الرئيسية » أخبار محلية وعربية وعالمية
الفريق قايد صالح قائد الجيش الجزائري

الجزائر ـ سناء سعداوي

فاجأ الفريق قايد صالح، قائد الجيش الجزائري، ملايين المتظاهرين بخطاب متشدد، دعاهم فيه إلى وقف الحراك، بذريعة أنهم يطرحون «مطالب تعجيزية»، معلنا دعمه خيار عبدالقادر بن صالح رئيسا للدولة في المرحلة الانتقالية، بعكس ما يريده ملايين المتظاهرين، والأخطر من هذا كله أنه اتهم فرنسا، ضمنا، بمحاولة فرض أشخاص لقيادة المرحلة الانتقالية، وتوعد بمحاسبة من سمّاهم «العصابة»، في إشارة إلى شخصيات نافذة تورطت في قضايا نهب المال العام، واستعمال النفوذ لتحقيق الثراء بطرق غير شرعية، وفي غضون ذلك حدد الرئيس الانتقالي عبدالقادر بن صالح، الرابع من يوليو/ تموز موعدا للانتخابات الرئاسية.

ووضع رئيس أركان الجيش في كلمة ألقاها بـ«الناحية العسكرية الثانية»، حدا لشعور عام في البلاد، مفاده أن الجيش انخرط في الحراك، وبخاصة بعد أن دفع الرئيس بوتفليقة إلى الاستقالة في الثاني من الشهر الحالي، وقال إن هذه المرحلة التاريخية والمفصلية الحاسمة من تاريخ البلاد «تتطلب، بل تفرض على كل أبناء الشعب الجزائري المخلص والوفي والمتحضر، تضافر جهود كل الوطنيين في اتباع نهج الحكمة والرصانة وبعد النظر، الذي يراعي في الدرجة الأولى المصلحة العليا للوطن، والأخذ بعين الاعتبار أن تسيير المرحلة الانتقالية يتطلب مجموعة من الآليات، يقتضي تفعيلها حسب نص الدستور أن يتولى رئيس مجلس الأمة، الذي يختاره البرلمان بغرفتيه، بعد إقرار حالة الشغور (منصب رئيس الجمهورية)، منصب رئيس الدولة لمدة ثلاثة أشهر، بصلاحيات محدودة، إلى حين انتخاب رئيس الجمهورية الجديد».

وفهم من كلام صالح أن تعيين بن صالح رئيسا للدولة، ضمن ترتيبات الدستور التي تتناول شغور منصب الرئيس بالاستقالة، هو خيار الجيش في النهاية. وبالتالي فإن رفضه من طرف الحراك لا يمكن أن يرضي القيادة العسكرية. وتعبيرا عن هذا الموقف من جانب الجيش، رفع صالح من نبرة حديثه تجاه المتظاهرين، الذين كانوا أمس في الشارع بعشرات الآلاف، وقال إنه «يتعين على الجميع فهم وإدراك كل جوانب وحيثيات الأزمة خلال الفترة المقبلة، لا سيما في شقها الاقتصادي والاجتماعي، التي ستتأزم أكثر إذا ما استمرت هذه المواقف المتعنتة والمطالب التعجيزية، مما سينعكس سلبا على مناصب العمل والقدرة الشرائية للمواطن، خاصة في ظل وضع إقليمي ودولي متوتر وغير مستقر، بالإضافة إلى ضرورة التحلي بالصبر والوعي والفطنة من أجل تحقيق المطالب الشعبية، والخروج ببلادنا إلى بر الأمان، وإرساء موجبات دولة القانون والمؤسسات». ويفهم من خطاب قائد الجيش أن مطلب رحيل بن صالح، ورئيس «المجلس الدستوري» الطيب بلعيز، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، أمر «تعجيزي» يعكس «موقفا متعنتا».

