طرابلس ـ فاطمة سعداوي
أكّد الوزير المنتدب المكلف بالجالية المغربية في الخارج وشؤون الهجرة،عبد الكريم بن عتيق، أن الوزارة تعمل بصمت منذ شهر مع قطاعات أخرى من أجل عودة 260 مغربيا عالقا في ليبيا إلى وطنهم.
ووصف بن عتيق في كلمة مرتجلة ألقاها في أغادير الجمعة، خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى الثاني للمحامين المغاربة بالخارج، الأخبار الرائحة حول موقف وزارته إزاء المغاربة العالقين في ليبيا بأنها “زائفة وبعيدة عن الحقيقة”، حيث كانت بعض وسائل الإعلام قد عابت على الوزارة عدم اهتمامها بالموضوع، وهو ما عده الوزير بن عتيق مجانبا للحقيقة، كما طمأن أهالي وعائلات العالقين في ليبيا، ووعدهم بحل هذه المشكلة في أقرب الآجال، دون أن يذكر تاريخا محددا لذلك، مشيرا إلى وجود اهتمام حكومي بهذا الملف الذي قال إنه يعتبر ضمن الأولويات.
وتعيش أسر المغاربة العالقين في ليبيا على وقع الصدمة والخوف من مصير أبنائهم المُعتقلين في السجون الليبية في ظروف قاسية، واحتمال عرضهم للبيع في مزادات الرقيق، إلى جانب انعدام الأمن واحتمال تعرضهم للأذى، بينما ذكر بن عتيق بتنظيم عملية عودة 200 مغربي كانوا عالقين في ليبيا قبل أشهر، مشيرا إلى أن الوزارة تحملت مسؤوليتها في كل المراحل اللوجيستية وغير اللوجيستية، وعاد العالقون في ليبيا آنذاك إلى بلدهم في ظروف حفظت لهم فيها كرامتهم.
من جهة أخرى، قال بن عتيق إن الوزارة المنتدبة المكلفة المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة تحاول العمل بمقاربة جديدة، وبلورة تصور جديد في التعاطي مع مغاربة العالم، مشيرا إلى أنها تعتبر أن هناك شرائح عريضة في بلدان الاستقبال وصلت إلى مواقع مهمة على مستوى التدبير وصناعة القرار والتأثير فيه، وأضاف “آن الأوان لنفكر جميعا في كيفية توحيد هذه الطاقات حتى لا تظل مشتتة، وتكون فاعلة في مشروع كبير يقوده الملك محمد السادس من أجل تطوير المغرب وتنميته واستقراره”، موضحا أن هدف الوزارة “خلق نواة أساسية نؤكد من خلالها للعالم أن أبناءنا نجحوا في بلدان الاستقبال، ونجاحهم هو نجاحنا، ونجاح للوطن، ليكونوا أكثر فاعلية للدفاع عن قضايا الوطن، وأهمها قضية وحدة التراب”.
وخاطب بن عتيق المحامين المغاربة في الخارج الذين حضروا المنتدى (87 محاميا) بالقول: “عندما تنتظمون سيكون لكم وزن في بلدان الاستقبال، وستكونون أكثر فاعلية في التنسيق بين قطاعات متعددة وواعدة يعرفها المغرب حاليا، وحضورنا اليوم يروم أيضا التعبئة، لذلك يجب أن نفكر في خلاصات نعتبرها أساسية، ومن بينها كيف نستطيع غدا خلق آليات لتنظيم حضوركم في الخارج؟”.
وتحدث الوزير عن موضوع الهجرة الشائك، وقال إن المغرب وبفضل توجيهات الملك محمد السادس تبنى عام 2013 سياسة جديدة للهجرة، مبنية على مقاربة ذات بعد إنساني أولا، في أفق الإدماج لأنه يُؤْمِن بأن التعدد الثقافي هو قوة وليس عائقا أمام تطور المجتمع، موضحا أن مهنة المحاماة متأثرة بالعولمة على مستوى مرجعيات وقضايا جديدة ومقاربات أخرى مخالفة، وبالتالي، هناك من يطالب بإعادة النظر في التكوين على مستوى المحاماة، وهو مجال أصبحت فيه مجموعة من الآليات والمراجع متجاوزة.
من جهته، قال محمد أوجار، وزير العدل المغربي، في كلمة ألقاها بالمنتدى، إن الملك محمد السادس يحمل مشروعا طموحا لبناء دولة المؤسسات ودولة الحق والقانون، مشيرا إلى أن المغرب عرف وما زال إصلاحا عميقا وشاملا لمنظومة العدالة، توج في مرحلته الأولى بالمصادقة على القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة، إضافة إلى تنصيب العاهل المغربي لأعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية في السادس من أبريل (نيسان) الماضي.
في غضون ذلك، أعلن أوجار عن تنظيم المؤتمر الدولي الأول لتدارس ما تم تحقيقه في المغرب، والذي سينظم تحت رعاية الملك محمد السادس ما بين 2 و6 أبريل /نيسان المقبل، وخاطب المحامين المقيمين في المهجر بالقول: “في مسار هذا الإصلاح اختار المغرب نموذجا متقدما على عدد من الأنظمة القضائية لدول إقامتكم، تم بموجبه استقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، وبذلك فالمغرب اليوم يشهد استقلالا تاما للسلطة القضائية والنيابة العامة عن باقي السلطات”.
وتابع وزير العدل المغربي :“كمرحلة ثانية لهذا الإصلاح باشرنا إصلاح القوانين الأساسية كالقانون الجنائي، وقانون المسطرة الجنائية، وقانون المسطرة المدنية وغيرهما من القوانين.
كما أنجزنا قانونا تنظيميا سيحدث ثورة حقوقية، ستمكن من تطهير القوانين المغربية، وجعلها محترمة للحقوق والحريات المنصوص عليها دستوريا والمتعارف عليها دوليا. ويتعلق الأمر بقانون تنظيمي للدفع بعدم دستورية القوانين”، وزاد: “نحن اليوم مقبلون بتنسيق تام وتشاور دائم مع شركائنا في منظومة العدالة لإصلاح قانون المهن، وعلى رأسها مهنة المحاماة”.
يذكر أن المنتدى ينظم بشراكة بين الوزارة المنتدبة المكلفة المغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة، وجمعية هيئات المحامين في المغرب، ويتواصل حتى يوم غد الأحد، ويروم تعزيز شبكة المحامين المغاربة المقيمين بالخارج، وتدارس مجموعة من المواضيع.