الرباط - المغرب اليوم
عاد من جديد جدل الإحصائيات الخاصة بالتشغيل في المملكة إلى الواجهة، إذ أعلنت الحكومة عبر وزارة التجارة والصناعة عن الوظائف التي خلقتها الصناعة المغربية خلال الأربع سنوات الماضية لكنها لوحظ أنها جاءت عكس أرقام المندوبية السامية للتخطيط.
كانت الحكومة أشارت، خلال انعقاد مجلسها الحكومي الأخير، إلى أن قطاع الصناعة خلق أكثر من 46 ألف وظيفة صافية خلال السنة الماضية؛ بينما كانت المندوبية السامية للتخطيط أشارت، سابقا، إلى نحو 7000 منصب شغل صاف.
وليست المرة الأولى التي تتعارض فيها أرقام الحكومة مع المندوبية السامية للتخطيط، فكثيرا ما كانت نسب النمو المتوقعة موضوع جدل بين الطرفين، وقد كان هذا التضارب قد بلغ أوجه خلال الولاية الحكومية السابقة.
وإذا كانت وزارة الصناعة والتجارة تؤكد أن هذه الإحصائيات الخاصة بالتشغيل في القطاع الصناعي، مبرزة اعتمادها على أرقام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؛ فإن إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، التي يديرها أحمد الحليمي العلمي، تعتمد على استطلاع الرأي يشمل عينة بحث وفق مناهج معتمدة دوليا.
وبعد أيام من كشف الحكومة لهذه الأرقام الجديدة بشأن الوظائف القطاع الصناعي، أعلنت المندوبية السامية للتخطيط عن تنظيمها للقاء خاص بتقديم النتائج الرئيسية المتعلقة بالمواضيع التي شملها إصلاح البحث الوطني حول التشغيل الأربعاء المقبل.
وأعلنت المندوبية السامية للتخطيط أنها شرعت في مسلسل إصلاح أبحاثها، مراعاة للتحولات الديمغرافية والسوسيواقتصادية والبيئية التي يعرفها المجتمع المغربي والتزامات المغرب في إطار الجهوية المتقدمة والتتبع والتقييم لأهداف التنمية المستدامة.
وأشارت المندوبية، في بيانها، إلى أن مسلسل الإصلاح همّ في المرحلة الأولى البحث الوطني حول التشغيل الذي أدرج ابتداء من سنة 2017 مواضيع جديدة في مجال أبحاثه على معلومات حول الشغل على مستوى الجهات الاثنتي عشرة، ويستعمل تصنيفات جديدة من أجل فهم أحسن للمعلومات المتعلقة بالأنشطة الاقتصادية والحرف الممارسة ومستويات التكوين.
وتعتمد المندوبية السامية للتخطيط في مؤشراتها الجديدة على أساس عينة موسعة التي تشمل 90 ألف أسرة، وكان من المرتقب أن تقدم مجموعة من النتائج الخاص ببحوثها لسنة 2017 بداية مارس/ آذار الجاري؛ لكن تأجل ذلك إلى الأسبوع المقبل.
تعليقا على هذا الموضوع، قال محمد أبودرار، البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، إن فريقه يجد صعوبة في ظل تضارب الأرقام والإحصائيات الموثقة لدى مختلف القطاعات الحكومية، ودعا إلى ضرورة إيجاد "مصدر واحد للإحصائيات الرسمية كما هو متعارف عليه في بعض الدول".
وأشار البرلماني، عضو لجنة المالية بمجلس النواب في حديث لهسبريس، إلى أن تضارب الإحصائيات بين المندوبية السامية للتخطيط والحكومة نابع "من كون المؤسستين تشتغلان وفق منهاجين مختلفين"، وأضاف قائلا: "فالحكومة يطغى على أرقامها الطابع السياسي الانتخابوي المحض، بينما المندوبية السامية للتخطيط متحررة من ذلك القيد وتبقى أرقامها أقرب للواقع".
وقال أبودرار إن المندوبية السامية للتخطيط وبنك المغرب تعترف فقط بالمناصب القارة الدائمة وفق منطق اقتصادي محض، موردا أنه في هذه الحالة "لا يتم احتساب المغادرين، بينما الحكومة وبسبب السياسة تنهج المنطق السوسيواقتصادي، أي يتم احتساب جميع مناصب الشغل: القارة والمؤقتة وغير المباشرة وحتى المُعوضة للمتقاعدين".