وتتضمن كلمة صالح، التي نشرتها وزارة الدفاع، والتي تابعها عشرات الضباط، إيحاءات خطيرة تجاه فرنسا، مفادها أنها سعت لفرض مجموعة أشخاص، يرجح أنهم من المعارضة، لتسيير المرحلة الانتقالية، بدل المؤسسات والمسؤولين الذين ينص عليهم دستور البلاد. وقال في هذا الشأن: «مع انطلاق المرحلة الجديدة واستمرار المسيرات، سجلنا للأسف ظهور محاولات لبعض الأطراف الأجنبية، انطلاقا من خلفياتها التاريخية مع بلادنا، لدفع بعض الأشخاص إلى واجهة المشهد الحالي، وفرضهم ممثلين عن الشعب، تحسبا لقيادة المرحلة الانتقالية». وفهم من تعبير «الأطراف الأجنبية» التي لها «خلفيات تاريخية مع بلادنا»، بأنها المستعمر السابق. لكن صالح لم يقدم أي دليل ولا أي مؤشر يدعم هذا الاتهام، كما لم يذكر من هم هؤلاء الأشخاص الذين يتبعون فرنسا، على حد زعمه.

واستمر صالح في اتهاماته، فتحدث عن «تنفيذ مخططاتهم الرامية إلى ضرب استقرار البلاد، وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، من خلال رفع شعارات تعجيزية ترمي إلى الدفع بالبلاد إلى الفراغ الدستوري، وهدم مؤسسات الدولة، بل كان هدفهم الوصول إلى إعلان الحالة الاستثنائية، وهو ما رفضناه بشدة منذ بداية الأحداث. فمن غير المعقول تسيير المرحلة الانتقالية دون وجود مؤسسات تنظم وتشرف على هذه العملية، لما يترتب عن هذا الوضع من عواقب وخيمة، من شأنها هدم ما تحقق منذ الاستقلال إلى يومنا هذا من إنجازات، ومكاسب تبقى مفخرة للأجيال».

ويقصد الضابط العسكري الكبير بذلك أن استمرار المظاهرات منذ 22 من فبراير/ شباط الماضي، هو بفعل أشخاص يبحثون عن إحداث فوضى، تبرر إصدار حالة الطوارئ، بحسبه، وبالتالي تدخل الجيش، غير أن معطيات الميدان تنفي ما يقول قايد صالح، بحسب مراقبين، لأن الحراك يظل سلميا بشهادة السلطات نفسها، وقد أشاد بن صالح به في خطاب تسلم رئاسة الدولة، بل قال إنه «منبهر به».

وذكر قايد صالح أن «أطرافا مشبوهة حاولت التسلل إلى الحراك»، وأن الجيش «أحبط هذه المحاولة من أجل حماية هذه الهبة الشعبية الكبرى من استغلالها، من قبل المتربصين بها في الداخل والخارج، مثل بعض العناصر التابعة لبعض المنظمات غير الحكومية، التي تم ضبطها متلبسة، وهي مكلفة مهام اختراق المسيرات السلمية وتوجيهها، بالتواطؤ والتنسيق مع عملائها في الداخل، وهذه الأطراف التي تعمل بشتى الوسائل لانحراف هذه المسيرات عن أهدافها الأساسية، وركوب موجتها لتحقيق مخططاتها الخبيثة، التي ترمي إلى المساس بمناخ الأمن والسكينة الذي تنعم به بلادنا».

واللافت أن صالح لم يقدم أي شيء يثبت ما يقول، وقد درج في كل خطاباته التي تناولت «الخطر الخارجي» و«العدو الأجنبي»، على التخويف من تغيير النظام. وأظهر في الأيام الأولى للحراك معارضة لمطلب رحيل بوتفليقة عن الحكم، لكنه غير «البوصلة» مع مرور الوقت، غير أنه يبدو أنه عاد إلى موقفه الأول، حسب بعض المراقبين.

وأطلق قايد صالح وعودا غريبة تتعلق بمحاربة الفساد، وهي قضية من صلاحيات القضاء وتحديدا النيابة، التي تتبع الحكومة. حيث ذكر قايد صالح أن العدالة «استرجعت كل صلاحياتها، وستعمل بكل حرية ودون قيود ولا ضغوطات ولا إملاءات، على المتابعة القضائية لكل (العصابة)، التي تورطت في قضايا نهب المال العام، واستعمال النفوذ لتحقيق الثراء بطرق غير شرعية». وللمرة الثانية يوظف صالح كلمة «عصابة» في خطاب، وهي إشارة إلى رجال أعمال محل شبهة فساد، محسوبين على نظام الرئيس المستقيل. و«العصابة» في القانون، مكانها السجن.

