الجزائر – ربيعة خريس
دفع تنامي نفوذ كبار رجال المال والأعمال في الجزائر, داخل الهيئات الرسمية والحكومية, بالحكومة الجزائرية برئاسة عبد المجيد تبون إلى مواصلة حملة " التطهير " التي باشرتها منذ تعيينها بعد الانتخابات النيابية التي جرت يوم 4 مايو / آيار الماضي, وأصدرت وزارة الداخلية الجزائرية, تعليمة تأمر فيها ولاة الجمهورية " المحافظين " والمنتخبين المحليين بالتصريح بممتلكاتهم.
وتدخل هذه التدابير القانونية والتنظيمية في إطار المادتين 4 و 6 من القانون 06 6 01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته الصادر بتاريخ 20 فبراير/ شباط 2006, ويلزم هذا القانون الموظف العمومي بالكشف عن ممتلكاته عملا بمضمون المرسوم الرئاسي رقم 06 415 المؤرخ في 22 نوفمبر / تشرين الثاني الصادر عام 2006, ويشرح هذا المرسوم كيفيات التصريح بالممتلكات بالنسبة للموظفين العموميين غير المنصوص عليهم في المادة 06 من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته.
وأجبرت الداخلية الجزائرية, الولاة " المحافظين " والمحافظين المنتدبين المعينين الجدد وحتى المنتهية عهدتهم بالتصريح بكل ممتلكاتهم, ويدخل هذا الإجراء في إطار الوقاية من الفساد, ويشمل أيضا أعضاء المجالس الشعبية المحلية المنتخبة تحسبا لانتهاء عهدتهم.
وتزامنت تعليمة الداخلية الجزائرية القاضية بالكشف عن ممتلكات المحافظين والمسؤلين المحليين, مع الحملة التي خاضها رئيس الحكومة الجزائرية عبد المجيد تبون ضد كبار رجال الأعمال بسبب تنامي نفوذهم في مفاصل ومؤسسات الدولة, وتحولوا إلى شخصيات نافذة في أعلى هرم السلطة الجزائرية وشكلوا حكومة " موازية " وامتد نفوذهم إلى البرلمان الجزائري والهيئات الرسمية وحتى إلى الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام, وشكل هذا الأمر مصدر قلق كبير بالنسبة للسلطة في الجزائر, بسبب التدخل في صلاحيتها واستقبال بعضهم لوزراء وممثلين عن السلك الدبلوماسي الأجنبي وسفراء البلاد.
وأظهر رئيس الحكومة الجزائرية عبد المجيد تبون, منذ أول يوم تسلم فيه مهامه كقائد للجهاز التنفيذي خلفا لعبد المالك سلال, نيته في محاربة الفساد ووضع حد لتوغل المال السياسي داخل المؤسسات الرسمية للدولة الجزائرية, حيث شدد على ضرورة الفصل بين المال والسياسية, ووضع خطوط حمراء لرجال المال والأعمال وحذرهم من تجاوزها, وحظي رئيس الحكومة الجزائرية بدعم واسع من الطبقة السياسية.
وطالبت الأمينة العامة لحزب العمال الجزائري, لويزة حنون, بضرورة التعجيل في اتخاذ "القرارات الفعلية" لتجسيد مخطط عمل الحكومة من أجل "استرجاع ثقة المواطن وإضفاء الشفافية على عمل الحكومة ". وقالت حنون, في تجمع شعبي نظمته بمناسبة الذكرى الـ 27 لتأسيس حزب العمال, إن الإجراءات التي التزم بها رئيس الحكومة الجزائرية في مخطط عمل حكومته يجب أن تترجم في أسرع وقت ممكن إلى قرارات فعلية لاسترجاع ثقة المواطن وإضفاء الشفافية على العمل الحكومي", مطالبة باتخاذ تدابير جديدة شأنها القضاء على التهرب الجبائي الذي جرمه بوضوح دستور 2016 إضافة إلى مصادرة الثروات غير الشرعية وهذا من خلال سن قانون "من أين لك هذا".
ويرى حزب العمال, إن إرادة رئيس الحكومة الجزائرية عبد المجيد تبون في الفصل بين الدولة والأعمال تصطدم بمواضيع أخرى, مستدلا بالبرلمان الجزائري, يضم من أعضائه 30 بالمئة من رجال الأعمال، منهم من أنفق آلاف المليارات في الحملة الانتخابية من أجل شراء الذمم وتحقيق انقلاب لم يسبق له مثيل, وانتهزت التشكيلة السياسية للمطالبة بتنظيم انتخابات برلمانية مسبقة, لأن الفترة السابقة قننت النهب على نطاق واسع لصالح أقلية من الأثرياء, والعهدة الحالية تجسد الربط الخطير بين المؤسسات والأعمال.