الجزائر – ربيعة خريس
أحيل مخطط عمل الحكومة الجزائرية برئاسة عبد المجيد تبون، إلى التصويت من قبل نواب البرلمان الجزائري سهرة الجمعة في حدود الساعة العاشرة ليلًا بتوقيت الجزائر، وسيرد رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون على انشغالات وتساؤلات النواب.
ومن المنتظر أن يصادق البرلمان الجزائري على وثيقة عمل الحكومة بحكم الأغلبية التي تحوز عليها أحزاب الموالاة على غرار حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم وحزب التجمع الوطني الديمقراطي ثاني تشكيلة سياسية في البلاد وتجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية الجزائرية وكتلة الأحرار.
وحاز الوزير الأول الجزائري، عبد المجيد تبون على أولى تأشيرات الدعم والمساندة من قبل أحزاب السلطة، وأعلن اليوم الخميس، نواب الحزب الحاكم في بيان لهم حصل "العرب اليوم" على نسخة منه، عن مساندتهم المطلقة لما جاء فيه من محاور متعددة تتلاءم وتستجيب مع أهم الانشغالات المطروحة في هذه المرحلة بالذات، وثمنوا التعليمات التي وزعها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة على الطاقم الحكومي خلال اجتماع مجلس الوزراء أبرزها تفادي اللجوء إلى الاستدانة الخارجية تحصينًا للسيادة الوطنية خاصة الاقتصادية.
وقال رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم في البرلمان الجزائري سعيد الخضاري، في تصريحات لـ " المغرب اليوم " إن مخطط عمل الحكومة حمل الكثير من النقاط المهمة التي رافعت عنها تشكيلته السياسية خلال الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية التي جرت يوم 4 مايو/ آيار الماضي، أبرزها عدم اللجوء إلى الاستدانة الخارجية التي تسعى هيئات مالية ودولية فرضها الجزائر لممارسة ابتزاز عليها مستقبلًا، فالوقوع بين مخالب صندوق النقد الدولي أمر خطير للغاية.
وأمر التجمع الوطني الديمقراطي، ثاني تشكيلة سياسية في الجزائر، نواب تشكيلته السياسية بالتصويت بالإجماع لصالح مخطط عمل الحكومة.
وأوضح بيان للحزب أن "المكتب الوطني للتجمع الوطني الديمقراطي، بعد دراسته لمشروع مخطط عمل الحكومة، يرحب بمحتواه الذي يندرج ضمن تنفيذ برنامج الرئيس الجزائري، والمتكيف مع الوضع المالي الصعب الذي تمر به الجزائر ".
ومن جانب آخر كثفت المعارضة البرلمانية، ساعات قليلة، قبيل إحالة المخطط على المصادقة مشاوراتها لتوحيد موقفها بخصوص هذا المخطط الذي أعلنت عن رفضه كونه غير قابل للتجسيد على الميدان.
وقال رئيس الكتلة البرلمانية لتحالف حركة مجتمع السلم بالبرلمان الجزائري ناصر حمدادوش، لـ " المغرب اليوم " إن هناك مشاورات واتصالات رسمية قائمة بين المعارضة البرلمانية لتوحيد موقفها بخصوص وثيقة عمل حكومة عبد المجيد تبون, مشيرًا إلى أنهم يبحثون إمكانية الخروج بموقف موحد حول مخطط عمل الحكومة الجديدة، وبخصوص موقف تحالف حركة مجتمع السلم من هذا المخطط، أكد المتحدث أنها تتجه نحو رفضه فهو نسخة محينة عن المخططات السابقة كما أنه يفتقد لأرقام حقيقة تعبر عن حجم الضائقة المالية والاقتصادية التي تمر بها البلاد جراء تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية.
وأكد رئيس الكتلة البرلمانية للتكتل الإسلامي الذي يضم ثلاثة أحزاب إسلامية هي كل من جبهة العدالة والتنمية وحركة النهضة وحركة البناء الوطني لخضر بن خلاف، أن " مخطط عمل الحكومة الجديدة لم يحمل في طياتها معطيات وأرقام جديدة تكشف عن واقع الأزمة، فكل ما تضمنه المخطط هي أمور تعوّد البرلمان والشعب الجزائري على سماعها لكنها بقيت مجرد حبر على ورقم ولم تدخل حيز التطبيق ".
وتساءل عن الفائدة من مناقشة مخطط مثل هذا لا يعالج أدق التفاصيل، خاصة المتعلقة بالجانب المالي والاقتصادي للبلاد بالنظر إلى الضائقة المالية الصعبة التي تمر بها الجزائر. ورغم تبادل الاتهامات والتراشقات بين الموالاة والمعارضة التي طبعت الجلسة الأولى والثانية من مناقشة مخطط عمل الحكومة، إلا أن نوابًا كثر تعاملوا بعدم جدية مع هذا المخطط، حيث شهدت الجلسة الثانية غيابات بالجملة للنواب الجدد وهو ما أثار سخط واستياء نظرائهم في قبة البرلمان.
وتمحورت أغلب مداخلات النواب، منذ بداية مناقشة مخطط عمل الحكومة حول الانشغالات المحلية فلم يقدموا مقترحات وبدائل تمكن الحكومة الجزائرية من إخراج البلاد من النفق المظلم الذي دخلت فيه بداية 2014 بسبب تهاوي أسعار النفط.
وتوحي المعطيات الراهنة أن الحكومة الجديدة التي أفرزتها الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم 4 مايو / آيار الماضي ستواصل السير على طريق سابقتها من خلال تمسكها بسياسة " شد الحزام " مع مراجعة سياسة الدعم عبر التوجه نحو ما يعرف بالدعم الموجه.
وتضمن مخطط عمل الحكومة، الذي عرضه تبون خلال الجلسة التي يرأسها السعيد بوحجة رئيس المجلس الشعبي الوطني، ترقية الديمقراطية والحكم الراشد والتنمية الاجتماعية والاقتصادية مع الالتزام بمواصلة مسعى تعزيز دولة القانون وترقية الحريات والتأكيد على مكانة الجزائر دوليا ودورها في ترقية السلم والاستقرار عبر العالم وتعميق محاور مسار إصلاح قطاع العدالة وإصلاح الإدارة ومحاربة البيروقراطية.
وفي الشق الاقتصادي، تراهن الحكومة على مواصلة الحفاظ على المكتسبات الاجتماعية وتعزيزها وإرساء أكبر قدر من الشفافية في النشاط الاقتصادي والتجاري وتحسين مناخ الأعمال وكذا أعطي الجماعات المحلية دورا أساسيا في النشاط الاقتصادي مع التركيز على تعزيز الأمن الغذائي للبلاد والحد من اختلال الميزان التجاري، كما تنوي الحكومة مواصلة تطوير المنظومة الوطنية للتربية والتعليم العالي والتدريب المهني بالإضافة إلى صون التراث الثقافي ومرافقة الفعل الثقافي.