الرباط - مروة العوماني
جدّد رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي في اللقاء التشاوري مع السفراء وممثلي الدول الأفريقية في المملكة المغربية التأكيد على ما قاله في ختام الدورة التشريعية الخريفية لمجلس النواب أن هذه الدورة ستظل راسخة في الذاكرة الجماعية الوطنية وفي تاريخ العمل البرلماني في بلادنا كدورة عنوانها عودة المغرب للاتحاد الأفريقي، حيث تزامنت نهاية الدورة مع عودة المغرب إلى عائلته المؤسسية الأفريقية، وتمت خِلاَلَــها الدراسة مع التصويت على مشروع القانون الذي صادق البرلمان بموجبه على الميثاق التأسيسي للاتحاد الأفريقي.
وتعكس الفعالية والمستوى العالي للنقاش والأجواء التي انعقدت فيها جلسة التصويت على هذا الميثاق، يوم 18 يناير/كانون الثاني الماضي، الإرادة الراسخة لمجموع المؤسسات الدستورية المغربية بقيادة الملك محمد السادس، وإرادة الأحزاب الوطنية التشبث بجذورنا وبهويتنا الأفريقية متعددة الأبعاد.
وأبرز المالكي أن اللقاء له سياقان، الأول لتبادل الافكار والرؤى ولنصغي إلى بعضنا البعض بشأن القضايا المصيرية لقارتناـ حيث يأتي هذا اللقاء في سياق علاقات دولية موسومة بتحولات عميقة، سيكون لها في المستقبل، بالتأكيد، "انعكاس كبير على الوضع في قارتنا"، تم السياق الخاص لهذا اللقاء، الذي يتمثل في متغيرات كبرى جعلت من إفريقيا اليوم مختلفة عن إفريقيا الأمس، حيث أصبحت مقاربات ومفاهيم القرن الماضي متجاوزة، وفي حاجة للتجديد والمراجعة.
وأبرز المتحدث ذاته أن عودة المملكة المغربية إلى عائلتها المؤسسية الأفريقية شكلت الحدث الأبرز في نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي. وقد طبع الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس أمام القادة الأفارقة في الدورة 28 لقمة الاتحاد الأفريقي أعمال هذه القمة، وتجاوز صداه القارة الى مختلف البلدان. ومن جهة أخرى، يواصل ملك المغرب زياراته إلى عدد من البلدان الأفريقية مُجَسِّدا في الميدان جوهر التعاون جنوب-جنوب والتضامن الافريقي الحقيقي.
وسيظل الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس أمام المشاركين في أعمال القمة 28 للاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، -يضيف لحبيب المالكي-وثيقة تاريخية مرجعية لمرحلة فاصلة في علاقة المغرب بباقي أشقائه وأصدقائه الأفارقة، إذ شخص جلالته الإشكالات والمعضلات الحقيقية التي تواجهها إفريقيا. كما شكل هذا الخطاب بحق مرافعة أخرى من أجل القارة الإفريقية تُعزز العمل الميداني والزيارات الناجحة بكل المقاييس، التي قام بها الملك إلى عدد كبير من البلدان الإفريقية، وذلك وفق رؤية تفضل التعاون والشراكة جنوب - جنوب أساسها تَقَاسُمُ الخبرات ووسائل تحويل الإمكانيات إلى ثروات.
وعددّ المالكي، أن الملك أجرى 52 زيارة إلى 29 بلدًا أفريقيًا منذ اعتلائه العرش، وهي زيارات أثمرت عن مئات الاتفاقيات والمشاريع المهيكلة والاستراتيجية بِبُعد تنموي وإنساني وتضامني، حيث تأكد في الميدان على مدى 17 سنة من الدبلوماسية الملكية بإفريقيا، نُبْل سياسة المغرب الافريقية تُجاهَ قَارَّتِنا، حيث تَبَيَّنَ بوضوح في خطاب أديس أبابا جوهرُهَا ومقاصدُها الانسانية إذ قال جلالته : "ولمن يدعي أن المغرب يبتغي الحصول على الريادة الافريقية عن طريق هذه المبادرات، أقول : إن المملكة المغربية تسعى أن تكون الريادة للقارة الإفريقية".
وأشار المالكي، "وبقدر ما تُعْتَبر هذه العودة تجسيداً للشرعية، مادام المغرب من المؤسسين الأساسيين لمنظمة الوحدة الإفريقية، وانتصارا للمشروعية قاريا ودوليا، بقدر ما تُعْتَبَر تتويجاً للجُهد الملكي في ترسيخ الحضور المغربي في القارة الإفريقية وانتصارا كذلك للعقل الدبلوماسي المغربي، وللحكمة الإفريقية ولمنطق التاريخ وتجسيدا لتحول تَوَّجَ تراكماً في العمل الميداني، وفي مختلف الجبهات وعلى كافة المستويات، من أجل تمتين علاقات الثقة وبناء شراكات ثنائية ومتعددة الأطراف مع الأشقاء الأفارقة وفق منظور جديد للتعاون جنوب-جنوب"، كما أبرز أن الرؤية المغربية للعلاقات مع باقي البلدان الإفريقية وداخل المنظمات الإفريقية المتعددة الأطراف، تعكس سياسة عقلانية تفضل التعاون جنوب-جنوب وتتطلع إلى تأهيل أفريقيا وإعدادها لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية وتمكينها من أخذ مصيرها بيدها والتحكم في قرارها وجعله مستقلا.