الجزائر – ربيعة خريس
ألقت الانتخابات البرلمانية التي شهدتها الجزائر الخميس، بظلالها على الحزب الحاكم بسبب تراجع مكتسباته في وقت تعززت حظوظ حليفه في الساحة التجمع الوطني الديمقراطي، ثاني تشكيلة سياسية في البلاد بقيادة مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحي، وتطالب أجنحة متمردة رئيس الحزب، عبد العزيز بوتفليقة بعقد مؤتمر استثنائي وتنحية الأمين العام جمال ولد عباس قبيل شروع الحزب في التحضير للاستحقاقات القادمة كالمحليات التي ستنظم شهر نوفمبر / تشرين الثاني والانتخابات الرئاسية المقررة في 2019.
وترتكز الأجنحة المتمردة على الفضائح التي تفجرت في الحزب الحاكم عقب الإعلان عن القوائم الانتخابية، التي سببت ضجة كبيرة في صفوف الحزب وأثارت اهتمام الرأي العام المحلي والدولي، بسبب تغلغل المال السياسي في صفوف الحزب، وكشفت تقارير صحافية عن تلقي قياديين ونافذين في الحزب لرشاوى وعمولات من مرشحين راغبين في تصدر القوائم الانتخابية.
ووقَّع أكثر من 60 عضوا من اللجنة المركزية للحزب الحاكم، وهي أعلى هيئة بين المؤتمر، على عريضة للمطالبة بسحب الثقة من ولد عباس بعد تراجع نتائج الحزب في الانتخابات النيابية نتيجة الظروف التي جرت فيها عملية إعداد قوائم المترشحين. وحمَّل أعضاء اللجنة المركزية، في بيان حصل "العرب اليوم" على نسخة منه، الأمين العام للحزب الحاكم، جمال ولد عباس والهيئات المسيرة للحزب التي أعدت قوائم الترشيحات مسؤولية الخسارة التي تكبدتها التشكيلة السياسية وخاسرتها لـ 60 مقعدا.
وأرجع الموقعين على العريضة الخسارة التي تكبدها الحزب التجاوزات التي صاحت عملية إعداد قوائم الحزب وتلطيخ سمعته بالفساد المالي والمحسوبية. وقال أصحاب البيان "إزاء هذه النتائج المؤسفة في الانتخابات النيابية والتسيير السيء لشؤون الحزب، فإن أعضاء اللجنة المركزية قيادة الحزب بين مؤتمرين يجددون دعوتهم لجمال ولد عباس إلى تحمل كامل المسؤوليات التي تسببت في تراجع شعبية الحزب وشل أداء المناضلين ونفورهم، وإلى تقديم استقالته فورا تفاديا لانعكاسات سلبية أخرى تلك التي قد تسبب في تفاقم الأزمة في صفوف الحزب واستقرار البلاد".
وطالب قائد الفيصل المعارض داخل حزب الرئيس الجزائري، عبد الرحمان بلعياط، رئيس الحزب عبد العزيز بوتفليقة بتشكيل لجنة موحدة تضم كبار القيادات داخله لعقد مؤتمر استثنائي لتحريره من محيط جمال ولد عباس، ويجب أن يكون هذا قبيل اقتراب موعد الاستحقاقات المقبلة فالحزب سيتكبد خسارة كبيرة في المحليات المقبلة، في حالة بقاء جمال ولد عباس ومحيطه على رأس الافلان.
وبيَّن المتحدث في تصريحات إلى "العرب اليوم" أنه وللمرة الأولى يحقق الحزب الحاكم نتائج ضعيفة مثل التي حققها في الانتخابات النيابية التي شهدتها الجزائر الخميس. وطالب عبد الرحمان بلعياط، الأمين العام للحزب جمال ولد عباس بتقديم استقالته على خلفية الفضائح التي تفجرت عشية الانتخابات البرلمانية وشوهت سمعته في الساحة السياسية، مشيرا إلى أنه قام بإقصاء المناضلين الحقيقيين من الترشح وفتح الأبواب أمام أباطرة المال الذين تسببوا في خسارة الحزب على مستوى العديد من المحافظات، ووضع أشخاص غرباء عن الحزب في القوائم الأولى في معظم المحافظات، قائلا إن "ولد عباس دفع ثمن مغامراته غاليا بدليل النتائج الهزيلة التي حققها وعدم استحواذه على الأغلبية في البرلمان".
وأكد قائد الفيصل المعارض، أنهم كانوا يتوقعون أن تعيين وزير الصحة السابق جمال ولد عباس على رأس الحزب سيعيد الأمور إلى نصابها بعد تقهقره خلال فترة تولي عمار سعداني تسيير شؤونه، كونه قام بتنصيب لجنة موازية تعمل في السر وهي من دمرت سمعة الحزب في الساحة السياسية وتحول إلى مادة دسمة للإعلام الدولي، بسبب سيطرة قضايا المال الفاسد على عملية الترشيحات.
وحاول الأمين العام لحزب الرئيس الجزائري، جمال ولد عباس، تهدئة الأوضاع وبعث الأربعاء برسالة شكر وعرفان، إلى أعضاء اللجنة المركزية وجميع المناضلين في الحزب، على "المشاركة القوية" منهم في الحملة الانتخابية و"الهبة الرائعة" في الانتخابات التي جرت في الـ4 مايو/ أيار الجاري. وتتعارض العبارات التي وجهها الأمين العام للمناضلين وأعضاء اللجنة المركزية في 8 مايو/ آيار، مع الواقع سواء ما تعلق بنسبة المشاركة في الانتخابات أو الأصوات التي حصل عليها الحزب.
وخاطب ولد عباس أعضاء اللجنة المركزية، في الرسالة التي اطلع "العرب اليوم" على نصها، "لقد كنتم في مستوى المسؤولية ولم تبخلوا بالنصيحة والرأي في أصعب الظروف وأحرجها في مسيرة تبقى رمزا للوفاء، إن العمل الكبير الذي قمتم به من أجل وحدة الحزب ودعم قواه النضالية ستبقى أكبر من أي مسؤولية وأسمى من أي منصب".