الرئيسية » أخبار محلية وعربية وعالمية
الملك محمد السادس

الرباط - المغرب اليوم

شكّلت أحاديث الملك محمد السادس جيلًا جديدًا من الخطب، إذ تميّزت بالواقعية والموضوعية والجرأة، سواء في مجال تشخيص الواقع وانتقاد أداء المؤسسات والمرافق العمومية أو في مجال طرح وصفات الحلول الإستراتيجية.

 وخطاب العرش ليوم 29 يوليو/تموز 2019 لم يخرج عن هذه القاعدة، بل أكثر من هذا فهو خطاب له خصوصية تاريخية، إذ يُؤرخ لعشرين سنة من حكم الملك محمد السادس، وعشرين سنة من الخطب والتواصل المباشر مع شعبه أينما كان، سواء داخل الوطن أو من مغاربة العالم.

 عقدان من الزمن إذن في مجال بناء المغرب بتبني الخيار الديمقراطي والتعددية وترسيخ الممارسة الديمقراطية من خلال مؤسسات تشريعية وتنفيذية وقضائية، وكذا مؤسسات الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني والإعلام؛ وأيضا ببناء الإنسان المغربي من خلال المصالحات وتوفير مساحات الحريات وتبني الديمقراطية التشاركية، والرفع من الجودة في مجالات اجتماعية كالتعليم والسكن والتكوين والتطبيب وخلق فرص العمل وغيرها.

 بمعنى أن مغرب الملك محمد السادس اشتغل على ثنائية الخيار الديمقراطي والتعددية من جهة أولى، وعلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية من جهة ثانية؛ هذا دون أن ننسى المقاربة التشاركية التي ميزت عهد الملك محمد السادس في كل الأوراش الوطنية الكبرى، كدستور 2011 نموذجا.

  أقرأ أيضا :

رسالتان مِن العاهل السعودي وولي عهده إلى العاهل المغربي محمد السادس

 وهو ما يجعل من خطاب العرش لسنة 2019 ليس كشف حساب لعقديْن من الزمن فقط من خلال سرد ما تحقق، بل الكشف أيضا عن أسباب التعثر والفشل، خاصة في مجال الحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية، ما يضع المغرب أمام بوابة مرحلة جديدة بتراكمات كبيرة من الإنجازات والمكاسب من جهة، وببرامج مستقبلية واعدة من جهة أخرى.

 في كل مرة، وخلال عشرين سنة، لم تخل الخطب الملكية من عنصر الجرأة والقراءة المستقبلية الواعدة، سواء داخل المغرب أو على المستوى الإفريقي والدولي؛ وعليه فقد تضمن خطاب العرش لسنة 2019 بعد تشخيص واقعي، طرح حلولا عملية بلغة واضحة لا تحتاج إلى كثير شرح أو تأويل، وأن المغرب يحتاج للمرحلة الجديدة أدوات جديدة وآليات جديدة من نُخب وطنية ذات كفاءة عالية وضخ دماء جديدة، سواء في المسؤوليات الحكومية أو الإدارية...

 إن لغة خطاب العرش لسنة 2019 هي لغة سلسة تفهمها كل الفئات المغربية، لوضوحها ولواقعيتها. وللقفز إلى جانب الدول المتقدمة يلزمنا جيل جديد من المشاريع وجيل جديد من الكفاءات وجيل جديد من عقليات التسيير، وهو ما عبر عنه الخطاب بثورة ثلاثية الأبعاد، ثورة في التبسيط وثورة في النجاعة وثورة في التخليق...

 ولأن الأمر جلل ويهُم مستقبل المغرب والمغاربة، فإن الخطاب تضمن إعلان لجنة خاصة بالنموذج التنموي الجديد، كهيئة استشارية محددة الأهداف والمجالات، وكذا السقف الزمني..لأننا نحتاج إلى إعطاء نفس جديد لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية...

 كما تضمن تكليف السيد رئيس الحكومة في سقف زمني محدد بالدخول السياسي المقبل بتقديم اقتراحات تهم إغناء وتجديد مناصب المسؤوليات الحكومية والإدارية.
 
إن واقعية الخطاب وقوة تصويره للواقع بكل نجاحاته وصعوباته وطرحه للبدائل والحلول هي الواقعية نفسها التي حملت أملا في المستقبل وطموحاته، "بفضل ما يزخر به المغرب من طاقات ومؤهلات تسمح لنا بتحقيق أكثر مما أنجزناه ونحن بالفعل قادرون على ذلك...".

 كما أن الواقعية نفسها هي التي جعلت من مضمون الخطاب يحمل بُعدا نفسيا (سيكولوجي) مٌهما وقويا، وجعل من "الخوف والتردد" أحد أهم مفاتيح قراءة خطاب العرش لسنة 2019.
 
