بغداد – نجلاء الطائي
كشف مصدر مطلع، اليوم الثلاثاء، عن "زيارة مرتقبة لرئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي إلى الساحل الأيسر في مدينة الموصل للإعلان تحريره بالكامل"، في وقت فوجئ العراقيون، بالإعلان عن إعدام عدد من الأشخاص متهمين بالانتماء إلى تنظيم "داعش" والمشاركة في ارتكاب مجزرة داخل معسكر لطلاب القوة الجوية قرب مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين صيف سنة 2014. وذكر مصدر أمني أن "العبادي سيزور اليوم الساحل الأيسر للاطلاع على الأراضي المحررة وإعلان تحريرها بالكامل".
وكانت قيادة العمليات المشتركة أكدت يوم أمس، استمرار العمليات العسكرية في تحرير ما تبقى من الساحل الأيسر لمدينة الموصل من تنظيم "داعش" وهو آخر معاقل "داعش" في منطقة الرشيدية وبيسان وتمت السيطرة وتحرير الجزء الشمالي من الرشيدية ومازالت العمليات مستمرة من اجل تحرير وتطهير الساحل الأيسر بشكل كامل".
وفي محافظة صلاح الدين فوجئ العراقيون، بالإعلان عن إعدام عدد من الأشخاص متهمين بالانتماء إلى تنظيم "داعش" والمشاركة في ارتكاب مجزرة داخل معسكر لطلاب القوة الجوية قرب مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين صيف سنة 2014.
وتمثّل مصدر المفاجأة في افتقار العملية إلى كافة الإجراءات القانونية المتبعة في تنفيذ أحكام الإعدام، ما جعل الحديث يدور عن عملية تصفية خارج نطاق القانون قامت بها إحدى الميليشيات التي تكاثرت بشكل غير مسبوق في العراق وتداخل نشاطها مع عمل المؤسسات الأمنية، وباتت تشكّل مظهرا لفوضى أمنية عارمة بالبلد تهدّد مستقبل الاستقرار فيه في مرحلة ما بعد تنظيم "داعش".
وأعلن مصدر طبي، أمس الإثنين، أن مستشفى سامرّاء تسلم مساء الأحد 32 جثة عليها آثار إطلاق رصاص. وقال المصدر إن "الجهة التي سلّمت الجثث أبلغت إدارة المستشفى أنّها تعود إلى محكومين تم إعدامهم لاشتراكهم في مجزرة سبايكر في تكريت". وأوضح أن "الجهة التي سلمت الجثث للمستشفى أحضرتها بسيارة نقل كبيرة لا تحمل لوحات وترافقها سيارات شرطة، وقد تركتها في باحة المستشفى وغادرت دون حصول إجراءات التسليم والاستلام الرسمية".
وعبّر المصدر عن استغرابه لطريقة نقل الجثث حتى مع افتراض أن أصحابها أعدموا بطريقة قانونية، موضّحا أن الإجراءات القانونية تقتضي إصدار شهادات وفاة ومحاضر رسمية لكل شخص تبيّن ظروف وفاته، وتسلّم للمستشفى ومن ثمّ لأهالي من تمّ تنفيذ الحكم فيهم بعد أن يتم إبلاغهم رسميا بالتنفيذ. وأشار المصدر ذاته إلى "وجود قائمة بأسماء أصحاب الجثث دون أن يوجد ما يشير إلى أن هذه الجثة لهذا الشخص أو ذاك".
وأعرب عن مخاوفه من احتمال أن تكون الجثث لمواطنين اختطفوا قبل نحو ثلاثة أيام من شمال بغداد، أو لآخرين تم اعتقالهم في إحدى النقاط بمنطقة الشرقاط وهم من الهاربين من مناطق بمحافظتي صلاح الدين وكركوك لا تزال تحت سيطرة تنظيم "داعش".
وكانت قوة مجهولة قد اختطفت الأسبوع الماضي 42 مواطنا من مناطق شمال بغداد ولا يزال مصيرهم مجهولا، فيما اعتقلت قوة أخرى من الميليشيات العشرات من المواطنين الفارين من "داعش" في إحدى النقاط بالشرقاط، سلم أكثر من 30 منهم إلى مستشفى تكريت، وقد بدت على أجسادهم آثار تعذيب وكسور ومازال قسم منهم يرقد في المستشفى، بينما مصير الباقين منهم لا يزال غير معروف.
وحمّل النائب أحمد المشهداني، قيادة عمليات بغداد مسؤولية كشف مصير المعتقلين والحفاظ على حياتهم، مثيرا "علامة استفهام كبيرة عن حجم الخرق الأمني واندساس الميليشيات في تشكيلات قيادة عمليات بغداد وهو ما يضعها في دائرة الشبهات والشك".
