الكويت-المغرب اليوم
أكّد مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي، أن قضية فلسطين لا تزال في صدارة الأولويات العربية.
و أسف لقرار الولايات المتحدة خفض مساهمتها المالية لدعم وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى "أونروا"، ذكّر بأنه استنادًا إلى نسبة الدخل القومي لعدد السكان، "فما نقدمه يفوق ما يقدمه الأميركيون" لهذه الهيئة الدولية.
ونفى بشدة الاتهامات ضد التحالف في اليمن، لافتًا أن جماعة الحوثي "تستهدف المدنيين بشكل متعمد" بالإضافة إلى إطلاق الصواريخ الباليستية بشكل عشوائي ضد المناطق الآهلة في السعودية.
ووصف العلاقة بأنها "ممتازة للغاية" بين الكويت والمملكة التي "من حقها أن تدافع عن نفسها". وطالب إيران بـ"الكف عن التدخل في الشؤون الداخلية" لليمن وغيره من الدول العربية, محذّرًا من المس بحرية الملاحة البحرية لأن "إغلاق أي مضيق يشكل انتهاكًا فاضحًا للقوانين الدولية".
وقال العتيبي، الذي تشغل بلاده حاليًا أحد المقاعد الـ15 في مجلس الأمن منذ بداية 2018، إن "جدول الأعمال مثقل بالقضايا العربية". وأكد أن "الكويت تمثل المجموعة العربية في مجلس الأمن. مضيفًا" من واجبنا ومسؤوليتنا أن ننقل الهموم والشواغل العربية وأن ندافع عنها"، مشددًا على أن "القضية الفلسطينية تعد الأولوية الأولى بالنسبة لنا, والأولوية التالية للقضايا الإنسانية, والثالثة لحل النزاعات بالطرق والوسائل الدبلوماسية والوساطة والدبلوماسية الوقائية, والرابعة لتحسين أساليب وطرق عمل مجلس الأمن".
وأقر بأن "هناك تحديات كبيرة في الدفاع عن القضايا العربية؛ في اليمن وسورية والعراق وليبيا والسودان والصومال، بالإضافة إلى القضية الفلسطينية، نظرًا لتركيبة مجلس الأمن والانقسامات ما بين أعضائه".
فلسطين و"أونروا" والولايات المتحدة
وقال "ردًا على سؤال عن تصريحات نظيرته الأميركية نيكي هايلي بأن القضية الفلسطينية ينبغي ألا تكون من الأولويات، "نتفق مع الولايات المتحدة في مواضيع كثيرة جدًا على جدول أعمال المجلس، ولكن في القضية الفلسطينية، موقفنا مبدئي وثابت؛ وهو الموقف العربي والموقف الإسلامي، ونحن نمثل هذا الموقف"، مذكرًا بأن الكويت ومنذ انضمامنا إلى الأمم المتحدة عام 1963، نصوّت على كل القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والولايات المتحدة تصوّت بشكل آخر وأن الخلاف ليس وليد اللحظة".
وأكّد أن "جوهر المشكلة هو الاحتلال، فعندما تنهي الاحتلال يتوقف الاستيطان وتتوقف مصادرة الأراضي وسرقتها وتنهي ملف الحدود ومشكلة القدس واللاجئين"، مضيفًا أن "المطلوب هو أن تستأنف العملية السلمية على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ومبدأ الأرض مقابل السلام".
وأوضح ردًا على خفض الولايات المتحدة مساعداتها المالية لوكالة "أونروا" :أنها وكالة دولية أنشأتها الأمم المتحدة عام 1949 ,ومنذ نشأتها، تقع مسؤولية تمويلها على المجتمع الدولي بأسره وليس على عاتق دول بعينهاو هذه ليست مسؤولية الدول العربية فحسب".
وأوضح أنه "كانت هناك محاولات سابقة لجعل تمويل "أونروا"من الميزانية العادية للأمم المتحدة بدلاً من إبقائه بشكل طوعي، ونحن لا مشكلة لدينا بذلك وأن تموّل "أونروا" بحسب الأنصبة إن حصل". وقال إنه "وفقًا لمبدأ النسبة والتناسب، واستناداً إلى نسبة الدخل القومي على عدد السكان، ما نقدمه يفوق ما تقدمه الولايات المتحدة، في فلسطين وغير فلسطين، رغم أن الولايات المتحدة أكبر مانح للوكالة".
وذكّر بأنه "حتى عندما كانت الكويت محتلة عام 1990، لم نقطع تبرعنا الطوعي لـ(أونروا)".
الحوثي يستهدف المدنيين عمدًا
و قال إن المبعوث الدولي مارتن غريفيث دعا إلى مفاوضات في سبتمبر /أيلول المقبل في جنيف في محاولة للتوصل إلى حل سياسي. وذكّر السفير العتيبي باستضافة الكويت محادثات الجولة الثالثة بين الأطراف اليمنية. ونفى بشدة اتهامات البعض للتحالف باستهداف المدنيين, ولكنه لفت إلى "أخطاء تحصل ويتم الاعتراف بها. وأكّد وجود آلية للتحقيق في مثل هذه الأخطاء إن وقعت", و"تقوم جماعة الحوثي باستهداف المدنيين بشكل متعمد. ويطلقون الصواريخ الباليستية بشكل عشوائي ضد المنطق الآهلة في السعودية ,موضحًا أن هذه الأمور مخالفة للقانون الدولي. . وقال إن من حق المملكة العربية السعودية أن تدافع عن نفسها".
