الدار البيضاء- جميلة عمر
راسلت النقابة الوطنية للأطر المشتركة بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل في المغرب، الأمين العام للحكومة قصد إطلاعه على مجموعة من العيوب الدستورية والقانونية التي تشوب المرسوم رقم 2.16.88 والذي صادقت عليه الحكومة في المجلس الحكومي المنعقد يوم الجمعة 15 نيسان/أبريل 2016
وقد طرحت النقابة في هذا الصدد إشكالات دستورية عدة، أولها تتعلق بمدى الاختصاص التشريعي للسلطة التنظيمية في ميدان "نظام السجون" بمفهومه الشامل، فبالرجوع إلى الفصل 71 من دستور 2011 والذي يحدد ميادين الاختصاص التشريعي للقانون، نجد أن المشرع الدستوري قد أضاف إليها مجال "نظام السجون" الدي لم يكن منصوصا عليه في دستور 1996، حيث أن هذه العبارة جاءت غامضة غير محددة المعالم، وتتطلب تفسيرا دستوريا دقيقا، من المجلس الدستوري، في حالة نشوب تنازع في الاختصاصات بين السلطتين التنظيمية والتشريعية في هذا الميدان، بحكم أن إقحام نظام السجون في ميادين اختصاصات البرلمان يعتبر مستجدا من مستجدات دستور 2011 يتطلب التنزيل. إلا أن الحكومة، قد عملت على تفسير النص الدستوري لصالحها، وأعطت لنفسها الاختصاص التنظيمي والتشريعي في مجال "نظام السجون" وذلك بالمصادقة على المرسوم 2.16.88.
وأكدت نقابة السجون من خلال المراسلة نفسها، أن المرسوم خرق الدستور من باب آخر، وذلك من خلال التطاول على اختصاصات البرلمان فيما يتعلق بالتشريع في ميدان "الضمانات الاساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين" وذلك من خلال مجموعة من المواد التي يتضمنها المرسوم، والتي تتعدى نطاق التنظيم، وذلك بتقييد حقوق وضمانات أساسية لفائدة موظفي السجون ، إذ نلاحظ مثلا أن المادة 35 من المرسوم أعطت للإدارة سلطة غير محدودة في نقل وإعادة تعيين الموظفين بمدن ومؤسسات أخرى سواء بصفة مؤقتة أو دائمة، دون أن تلزم نفسها بتبرير المصلحة الادارية في اتخاد مثل هذه القرارات، وهذه المادة تضرب في العمق مقتضيات الفصل 14 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، والذي بالمناسبة يعد ميدانا تشريعيا أصيلا للقانون، وكذلك فالمادة 35 تخرق بوضوح مقتضيات الفصل 32 من الدستور الذي يحث الدولة على ضمان وحدة واستقرار الأسرة والمحافظة عليها.
ووضحت النقابة الوطنية أن هذا المرسوم خرق الدستور أيضا من خلال المادة 37، والتي بموجبها تعمم المنع من ممارسة الأنشطة النقابية على موظفي إدارة السجون، في حين أن هناك من اكتسب هذا الحق ومارسه من الأطر المدنية العاملة بالقطاع، كما أن مواد المرسوم ولا سيما المادة 37 تتنافى والتزامات المغرب الدولية، وخصوصا مع مقتضيات الاتفاقيتين الدوليتين رقم 98 و رقم 151 الصادرتين عن منظمة العمل الدولية واللتان صادق عليهما المغرب.
كما تم التماس سحب هذا المرسوم لما يتضمنه من عيوب، قبل صدوره بالجريدة الرسمية، مذكرين أن اللجنة النقابية المختصة عملت على تهييئ ملف شامل حول المرسوم السالف الذكر يلخص مختلف الخروقات القانونية والحقوقية التي يتضمنها، وذلك قصد عرضها على القضاء الإداري بهدف إلغاء المرسوم المشوب بمجموعة من العيوب سواء على مستوى عدم المشروعية أو على مستويات أخرى
وتجدر الإشارة إلى أن نقابة السجون راسلت الأمين العام بصفته أعلى سلطة في مؤسسة الأمانة العامة للحكومة، هذه المؤسسة التي تعتبر المستشار القانوني للحكومة، وتضطلع بمهام محورية في عملية صياغة النصوص التنظيمية، أهم هذه المهام هو التحقق من مطابقة جميع النصوص التشريعية والتنظيمية لأحكام الدستور شكلا وموضوعا.