ومن جهتها أكدت لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان العراقي، تصاعد جرائم الاختطاف والقتل في عموم المحافظات، مبينة أنها ترتكب من عصابات منظمة وجهات تقول إنّها مدعومة من جهات سياسية.
وقالت اللجنة في بيان أن "تلك الجرائم تهدف إلى إرباك الوضع العام"، مضيفة أنه مقابل التقدّم في الحرب على تنظيم "داعش" في الموصل "نشهد ترديا واضحا في معالجة الوضع الأمني في المناطق الآمنة وانتشارا لهذه العصابات التي أصبحت تشكل هاجس خوف وقلق للمواطنين العزل". وتتواتر تساؤلات المراقبين بشأن مستقبل الاستقرار في العراق، وذلك بالتزامن مع التقدّم الكبير في الحرب على تنظيم "داعش" باتجاه إنهاء سيطرته على مناطق البلاد.
وتذهب الكثير من التحليلات باتجاه ترجيح ألّا تمثّل هزيمة التنظيم في العراق نهاية العنف وبداية الاستقرار في البلد نظرا إلى وجود تشوهات في العملية السياسية وأخطاء في طريقة إدارة الدولة ترشّح البلد للدخول في حلقات جديدة من عدم الاستقرار، وربما من الاحتراب الداخلي مع وجود كم هائل من السلاح خارج يد الدولة وبأيدي عشرات الآلاف من العناصر المنتمية إلى ميليشيات تابعة لجهات غير منسجمة في أهدافها وغاياتها ومصالحها.
وتعتبر الخلافات السياسية الحادّة في العراق عاملا مضاعفا للتوتر في البلد، وقد بلغت تلك الخلافات ذروتها في الأشهر الأخيرة وخرجت عن شكلها التقليدي كخلافات بين الأطراف الرئيسية من شيعة وسنة وأكراد، ووصلت إلى حدوث انقسام بين الأطراف الشيعية الحاكمة ضمن التحالف الوطني، وهو ما يثير المخاوف من حدوث اقتتال بين الفصائل المسلحة التابعة لتلك الأطراف.
ولدى معظم الأحزاب السياسية الشيعية بالعراق أجنحة مسلحة بعضها تشكل على الأراضي الإيرانية في زمن المعارضة لنظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، والبعض الآخر حديث التأسيس. واكتسبت الفصائل الشيعية المزيد من القوة والسلطة بمساهمتها في وقف زحف "داعش" على العاصمة بغداد عندما اجتاح التنظيم المتشدد شمال وغرب البلاد قبل أكثر من سنتين ونصف السنة، وشكلت فصائل شيعية إطارا تنظيميا باسم الحشد الشعبي لمحاربة "داعش" بعد الفتوى الشهيرة من المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني بضرورة حمل السلاح لمقاتلة التنظيم عندما بات مسلحوه على مقربة من بغداد.
وتقول الحكومة العراقية إن الحشد الشعبي يقاتل بناءً على أوامرها. لكن مراقبين يشككون في ذلك ويرون أن غالبية الفصائل الشيعية مرتبطة بإيران وتتلقى دعمها وبالتالي أوامرها، وتواجه الفصائل الشيعية اتهامات متكررة بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين السنّة من قبيل عمليات الإعدام الميدانية ونهب وحرق الدور السكنية في المناطق التي تجري استعادتها من "داعش".
وبشأن الوضع الأمني في محافظة الأنبار أكد قائد عمليات الجزيرة استعداد القوات الأمنية للتقدم باتجاه ما تبقى من المنطقة الغربية٬ إلا أنها بانتظار الأوامر. وقال المحمدي٬ إن "القوات الأمنية وجهت ضربة جوية٬ ليلة أمس٬ قتل خلالها خمسة عناصر من "داعش"٬ اضافة إلى تدمير عجلة ومخزن أسلحة ورشاشة وهاونات شمال غربي حديثة".
وأكد أن "الوضع مستقر٬ والقطعات العسكرية أحكمت سيطرتها على منطقتي الصكرة والزوية٬ وفي نفس الوقت تستمر بعملية تهيئة لخوض المعارك في المنطقة الغربية (القائم وعنه وهيت)". وأضاف المحمدي٬ أن "القوات المشتركة هي من تحدد موعد التقدم نحو ماتبقى من المنطقة الغربية٬ إضافة إلى انها من تقرر فيما إذا تتقدم القطعات نحو المناطق الغربية أو يتم إكمال تحرير الساحل الأيمن من الموصل أولا"٬ لافتا إلى أن "القطعات في كامل الاستعدادات لخوض المعارك٬ فيما يبقى الحشد العشائري في طور التدريب والتجهيز".