الرباط -المغرب اليوم
لا يمر يوم دون أن يدخل أهالي الموتى بمراكش مع السائقين المكلفين بنقل الجثامين في جدال وخصام حول الأثمان التي حددها القانون، لكن "لوبي مصامي الدماء"، على حد تعبير مسؤول من عمالة مراكش، يأبى إلا أن يستغل آلام أسر وعائلات المتوفين والموتى بمستشفيات مراكش أو القتلى ضحايا حوادث السير بطرقها.
وبعد ما تم تسهيل كل مراحل الحصول على الرخص والوثائق الإدارية المتعلقة بالدفن والتصريح بالوفاة واستخراج الجثث من أجل التشريح، وغيرها من الإجراءات التي تشرف عليها كل من النيابة العامة وعمالة الإقليم والمكتب الجماعي لحفظ الصحة الذي خصص لذلك شباكا وحيدا، تصطدم هذه العائلات بالتحايل والنصب من طرف شركات نقل الموتى.
نورة الطالبي، من مدينة زاكوة، التي اكتوت الثلاثاء الماضي بنار هذا اللوبي الذي يتاجر في جثامين الموتى، قالت لهسبريس وهي تغالب دموعها: "كان والدي يعاني من تصلب شريان بقلبه، ما دفعنا إلى نقله إلى مصلحة القلب والشرايين بمستشفى زاكورة، التي أحالته على المستشفى الإقليمي بورزازات الذي قام بنقله إلى المركز الجامعي محمد السادس بمراكش".
وواصلت: "أخبرتنا طبيبة بمستعجلات القلب والشرايين بالمستشفى الجامعي بأن الطبيب الذي سيعالج مثل هذه الإصابة غير موجود، واقترحت علينا نقله إلى مصحة خاصة، ونحن لا نملك إمكانيات هذا الاقتراح".
وأضافت الطالبي: "ظل أبي بقسم الإنعاش مهملا فيما آخرون يعانون من الإصابة نفسها يستفيدون من التدخل الطبي"، موردة: "صبرنا على كل ذلك، ولما توفي وانتهى أجله فوجئنا بمعاناة أخرى تتمثل في كون سائقي سيارات نقل الموتى يطالبون بما يفوق 4000 درهم".
"ولأن سيارات نقل الأموات تعتمد قانونا يسمح لكل مركبة بدورها في نقل الجثامين، فإن السائق الذي قصدناه قرر النصب علينا بمغالاته في الثمن، ورفض أن يسمح للسائق الذي يليه بأن يقوم بنقل جثة والدي إلى مدينة زاكورة"، بحسب تعبير هذه الفتاة المكلومة في والدها.
وفي السياق نفسه، أوضح عبد الكريم لبيض، فاعل جمعوي من إقليم زاكوة مقيم بمراكش، أن إقليمه "منسي ومهمش ومنكوب لأنه لا يتوفر على أبسط شروط العيش، وهذا من الأسباب التي جعلتنا نهجره، لكن معاناة سكان الجنوب الشرقي ما زالت تفرض نفسها عليها للترافع عنها".
وتابع قائلا: "لم يقدم المستشفى الجامعي أية عناية ولا مساعدة طبية للهالك، لكن الكارثة العظمى هي ما يمارسه لوبي سيارات نقل الأموات أمام المكتب الجماعي لحفظ الصحة من أساليب النصب على أهالي الموتى".
"طالبنا السائق الذي وصل دوره في نقل الموتى بتطبيق القانون والتعريفة التي صادقت عليها السلطات فرفض، وتحدانا بأداء 4500 درهم أو ترك جثة والد نورة الطالبي"، يقول لبيض الذي أشار إلى أن "إدارة المكتب الجماعي لحفظ الصحة ترفض استعمال سيارة الإسعاف لنقل جثامين الموتى، وتلزم ذوي الهالك بسيارة نقل الموتى".
ودخلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان-فرع المنارة مراكش على خط هذه القضية، مسجلة أن "عددا من المواطنات والمواطنين يعيشون المعاناة نفسها يوميا، خاصة المنحدرين من مناطق بعيدة"، مستغربة "التكلفة الباهظة المفروضة قسرا على الأسر، وأسلوب التحكم والابتزاز الذي تخضع له الأسر التي تكون تحت صدمة الموت وفقدان أحد أقربائها الذي قد يكون معيلها الوحيد".
واستهجن التنظيم الحقوقي في بلاغ له توصلت به هسبريس ما وصفه بـ"أسلوب الابتزاز والتوجيه والاحتكار، وفرض المبالغ الخيالية لنقل الأموات"، مستنكرا "رفع الدولة، وخاصة مؤسساتها الاجتماعية، ليدها عن هذه الخدمة، وعدم تقديم المساعدة أو التكفل بنقل جثامين المتوفين إلى بلداتهم ومدنهم الأصلية قصد الدفن".
وللوقوف على موقف السلطة الإقليمية والمجلس الجماعي، ربطت هسبريس الاتصال بكل من رئاسة المجلس الجماعي وعمالة مراكش، فأوضح أحمد الهرجاني، مدير ديوان عمدة مراكش، أن "الجماعة لم تجدد عقدتها مع قطاع سيارات نقل الأموات".
وقال مسؤول من عمالة مراكش طلب عدم الكشف عن هويته: "لقد عاث هذا اللوبي فسادا في الأرض، ونحن بصدد تكوين لجنة لمتابعة هذا الملف ومراقبة مدى احترام أصحاب سيارات نقل الموتى للقانون من عدمه، ومحاسبة كل من أخل بالتعريفة القانونية".
يذكر أن محسنا من إقليم زاكورة تكفل بنقل جثمان الطالبي إلى متواه الأخير بمقبرة بعاصمة الجنوب الشرقي.
قد يهمك ايضا :
السلفادور تشيد بالإصلاحات الملكية وتعتزم فتح سفارة لها في المغرب