وأكد أنه "يجب الالتزام بقرارات مجلس الأمن، وبخاصة القرار (2216) الذي يطالب الحوثيين بالانسحاب من المناطق التي سيطروا عليها إثر انقلابهم على الشرعية في سبتمبر/أيلول 2014، وكذلك تسليم أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة"، لافتًا إلى أن "جماعة الحوثي مكون اجتماعي أصيل في اليمن، ومن حقهم أن يكون لهم تشكيل سياسي وأن يشاركوا في الحكومة وفي الانتخابات".
دور إيران في "الصواريخ الباليستية"
وأوضح أن "إيران دولة جارة ومسلمة وندرك بأن لديها مصالح في المنطقة، ولكن هذه المصالح يجب ألا تؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة مطالبًا إيران بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية".
ولفت إلى أنه في ما يتعلق بملف إيران في مجلس الأمن، فإن "المدرج على جدول الأعمال هو الملف النووي"، مضيفًا أنه "من حق أي عضو - مثل الولايات المتحدة - أن يثير المواضيع الأخرى، كالدور التخريبي الإيراني". وكشف أن الكويت "صوتت لصالح مشروع قرار تقدمت به المملكة المتحدة في فبراير /شباط 2018، تضمن ما ورد في تقرير فريق الخبراء للجنة العقوبات على اليمن بأنه قد يكون لإيران دور في تصدير الصواريخ الباليستية إلى اليمن، ولكن روسيا استخدمت (الفيتو) لمنع اعتماد ذلك القرار في فبراير الماضي".
و حذّر من أن "إغلاق أي مضيق يشكل انتهاكًا فاضحًا للقوانين الدولية ويلحق أضرارًا بالاقتصاد العالمي".
وقال عن الخلية الإيرانية التي تم توقيفها في الكويت، "اتخذنا إجراءات"، قائلًا"لدينا علاقات مصارحة ومكاشفة مع إيران، التي لا نريد أن تتدخل في شؤون أحد". وذكر بأن "القرار (598) يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أن يجري اتصالات مع كل دول المنطقة من أجل التوصل إلى ترتيبات وتدابير لتعزيز أمن واستقرار المنطقة".
400mمليار دولار لإعادة إعمار سوريا
وتحدث العتيبي عن الأزمة السورية، قائلًا إن "ما يحصل في سورية كارثة؛ إذ وصل عدد القتلى إلى أكثر من نصف مليون، وعدد من خرجوا لاجئين وصل إلى 5 ملايين، والمشردين 6 ملايين. بالإضافة إلى هذه المآسي، هناك أحاديث عن حاجة البلاد إلى نحو 400 مليار دولار لإعادة الإعمار" في سوريا. وتحدث عن إصدار القرار "2401" بجهد مشترك مع السويد في فبراير الماضي خلال الأحداث في الغوطة الشرقية، آسفًا لأن "هذا القرار لم ينفذ". ورد ذلك إلى "الانقسام في مواقف الدول الأعضاء"، ملاحظًا أن روسيا "استخدمت امتياز النقض (الفيتو) 12 مرة، مما جعل مجلس الأمن شبه عاجز عن معالجة الوضع في سوريا". وشدد على أن بلاده "تدعم قرارات مجلس الأمن والتسوية السياسية على أساس القرار (2254)".
وقال إن "مجلس الأمن يمكن أن يكون مؤثرًا عندما يكون موحدًا"، ملاحظًا أنه "في بعض الأحيان يكون المجلس موحدًا، ولكن الأطراف المعنية غير مستعدة للسلام"، مشيرًا إلى مثال جنوب السودان. وأضاف أن الأطراف الليبية "وقعت على اتفاق الصخيرات. ولكن هناك من يقول الآن إن ثمة حاجة إلى تعديله، والآن يتحدثون عن اتفاق آخر".
الكويت والسعودية تساعدان العراق
وقال عن العبرة التي يمكن أن تؤخذ من تجربة الكويت والعراق كي يمارس مجلس الأمن دورًا في تسوية الأزمات العربية، مضيفًا"منذ أيام قليلة، مرت الذكرى الثامنة والعشرين للغزو العراقي لدولة الكويت. هذه الذكرى مريرة وقاسية ولن ننساها. ولكن نحن نستخلص العبر منها. ونعمل حالياً مع الحكومة العراقية على تجاوز كل آثار الماضي والمغامرات الكارثية للنظام السابق"، مشيرًا إلى "إحراز تقدم في كثير من الأمور، والعلاقة تمضي في مسارها الصحيح". وأضاف أنه "بسبب العمليات ضد "داعش" كان هناك نازحون عراقيون بمئات الآلاف وقدّمنا مساعدات لهم بشكل مباشر ومن خلال الأمم المتحدة". ولفت إلى أنه "بعد انتهاء العمليات، استضفنا في فبراير الماضي المؤتمر الدولي لإعادة بناء العراق، وقد أدى إلى تعهدات بقيمة 30 مليار دولار.
وتابع أن الكويت تعهدت بمبلغ ملياري دولار". وكذلك "عندما اجتاحت المظاهرات أخيرًا محافظات الجنوب احتجاجًا على مستوى الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، كنا مع السعودية من أوائل الدول التي قدمت مساعدات عاجلة". وتمنى أن "يأخذ الآخرون عبرة" من كل هذه الأمور.
ووصف المندوب الكويتي العلاقات مع السعودية ودول الخليج بأنها "ممتازة للغاية"، مشيرًا أن "الكويت ضمن دول التحالف في موضوع استعادة الشرعية في اليمن قائلًا"لدينا تقريبًا تطابق في وجهات النظر مع المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج في كثير من القضايا الدولية