الرباط -المغرب اليوم
بعد الانتقادات الكثيرة الموجهة إلى المحاكمة عن بعد في المغرب ، التي تم اللجوء إليها كآلية لاستمرار عمل المحاكم بعد انتشار جائحة كورونا في المغرب ، أعرب كل من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة عن ارتياحهما للنتائج المحققة، بل إن مصطفى فارس أبدى تأييده لإبقاء العمل بهذه الآلية بعد انجلاء الجائحة.وفي جوابه عن سؤال بخصوص تقييمه للمحاكمة عن بعد، على هامش افتتاح السنة القضائية الجديدة أمس الجمعة، قال الرئيس المنتدب المجلس الأعلى للسلطة القضائية: “هذا مكسب كبير خاص كلنا ندافعو عليه، ويجب أن يستمر حتى بعد ذهاب الجائحة، لأن تكلفته المالية أقل من تكلفة المحاكمة العادية”.ودافع فارس بحماس كبير عن المحاكمة عن بعد، وقال، ردا على سؤال آخر بشأن الانتقادات الموجهة إليها من طرف بعض مهنيي العدالة، إن “القضاة مستعدون لمواصلة العمل بالمحاكمة عن بعد، بعد أن بينت التجربة ألا فرق بينها وبين المحاكمة الحضورية لأنها تضمن جميع الحقوق”، مضيفا أن “المحاكمة لا تتم إلا بعد موافقة المعني بالأمر ومحاميه، فأين المشكل؟”.في المقابل ما زال المحامون متمسّكين بأن المحاكمة عن بعد هي مجرد إجراء مؤقت تم اللجوء إليه لتجاوز إكراهات الظرفية الاستثنائية الناجمة عن انتشار فيروس “كورونا”، ولا يمكن تأبيد العمل بها، خاصة في ظل غياب نص قانون منظم لها.
هذا الموقف أكده عمر ودرا، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، حيث قال في تصريح اعلامي: “في غياب نص فإن اضطرارنا إلى المحاكمة عن بعد تم تجاوزا، ونحن كدفاع قبلنا هذاالخيار على مضض، لأن المحاكمة العادلة تقتضي الحضورية”.وبالرغم من أن مسؤولي المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة نوّهوا بنتائج تجربة المحاكمة عن بعد، واعتبر رئيس النيابة العامة أنها “تحترم كل شروط المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ولا سيما الحضورية والوجاهية بين الأطراف”، فإن رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب يؤكد ألا مناص من عودة المحاكم إلى العمل بالمحاكمة التقليدية.وقال ودرا: “بالتأكيد المحاكمة عن بعد لا تحقق المحاكمة العادلة، ولا يمكن أن تكون هي القاعدة في ظل غياب نص قانوني”، معززا موقفه بكون قناعة المحكمة في القضايا الجنائية تتشكّل من خلال المناقشة وطرح الأسئلة وتدخلات الشهود، إضافة إلى أن مثول المتهم أمام القضاة حضوريا يساعد على تكوين “القناعة الوجدانية”.
وردا على سؤال حول إمكانية جعل المحاكمة عن بعد قاعدة، قال ودرا: “لا بد من وجود نص، وهذا شأن مجتمعي يتطلب نقاشا عميقا يهمّ البرلمان والمهنيين والمنظمات الحقوقية وباقي الفاعلين المعنيين، وعموما فهذا النص لن يخرج بين عشية وضحاها، بل سيتطلب مخاضا طويلا”.وأضاف أن “المحاكمة عن بعد حلّ مؤقت فُرض علينا في المغرب وفي دول أخرى، بسبب ظرفية خاصة، ولكن لا يمكن أن يظل العمل ساريا بها بعد انتفاء الظرفية الاستثنائية التي أمْلتْها، لأنها بالقطع لا تحقق، في الظروف التي تتم فيها حاليا، المحاكمة العادلة”.
قد يهمك ايضا:
"السلطة القضائية" المغربي يُؤكِّد عدم التزام البعض بمصاريف معاينة أماكن النزاعات
"المجلس الأعلى" للسلطة القضائية يعتز بحصيلة "المحاكمات عن بُعد" في المغرب