ويعيب مراقبون على صالح أنه ظل لسنوات طويلة عضوا فاعلا في نظام بوتفليقة، من دون أن يضع حدا لمن يصفهم بـ«العصابة»، وأشار في كلمته إلى ملفات فساد كبيرة، قال إن القضاء سيفتح بعضها من جديد، بعدما كانت محل محاكمات وإدانات بالسجن، وأخرى تنتظر معالجتها، وهي ثلاثة: قضية «بنك الخليفة»، وشركة المحروقات «سوناطراك»، وقضية 701 قنطار من الكوكايين تم حجزها العام الماضي.

وحذرت أحزاب وشخصيات معارضة من استخدام العنف ضد المتظاهرين، بعد أن ردت قوات الأمن على مظاهرات أمس باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه. لكن يبدو أن السلطات مصممة على إنهاء مظاهر الاحتجاجات والالتزام باحترام المسار الدستوري، الذي يضمن إجراء انتخابات رئاسية في غضون ثلاثة أشهر. وفي مقابل ذلك تواصلت أمس النداءات للخروج في مظاهرات حاشدة الجمعة لرفض الالتفاف على مطالب الحراك الشعبي.

قد يهمك أيضاً :

قايد صالح رئيس الأركان الذي استحقّ عن جدارة لقب "رجل المرحلة"

بوتفليقة يقيل قائد الجيش الفريق قايد صالح ويحيله على التحقيق العسكري العاجل

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

المفاوضات تحرز تقدّما والغارات الإسرائيلية تواصل عدوانها على الضّاحية…
المحكمة الدولية تطلب اعتقال نتنياهو وغالانت والضيف و هولندا…
حماس توافق على تشكيل لجنة لإدارة غزة وتؤكد مرونتها…
مجلس الشيوخ الأميركي يرفض وقف بعض مبيعات الأسلحة لإسرائيل…
صواريخ نحو الجليل وإسرائيل تحذّر مجدّدا سكان جنوب لبنان…

اخر الاخبار

محمد ولد الرشيد يُجري مُباحثات مع رئيسة الجمعية الوطنية…
وزير الخارجية المغربي يسّتعرض المقاربة الملكية لحقوق الإنسان
فوزي لقجع يُدافع عن مناصب الجيش والأمن لمواجهة خصوم…
ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني بمطار…

فن وموسيقى

رافائيل نادال يختتم مشواره ويلعب مباراته الأخيرة في كأس…
الذكرى التسعين لميلاد فيروز الصوت الذي تخطى حدود الزمان…
سلاف فواخرجي تؤكد أنها شاركت في إنتاج فيلم "سلمى"…
نادين نسيب نجيم تكشف عن سبب عدم مشاركتها في…

أخبار النجوم

أحمد سعد يوجه رسالة ليسرا في حفل غولدن غلوب
نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية
أكرم حسني يكشف حقيقة تقديمه "الناظر 2"
يسرا وحسين فهمي يحصدان جائزة "عمر الشريف للتميّز" في…

رياضة

بيب غوارديولا يكشف سبب تمديد تعاقده مع مانشستر سيتي
كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
أبرز المحطات في مسيرة لاعب التنس الاستثنائي نادال التي…
المغربي أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل…

صحة وتغذية

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على…
فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية

الأخبار الأكثر قراءة

تل أبيب تعلن مقتل أكثر من 67 عسكريا إثر…
هاريس تنشر تقريرًا عن صحتها لكسب نقطة على حساب…
الاحتلال ينسف عشرات المنازل في جباليا ويغلق مناطق بالجليل…
إسرائيل تقضي ثالث غفران تحت النيران وترفع حالة التأهب…
قوات اليونيفيل ترفض طلب إسرائيل بإخلاء مواقع قريبة من…