فالمرحلة التي سيُقدم عليها المغرب يجب أن يطبعها الأمل عوض الخوف، والمبادرة عوض التردد، والمكاشفة وقول الحقيقة ولو كانت مؤلمة بدل المناورة، كما جعل من عنصر ثقة المواطنين في ما بينهم (عنصر نفسي) وفي المؤسسات والإيمان في مستقبل أفضل (عنصر نفسي) أحد رهانات نجاح المرحلة القادمة، بالإضافة إلى رهان عدم الانغلاق على الذات، إذ إن خوف وتردد بعض المسؤولين في الانفتاح على تجارب وخبرات الآخرين يحرم المغرب من الاستفادة من خبرات واستثمارات عالمية، ما جعله يصنف خوف وتردد المسؤولين بأنه خوف على مصالحهم الشخصية فقط.
 
وهو الأمر الذي يدعو المواطنين والمسؤولين معا إلى تجاوز الحاجز النفسي المتمثل في الخوف والتردد والتحلي بالعزم والمسؤولية والابتكار في التدبير العمومي، والقطع مع التصرفات المحبطة (عنصر نفسي) ومظاهر الريع، وإشاعة قيم العمل والاستحقاق وتكافؤ الفرص...
 
لقد ظهر البُعد النفسي (الخوف والتردد والتعبئة الجماعية والحقيقة المؤلمة...) بقوة في أكثر من مناسبة في خطاب العرش لسنة 2019، وشكل إلى جانب الآليات المادية والعملية (اللجنة الخاصة والتعديلات في المناصب الحكومية والإدارية ومقاولات مواطنة...) أدوات لا يُمكن الاستغناء عنها في المرحلة القادمة للمغرب، البيت المشترك لكل المغاربة، في ظل ملكية وطنية ومواطنة تعتمد القرب من المواطن وتتبنى انشغالاته وتطلعاته وتعمل على التجاوب معها.

 الإيمان بمستقبل أفضل يعني أيضا التذكير بأن الإنجازات المغربية، وخاصة في البينية التحتية (طرق سيارة وقطار سريع وموانئ...)، جعلت المغرب محل جذب للرساميل العالمية، وهو ما يعني فرصا جديدة للعمل، كما يعني أيضا حسن الجوار، مع التذكير باليد الممدودة للأشقاء الجزائريين من أجل تحقيق طموحات الشعبين في التكامل والاندماج.

 نعم، سنسير معا في ظل بيعة متبادلة بين العرش والشعب، مواطنين ومؤسسات، بكل إيمان في مستقبل أفضل، في طريق نموذج تنموي جديد يحقق العدالة الاجتماعية ويحد من الفوارق المجالية، وبدون خوف أو تردد سنبني مغرب التنمية والديمقراطية والتقدم، وسنحمي أمن واستقرار ووحدة بيْتُنا المشترك (المغرب) الذي يتسع لكل أبنائه.

قد يهمك أيضا

المغرب على سكّة الحداثة خلال 20 سنة من حُكم الملك محمد السادس

المغرب يتحول إلى أول قطب صناعي ومينائي بأفريقيا في عهد محمد السادس

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

نتنياهو يكشف عن مخاوفه وأهدافه المتعلقة بالتسوية الخاصة بوقف…
موسكو تتهم إدارة بايدن بالعمل ضد خطط الرئيس المنتخب…
بعد تعهّد واشنطن بفرض رقابة جوية فوق لبنان هوكشتاين…
وزير الإعلام السوداني يؤكد أن قوات الجيش ستستمر في…
السلطات الإماراتية تلقي القبض على متّهمين بقتل الحاخام اليهودي…

اخر الاخبار

القوات المسلحة الملكية المغربية تستكشف حاملة الطائرات الأضخم في…
أحمد التوفيق يكشف أن وزير الداخلية الفرنسي صُدم عندما…
ملك المغرب يتجول في العاصمة الفرنسية رفقة ولي العهد…
الملك محمد السادس يُوجه الشكر إلى رئيس جمهورية بنما…

فن وموسيقى

المغربية فاطمة الزهراء العروسي تكشف عن استعدادها لخوض تجربة…
منة شلبي تتألق في موسم الرياض بمسرحية شمس وقمر…
تتويج المغربي محمد خيي بجائزة أحسن ممثل في مهرجان…
رافائيل نادال يختتم مشواره ويلعب مباراته الأخيرة في كأس…

أخبار النجوم

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي…
ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
سلاف فواخرجي تتألق في فيلم ”سلمى” وتسلط الضوء على…
أول تعليق من حسين فهمي بعد حصوله على جائزة…

رياضة

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة…
محمد صلاح في المركز الثاني كأفضل هدافي الدوري الإنكليزي…
بيب غوارديولا يكشف سبب تمديد تعاقده مع مانشستر سيتي
كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

صحة وتغذية

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على…
فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…

الأخبار الأكثر قراءة

حماس علمت بمقتل محمود حمدان وهاني حميدان والسنوار في…
يحيى السنوار الأسير المحرر الذي قاد حركة حماس والمطلوب…
مصادر إسرائيلية تشير إلى نجاح عملية اغتيال السنوار وتؤكد…
غارات مكثفة وإنذارات جديدة بالإخلاء ورفع العلم الإسرائيلي في…
وزير الخارجية الإيراني يصل القاهرة خلال جولة عربية في…