واشنطن ـ رولا عيسى
أعاد فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الحديث عن موقفه من انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي، بعدما كانت أنقرة، التي تمسكت بقضايا القومية ومكافحة الإرهاب، العقبة الرئيسية أمام انضمام هلسنكي إلى الناتو مع جارتها فنلندا.وتضغط الولايات المتحدة في الوقت الراهن لإقناع تركيا بقبول عضوية السويد، إذ كان الملف على رأس أولويات الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال اتصاله بنظيره أردوغان لتهنئته على إعادة انتخابه، وعقّب بعدها للصحفين قائلًا: "تحدثت مع أردوغان وهنأته. وما يزال يريد حلًا ما بخصوص مقاتلات إف-16. أخبرته أننا نريد التعامل مع السويد، فلننه ذلك إذن. لذلك سنعاود التواصل".
وعلى هذا المنوال، حثَّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، تركيا على الانتهاء فورا من الموافقة على طلب انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي، قائلا إن الدولة الواقعة في شمال القارة الأوروبية اتخذت بالفعل خطوات مهمة لمعالجة اعتراضات أنقرة على طلب انضمامها.
وتقدمت هلسنكي وستوكهولم للانضمام إلى الناتو معا في العام الماضي في أعقاب العملية الروسية العسكرية بأوكرانيا، لكن مصيرهما تباعد بعد أن صادقت تركيا على طلب فنلندا قبل الانتخابات الرئاسية التركية، بينما أجلت النظر في الطلب السويدي، إثر نزاع طويل الأمد بشأن ما تراه أنقرة دعما للجماعات الكردية، وكذلك القيود المفروضة على صادرات الأسلحة.
واعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن موافقة أردوغان على طلب السويد ستكون له العديد من النتائج الإيجابية، إذ قد يفتح ذلك بابًا للحصول على طائرات "إف-16" ومجموعات أميركية لتحديث طرازات تركيا القديمة.
ورفض بلينكن أيضا الإشارة إلى أن موافقة تركيا على مسعى السويد الانضمام إلى الحلف مرتبطة بصفقة بيع الولايات المتحدة طائرات إف-16 المقاتلة لتركيا، على الرغم من تلميح الرئيس الأميركي جو بايدن الإثنين إلى وجود صلة بين الأمرين.
وجرى حظر هذه المبيعات في الكونغرس، حيث ينتقد العديد من المشرعين علاقة تركيا وروسيا، فضلًا عن شراء أنقرة لنظام "إس-400" الروسي المضاد للطائرات.
وسبق أن رهن أردوغان موافقة بلاده على عضوية السويد بالناتو، باتخاذ "خطوات ملموسة" بشأن ما وصفه برفض ستوكهولم تسليم "الإرهابيين" التابعين لحزب العمال الكردستاني.
وبشأن تداعيات فوز أردوغان بالولاية الثلاثة على موقفه من طلب السويد للانضمام للناتو، قال مدير الاستراتيجيات والتسليح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، والمسؤول السابق في حلف شمال الأطلسي، وليام ألبيركي، في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية":
وذلك سيعني الاستقرار والقدرة على التنبؤ، بما في ذلك أنه بمجرد إقرار السويد قانونها الجديد لمكافحة الإرهاب في مطلع يونيو المقبل، كما طلبت تركيا سابقا، فإنها قد تعطي السويد الموافقة على الفور.
ولا يعتقد ألبيركي أن الأمر سيأخذ وقتا طويلًا للحصول على موافقة أنقرة، إذ سيجري تسوية الأمر قبل قمة الناتو في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا يوليو المقبلة.
وأضاف: "من المرجح أن تواصل تركيا سياسة أردوغان في محاولة لعب دور متوازن بين الناتو وروسيا، كما أنه في الواقع، سيقلل انضمام السويد للناتو بشكل كبير من احتمال نشوب صراع في منطقة الشمال والبلطيق، حيث لن ترى روسيا بعد الآن أي فرص للهجوم أو الضرر".
من جانبه، حدد المحلل السياسي التركي، يوسف كاتب أوغلو، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، موقف أنقرة من عضوية السويد بالناتو في عدد من النقاط، قائلًا إنه:
فيما يخص ملف العلاقات الخارجية مع فوز الرئيس أردوغان بولاية ثالثة، أتوقع أن يكون هناك استمرار لما بدأه الرئيس التركي من المحافظة على أولوية ضمان الأمن القومي التركي، والندية في التعامل مع الدول الغربية.
بالنسبة لملف السويد، فهو يمثل إشكالية في ظل عدم التزامها بالشروط التي وقعت العام الماضي، والتي تنص على تخليها عن دعم مجموعات تعتبرها تركيا "إرهابية"، مثل تنظيم "بي كا كا"، وأيضا تسليم المطلوبين للمحاكم التركية بتهمة الإرهاب وخاصة أعضاء جماعة غولن.
وفي وجهة النظر التركية الرسمية، فكما أن الأمن القومي السويدي يحمل أهمية قصوى لها وترغب في الانضمام إلى الناتو، فأيضا الأمن القومي يحمل أهمية قصوى لتركيا ولن تسمح بأي تهديدات لأمنها القومي من مجموعات إرهابية موجودة في السويد، وعلى السويد أن تتفهم ذلك.
ولا أتوقع أن يكون هناك أي تغيير في سياسة الرئيس أردوغان في هذا الملف تحديدا، على الرغم من الضغوط الأميركية، والمقايضة في تسليم طائرات "إف 16"، مقابل الموافقة على انضمام السويد.
ومع ذلك، ترى المسؤولة السابقة في البنتاغون والمديرة التنفيذية لمعهد "ماكين" للدراسات، إيفلين فاركاس، أنه "إذا لم يتم قبول السويد في أقرب وقت ممكن، فإن ذلك سيخفف من الرد على روسيا، وسيعتبر بوتين ذلك نوعا من النصر".
وفي 2022، وقعت السويد وفنلندا اتفاقا مع تركيا بهدف معالجة أوجه الاعتراض على عضويتهما في الحلف. وأكدت أنقرة أن فنلندا والسويد ستحظران نشاطات التجنيد وجمع الأموال للمسلحين الأكراد وكذلك حظر الدعاية الإرهابية ضد تركيا، كما تعهدتا بإظهار التضامن والدعم مع أنقرة في الحرب ضد الإرهاب بكل أشكاله، كما قبلتا بعدم فرض قيود على الصناعات الدفاعية.
وفي ديسمبر الماضي، عبرت تركيا عن خيبة أملها من قرار محكمة سويدية عليا بوقف طلب تسليم صحفي من أنصار رجل الدين فتح الله غولن الذي تحمله تركيا المسؤولية عن محاولة انقلاب فاشلة في 2016. وجاءت واقعة حرق المصحف أواخر يناير الماضي أمام سفارة أنقرة لتفاقم الأزمة بين الجانبين. واشترط الرئيس التركي على السويد تسليم 130 مطلوبا إلى أنقرة حتى تصادق على عضويتها في الحلف العسكري.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :