اقتصادي للقطاع الذي يكرس التوزيع غير العادل للثروة والخيرات السمكية للوطن حسب ما تبرزه الأرقام الرسمية المتاحة للعموم، مذكرة باحصائيات(البحر في أرقام لسمة2014 ) التي توضح توزيع الثروة السمكية بين قطبي الصيد في أعالي البحار والصيد التقليدي والساحلي.
وأوضحت النقابة المذكورة أن قطب الصيد في أعالي البحار ورغم أن أجازة الصيد المخولة لبواخره تسمح لها بالصيد باقي أجناس الأسماك القاعية طيلة أيام السنة وفق مخططات تهيئة المصايد، إلا أنه يختار الاشتغال فقط خلال فترة الترخيص بصيد رأسيات الأرجل (الحبار والأخطبوط...) في المنطقة الغنية جنوب بوجدور لقيمتها العالية في الأسواق العالمية، وبالتالي يحرم البحارة من الأجرة خلال فترة إغلاق صيد هذا الجنس السمكي التي تناهز 6 أشهر في السنة، على حد قول النقابة.
وأفادت الهيئة النقابية المذكورة، أن قرارات الوزارة الوصية الخاصة بتحديد الحصص قبل فتح الصيد في المنطقة المذكورة تمنح عادة لقطب الصيد في أعالي البحار أكثر من ضعف ما تمنحه لقطبي الصيد الساحلي والتقليدي مجتمعين، مضيفة حسب تعبيرها"بل أن الوزارة عملت خلال السنوات الماضية على تقليص عدد القوارب بالمنطقة الغنية عبر صرف تعويض لأرباب القوارب الذين يرغبون في التخلي النهائي والدائم عن رخص صيدهم والذين يرغبون في الانتقال إلى مصايد أخرى، مذكرة بالنتائج المرضية التي حققها برنامج إبحار في إطار مخطط "أليوتيس" عبر تحديث مراكب الصيد الساحلي والتقليدي، وتجهيزها بمعدات الإبحار والسلامة ووسائل الحفاظ على جودة المنتوج السمكي، جعلت تسمية بواخر الصيد في أعالي البحار مجرد وصف موروث.
وطالبت النقابة المذكورة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتحمل مسؤوليته، في إطار المهام الدستورية المناطة به، بإنجاز تقرير شامل حول النموذج السوسيو-اقتصادي لقطاع الصيد البحري والأنشطة المرتبطة به، من شبكة البيع والتوزيع التي تعرف احتكارا خطيرا يضيع آلاف فرص الشغل القار للعاطلين من حاملي الشهادات، وأنشطة جمع وتصدير الطحالب البحرية، والفرص المهدرة في تنمية تربية الأحياء البحرية.
ودعت الهيئة نفسها المناضلين بها وعموم موظفي القطاع إلى التعبئة والخروج في الإضراب الوطني ليوم الخميس 17تشرين الثاني/ نوفمبر، مؤكدة على ضرورة الحرص على القيام بمهام التصريح بالمنتوج و المراقبة و البحث عن المخالفات قبل يوم الإضراب و بعده من أجل حماية الثروات البحرية باعتبارها ملكا لجميع المغاربة و للأجيال اللاحقة وجب الحفاظ عليه بحس وطني و إنساني صادقين.
وطالبت نقابة الصيد البحري الوزارة الوصية ببذل مجهود إضافي في تدقيق وتوضيح المساطر المنظمة لمختلف مهام وتدخلات الموظفين، ومطالبة الدولة بتحمل مسؤوليتها في توفير الحماية القانونية والأمنية للموظفين المكلفين بإنفاذ القانون ودعمهم بالموارد البشرية واللوجيستيكية والتحفيزات المتناسبة مع المشاق والمخاطر التي يواجهونها يوميا أمام تغول ما وصفته ب"مافيا الفساد وقدرتها المتزايدة على تسخير الكادحين والغافلين لخدمة مصالحها"، حسب تعبيرها.
يذكر أن مدينة الحسيمة، عرفت مسيرات احتجاجية على خلفية مقتل بائع سمك بالجملة، محسن فكري داخل شاحنة للنفايات، بعد احتجاجه على إتلاف سلعته بعد أن ضبطت السلطات المختصة بحوزته حوالي 500 كيلوغرام من سمك بوسيف الذي يمنع صيده في المياه البحرية الواقعة في البحر الأبيض المتوسط، خلال الفترات الممتدة من 15 فبراير/شباط إلى 15 مارس/آذار ومن فاتح أكتوبر/تشرين الأول إلى 30 نوفمبر/تشرين الثاني من كل سنة، بناء على قرار وزير الفلاحة والصيد البحري رقم 1666.12 صادر في 17 أبريل/نيسان 2012.